إيمان سراج الدين
حدوتة غالية
في مهرجان فينيسيا أطلت الفنانة درة بكامل أناقتها المعهودة وفي تلك الأثناء أطلت علي المشاهدين أيضًا بدور غالية من خلال مسلسل “زي القمر“، ورغم الاختلاف بين الواقع والتمثيل، ظلت أناقتها كما هي، الاختلاف، في فينيسيا كانت أنيقة الشكل والملبس، أما “غالية” فهي أنيقة في أداء الدور، أجادت درة في تأدية دور غالية، وهذا دليل الممثل الجيد، أن يخرج من شخصيته الحقيقية ليرتدي ثوب شخصية العمل الدرامي.
درة في شخصية غالية أثبتت أنها في مرحلة النضج الفني منذ الحلقة الأولي وتشعر فعلًا أنها غالية.
يحكي العمل عن شخصية غالية، الموسيقية التي تعشق مهنتها، والبنت التي كل ما يتمناه لها والدها، هو الزواج، ومع إلحاح الأب ترضخ لرغبته وتوافق على أن تعيش تجربة الزواج بوكيل. لتكتشف في مفاجأة لم تكن متوقعة مع اقتراب سفرها إليه لإتمام الزواج، أنه متزوج وله أبناء، وهنا ينتهي الزواج قبل أن يبدأ وتبدأ الحدوتة.
القصة متكررة في المجتمع المصري وليست غريبة عنه وخاصة في الأرياف، الزوج خارج البلاد ويريد أن يتزوج، لكن ظروف عمله أو ظروفه المادية، لا تسمح بعودته لإتمام الزواج فيفكر في موضوع الوكيل، ولا أدري كيف يوافق أب علة تزويج ابنته لوكيل مهما كانت الأسباب التي اضطرته لذلك ونفس الشيء بالنسبة للعروس.
“أنا كنت طول عمري قوية
ومستنية ابن الحلال وراضية
لكن ضعفت
أنا وافقت على صورة إبراهيم
عشان أكمل صورتي قدام أهلي والمجتمع والناس”.
جزء من حوار غالية، وللأسف كلامها حقيقة وواقع، الأهل والمجتمع والناس، سبب في كثير من كوارث الزواج، المرأة في بعض الأحيان تتزوج فقط لإرضاءهم وتكون النتيجة في النهاية إما الطلاق أو الانفصال، لكنها الآن أصبحت واعية، تتمتع بجزء كبير من الإستقلالية والجرأة في اتخاذ قرار الزواج وأصبحت كلمة عانس التي كانت تخشاها في السابق، دافع لها في إثبات ذاتها وأن الزواج لم يعد هو الهدف الأساسي في حياتها.
الشيء الجميل في العمل هو اختيار إسم غالية أعتقد أن اختيار الإسم لم يأتي مصادفة، لكنه إثبات لغلوها وقيمتها لدى نفسها ولدى المجتمع.
من الجيد أن تتجه شركات الإنتاج إلى التركيز على عرض المشاكل التي تتعرض إليها المرأة في المجتمع الشرقي مؤخرًا، وأرى أن ذلك اتجاهًا حاليًا في الدراما لتصبح أكثر واقعية في مناقشة قضايا المرأة ربما تكن تلك الأعمال سببًا في لفت الانتباه إليها وتحذير مباشر من الوقوع فيها، فالدراما هي أقصر الطرق لنشر الوعي بقضايا المجتمع والمرأة بشكل خاص.
أسهمت السوشيال ميديا في إعطاء المرأة الفرصة للتعبير عن نفسها وربما كان هذا سببًا في الاتجاه لمناقشة قضاياها فالدراما قادرة على التأثير في الواقع وربما تغيره.
لم يكن زي القمر التجربة الأولى للمخرجة شيرين عادل التي تناقش فيها مشاكل المرأة، بل قدمت من قبل مسلسل “بعد الفراق” الذي عرض نماذج للمرأة في المجتمعات العشوائية.
تحية لكل صناع العمل، وتحية خاصة للفنان مراد مكرم علي سلاسة الأداء، هشام إسماعيل المقنع جدًا، المتميز أحمد حلاوة، وأحمد حسني وأحمد فرغلي كتاب العمل، فقد فاجئونا بسيناريو جيد وقوي ومختلف وقضية هامة لم تتطرق إليها الدراما من قبل.
لاقى العمل نجاح كبير وتفاعل جماهيري أوصله لاعتلاء قائمة الترند فهنيئًا لصناعه هذا النجاح.