صدر حديثًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، للكاتب والناقد الأدبي الدكتور أحمد عزيز، كتاب “السرد والتاريخ من التوثيق إلى التخييل”.
يؤكد الباحث في كتابه على أن العلاقة بين الأدب والتاريخ قائمة على قدر كبير من التداخل، فكلاهما يستمد مشروعيته من الواقع حتى ولو لم يكن موضوعيًّا، وكلاهما له بنيته السردية حتى لو اختلفت درجة أدبيته ولا يمكن أن يدعي أحدهما اليقين الكامل، دون أن يلفت انتباهنا لقيمة بعينها، واعتبر بعض النقاد المشتغلين بنظرية الأدب أن الرواية ـــ أية رواية ــــ هي في الواقع تاريخ تخييلي.
وأوضح أن الروائي الذي يستخدم التاريخ، يحاول أن يجمع أحداث الماضي وإعادة صياغتها في قالب فني جديد، حيث تعد الرواية من الفنون الأدبية الحديثة، والرواية التاريخية هي إحدى أنواعها، والحديث عن الرواية التاريخية هو الحديث عن امتزاج الأدب بالتاريخ، فالتاريخ خلفية الحاضر، فكاتب الرواية التاريخية يحاول أن يجمع وقائع الماضي وتضمينها روايته على أساس من المعرفة الصرفة بركام من المعطيات التاريخية الكمية، ليستطيع إعادة نقشها في لوحة متناسقة صادقة معبرة، محاولا تركيب الماضي المتناثر شظايا في كل مكان في متن روايته، بحيث يعيد للماضي تألقه، ويحمل العبرة للحاضر، ويستشرف المستقبل.
والباحث يعرض بالتحليل مستويات السرد ويذكر سياقها وتتابعها المنسوج، والوعي المدرك بالتاريخ والإلمام بالتراث ومعرفته وفهمه، حسب نسبية المقارنة والمعيار الحكمي بينهم؛ من خلال: ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور والسائرون نيامًا لسعد مكاوي وأهل البحر لمحمد جبريل.
ويقول الباحث إن أهم خصائص الرواية أنها تقوم على الخيال، فهي تصور الأشخاص الخياليين والمواقع التخيلية، والتصور عنصر أساسي في الرواية ولا نستطيع أن نتحدث عن طبيعة الرواية دون أن نلم بالعلاقة التي تربط بين الرواية والواقع الموضوعي، ثمّ دور الخيال داخل العلاقة، وليست الرواية تسجيلا أمينًا للواقع، ولا يقصد الروائي آلية الأحداث التي حدثت، ولا تصويرًا فوتوغرفيًا للواقع، وقد تكون أبعاد القصة متشابهة مع الواقع الموضوعي، لكنها مهما تقاربت مع صور الواقع، فإن الروائي يبنيها باستخدام الخيال.