فاتن الوكيل تكتب: نور الشريف كل هؤلاء وأكثر

لا يخلف الموت موعده، لكنه يبقينا دائما على غير استعداد، لا يدعنا نفلت من الدهشة والصدمة على الرحيل، حتى وإن كنا نرى عزيزا لدينا تنقص قطعة من روحه كل يوم بفعل المرض، لكننا نحاول تجاهله ونبقى دائما “على أمل”.

نور الشريف.. مات، هي الحقيقة المجردة بدون أي “تزويق” للكلام، على غرار ما تفننت فيه المواقع من قول “رحل سواق الأوتوبيس.. رحل آخر الرجال المحترمين.. رجل ابن رشد السينما المصرية”، ولكن هو بالفعل كل هؤلاء.. وأكثر.

الانحناءة البسيطة في كتفيه لم تأت من فراغ، فهو المهموم دائمًا بـ”وعي المواطن”، حتى في عمل كوميدي مثل “غريب في بيتي” تجد كيف أن اللاعب الموهوب المحب للزمالك “شحاتة أبو كف” تعاملت معه إدارة النادي على أنه “سلعة” ومكنة لتسجيل الأهداف، رسالة للرياضة المصرية متوارية خلف خفة ظل الفنان “الزملكاوي جدًا”.

غريب في بيتي
              غريب في بيتي

أما باقي أعماله فلا يمكن أن تخلو من قضية وهدف ورسالة حقيقية، ولكن هناك أعمال كانت بمثابة “صرخة”، علم “نور” أنه لابد أن يكون واضحًا فيها، فهي لا تقبل اللون الرمادي، فكان “حسن عز الرجال” في “كتيبة الإعدام”، وناجي العلي” في الفيلم الذي حمل اسم رسام الكاريكاتير الفلسطيني، الذي اغتاله خذلان الرفاق قبل سلاح العدو.

الصرخة الأولى، كانت “كتيبة الإعدام”، الذي برع فيه “نور” بشخصية “حسن عز الرجال”، فاختيار الاسم في حد ذاته إبداع، ولا يمكن تخيل ممثل آخر يمكنه أن يقوم بهذا الدور، فمصر بأكملها تمثلت فيه، وكيف تغير بنا الحال بعد نصر أكتوبر، كيف أصبح الفدائي في نظر الناس خائنًا، والخائن امتلك البلد بأكلمها، لكن بساطة “عز الرجال”، لم تمنعه عن البحث عن الحقيقة، والثأر الذي لم يكن يطلبه في بداية الفيلم، ولكنه في النهاية وجد أنه ضرورة وحق، فكّون كتيبته من العناصر الشريفة التي لم تتلوث بـ”ميل الحال” الذي حدث، حتى أن الضابط الذي قام بتعذيب “عز الرجال” خلال أحداث الفيلم، نجده ضمن كتيبة إعدام العدو الحقيقي.. “الخائن”.

كتيبة الإعدام
                         كتيبة الإعدام

أما فيلم “ناجي العلي”، فبالرغم من أن “نور” كان يتكلم خلاله “فلسطيني مكسر”، إلا أنه أقنعنا بأنه يحمل هموم ناجي العلي، وغربته ووحدته التي أنتجت شخصيته الكاريكاتيرية الأشهر “حنظلة”.

الفيلم “مغضوب عليه”، رسميًا منذ أن رأى النور، حتى أن الشريف بكى في آخر حوار تلفزيوني له، بعدما تذكر كيف كانت الصحف المصرية تصفه بالخائن لإنتاجه وتمثيله هذا العمل العظيم، بالرغم من موافقة الرقابة عليه، وأفتتح به مهرجان القاهرة السينمائي وقتها، لكنه عرض “أخيرًا” على التلفزيون المصري منذ قرابة العام.

“ناجي العلي”، دليل آخر على أن نور الشريف يهمه في المقام الأول “الوعي”، قبل الشهرة و”راحة البال”، لهذا سيبقى الشريف أيقونة للفنان المثقف المبدع، وسيظل حنظلة يدير لنا ظهره، ينظر إلى فلسطين، ويتذكر رفاقه وأحبائه “ناجي .. ونور”.

نور-الشريف-فيلم-ناجي-العلي
                         ناجي العلي

اقـرأ أيضـاً:

18 خبر من جنازة نور الشريف

محمود ياسين يكتب: نور.. وأنا

23 معلومة عن نور الشريف

مشوار نور الشريف في 30 صورة  

إياد صالح : نور الذي يسبق “نوره” دايما نور الشمس

وصية نور الشريف للفضائيات المصرية

وفاة الفنان نور الشريف

.

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا