إن الدعوة التى وجهها خادم الحرمين الشريفين للمصريين، شعباً وقيادة، بالتجاوب مع مقررات اتفاق الرياض التكميلى، الذى تم توقيعه يوم الأحد الماضى، يجب أن تحظى بالاحترام والتجاوب اللائقين من المصريين جميعاً.
لقد رحبت القيادة المصرية ترحيباً واضحاً بدعوة العاهل السعودى، وهو ترحيب ينطوى على الاستعداد للتجاوب معها، وبذل الجهود اللازمة لتفعيلها على النحو الأمثل، فى الوقت الذى لم يصدر فيه عن القيادة القطرية ما يفيد بالحرص على تنفيذ أى التزامات تخص السلوك القطرى إزاء مصر على وجه التحديد.
بل إن القطريين حرصوا أيضاً على أن يستردوا جزءاً من وديعة كانوا قد وضعوها فى البنك المركزى المصرى، خلال رئاسة مرسى، بعدما حولوها من «ديون سيادية» إلى «ديون تجارية»، كما قالت «مصادر حكومية»، لعدم ترك أى فرصة أمام القاهرة لتأخير ردها.
سيكون الجانب المصرى قادراً على رد تلك الوديعة فى الموعد المحدد، لكن هذا الأمر سيسبب إرباكاً ويترك آثاراً سلبية على الاحتياطى النقدى، وهو أمر سيئ من دون شك، فضلاً عن كونه يعطى إشارة واضحة إلى أن الدوحة مازالت عازمة على إرباك الأوضاع المصرية بقدر ما تتيح لها الظروف.
تتوزع دعوة العاهل السعودى للمصريين على مسارين أساسيين، أحدهما هو المسار السياسى الذى يخص الدولة وقيادتها، وهو مسار أوضح الرئيس السيسى الموقف الرسمى إزاءه، بإيجاز وحكمة، فى لقائه الأخير مع قناة «فرنسا 24»، حين اكتفى بالقول، معلقاً على النتائج المتوقعة للاتفاق: «دعونا ننتظر لنرى». ليس مطلوباً من القيادة المصرية فعل شىء محدد فى هذا الصدد، لأنها ببساطة لم تبادر بالهجوم أبداً، ولم تبادل الممارسات القطرية الشائنة بمثلها، وأظهرت صبراً بدا دوماً «جميلاً».. وأحياناً أكثر من المطلوب.
ستنتظر القيادة السياسية لترى ما سيفعله القطريون إذن، ثم سيكون لكل حادث حديث، لكن ماذا عن الإعلام والرأى العام؟
يعتقد كثيرون أن قطر تمول عمليات إرهابية فى مصر، ومن الواضح جداً أنها تؤوى إرهابيين ومطلوبين مصريين، كما أنها توفر منصات دائمة للتحريض على العنف وإثارة الكراهية وزعزعة استقرار الدولة، لكن ليس هذا هو أخطر ما يصدر عن تلك الدولة تجاهنا.
تعد شبكة قنوات «الجزيرة» إحدى أكثر أدوات الشر الذى تُصدّره قطر للدولة المصرية وشعبها فعاليةً ونفاذاً، وبين تلك القنوات تبرز «الجزيرة مباشر مصر» كعدوان صريح على الإرادة الوطنية للمصريين، ومعول هدم وكراهية لا يشق له غبار.
إن الحديث عن «الجزيرة مباشر مصر» بوصفها وسيلة إعلام ليس سوى تدليس، لأنها تمارس أسوأ أنواع التحريض على العنف، وإثارة الكراهية، واختلاق الوقائع، وتقويض الاستقرار، وهى جرائم لا يمكن السماح لأى وسيلة إعلام بممارستها فى أى دولة من دول العالم المتقدمة.
إضافة إلى ذلك، فإن تلك القناة تعد اعتداء صارخاً على مبدأ السيادة الوطنية فى تنظيم المجال الإعلامى لأى دولة، إذ إنها تعمل من دون أى وضع قانونى أو تراخيص أو موافقة من السلطات المعنية.
ستنتظر القيادة المصرية لترى ما إذا كانت قطر ستتوقف عن دعم الإرهاب واستهداف الدولة سياسياً وأمنياً، وستقرر حينها ما الخطوة التالية التى يجب اتخاذها فى هذا الصدد.
أما الإعلام والرأى العام المصريان، فليس عليهما سوى أن يراقبا «الجزيرة مباشر مصر»، فإن أُغلقت فثمة أمل فى إصلاح العلاقات، وإن ظلت على كيدها وتدبيرها الشرير فستكون تلك إشارة أكيدة إلى أن قطر ستظل مقيمة على عدائها لمصر والمصريين.
وفى تلك الحال، لن يكون هناك أمل فى مبادرات جديدة، ولن يكون هناك تبرير للصبر والاحتمال، ولن يبقى بوسعنا آنذاك، شعباً ودولةً، سوى أن نُفهم قطر أن تكاليف سلوكها الشاذ ضدنا أكبر من عوائده.. وهو أمر لا نتعجله، ولا نتمناه.
نقلًا عن “المصري اليوم”