أسماء شكري
شاهدت مسرحية بهية ضمن فعاليات انطلاق الدورة التأسيسية لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة، من تصميم وإخراج كريمة بدير وبطولة الممثل والكاريوجرافر هاني حسن في أول ظهور منذ شهور بعد أزمة صحية مر بها، والمسرحية عبارة عن عرض راقص مستوحى من قصة بهية وياسين التراثية الشهيرة؛ وقدمتها فرقة فرسان الشرق التابعة لدار الأوبرا المصرية. مسرحية بهية
من اسم المسرحية توقعت أن أشاهد قصة بهية وياسين بتفاصيلها المعروفة مع بعض الرقصات وحسب، ولكن لم يكن الأمر مجرد عرض لقصة شعبية تداولها المصريون عبر سنوات، إذ نجح القائمون على العرض في توظيف موروث بهية وياسين في قالب جديد؛ يتسم بالحداثة والتطور عما ترسخ في أذهان المصريين من تفاصيل حب بهية وياسين، وقصتهما التي خرجت من صعيد مصر.
المختلف في عرض بهية هو اعتماده على الرقصات بقدر أكبر من الحوار أو الكلام، من أول افتتاح المسرحية بعرض صامت رائع للراقصين بملابس أشبه بالأكفان مع موسيقى مميزة، وحديث قصير تمثل في جمل مختصرة؛ عن ماهية الموت والخوف منه.. وهل علينا مواجهته أم التسليم به كأمر قدري؟ تابلوه راقص مختلف جعلني أفكر في معاني كل حركة أكثر من اهتمامي بمدلول الكلام القليل؛ أي جعلني أفكر بالرقص بدلا من الكلام.
أكثر من مرة وجدتني في حالة عصف ذهني وأنا أشاهد الرقصات الكثيرة والمتنوعة التي تخللت المسرحية، والتي شكلت نسبة 80% منها تقريبا؛ وانبهرت مثلي مثل الجمهور الذي شاهد العرض بكم وتنوع الرقصات، ما بين الباليه والكلاسيكي والحديث والرقص الشعبي والصعيدي، ألوان وأشكال من التابلوهات الراقصة التي شارك فيها شباب وفتيات واعدون نجحوا في إبهار وإمتاع الجمهور؛ وجعلوا القاعة تضج بالتصفيق أكثر من مرة، خاصة مع كل ظهور لهاني حسن؛ الذي تلقى دعما كبيرا من جمهور العرض وترحيبا بعودته.
اعتمد الحوار في عرض بهية على الخطوط العريضة للقصة؛ من حب بهية وياسين ووعوده لها بأن يتزوجا وألا يفترقا، إلى التآمر على ياسين وقتله، إلى معاناة بهية بعد مقتل ياسين والتي جسدتها أكثر من رقصة لراقصات العرض؛ انتقالا لصدامهن مع بعض الرجال الذين يقهروهن؛ كناية عن الظلم والقهر الذي تعرضت له بهية بعد مقتل حبيبها، وصاحب كل ذلك موسيقى متميزة شكلت عنصرا مهما من عناصر اكتمال العرض؛ وانسجم الجمهور مع نغماتها التي جاءت مناسبة لمشاعر متناقضة، ما بين الحب والظلم والخوف والقهر والمقاومة والسعادة.
نجح عرض بهية في تقديم القصة التراثية في شكل جديد يناسب الأجيال الحالية، التي ربما تعرّف معظمهم لأول مرة على قصة بهية وياسين من خلال مشاهدتهم للمسرحية، التي رفعت شعار: كثير من الرقص.. قليل من الكلام.