اثقلتنا مؤخراً اخبار وفاة كثر من أحبابنا، فيبدو لك ان قائمة مهام ملك الموت اكتظت، فأطاحت بالكثير، وبالأخص الوسط الفني فتلاحقت فيه أخبار الوفاة سريعاً: عمر الشريف ،سامي العدل ، رأفت الميهي ، ميرنا المهندس ، وأخيرا نور الشريف ثم علي حسنين ، رحمة الله عليهم جميعاً.
دموع وحزن وتعازي وربما رثاء من أحباب هؤلاء من أهلهم ومن الوسط وكذلك محبيهم ، الجميع يتحدث عن أجمل ما في الراحل، وربما يفضح بعضهم سراً أخفاه ليكشف جانباً مضيءً من حياته عملاً بمبدأ (اذكروا محاسن موتاكم) .. ثم يأتي موعد تشييع الجثمان لتتهافت عدسات المصورين في رصد تلك اللحظات ونقلها للمشاهد وخاصة المتابع عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ويجتهد كثر لتوثيق أصعب لحظة ضعف او انهيار لأهل وأقارب المرحوم ونقلها للمتابع، الذي بدوره لا يتوانى عن متابعتها.
أشفق على الصحفي والمصور ومتاعب مهنته وعمله في هذه الظروف، وما يتعرض له من إساءة أحياناً، وإهانة أحياناً إثر انفعال أهل الفقيد ورفضهم إقحامه وسط أحزانهم، وتلصصهم على مواضع ضعفه وكأنه سادي يستمتع بإهاتهم وبكاءهم.. كما أشفق على أهل الراحل، الذي اختار أن ترافقه عدسات الكاميرات في حياته، فأجبر أهله ضمناً أن لا ترحمهم تلك العدسات ولو بعد مماته.. لازم صورة في الجنازة!
في الجوازة ربما قد يتفهم البعض هذا التدخل للعدسات والمصورين، ففرحته أكبر من أن يفسدها خلاف مع مصور او صحفي غير مرحب بوجوده ، ويمكنه تبرير هذا انه حب واهتمام بشخصه، ومشاركة له لفرحته ، كما انه يظهر في أفضل حالاته وقد ان استعد ليواجه فلاشات الكاميرات، وربما لا يُقدر البعض الاخر كل هذا، فيرفض اقتحام لحظاته الخاصة وإفسادها.
أما في الجنازة ، فقد رحل من اعتاد هذا العبء وصبر أهله عليه ، رحل وترك أهله، فنفذ رصيد صبرهم برحيله ، تركهم مكلومين في أوهن حالاتهم بفقدانه! فلا مجال لصورة فجنازة، ولا تستطيع أن تلومهم في أي ردة فعل عنيفة أشفق على البعض منها..
الغريب أن كثير منا كجمهور يتهافت على فتح اللينكات للعناوين الأكثر اثارة ،وكاننا أيضاً جمهور سادي نتلذذ بمشاهدة معاناة البعض!! لتسجل تلك العناوين أعلى نسبة مشاهدة : إغماء ، كارثة، هرج ومرج في الجنازة، مشادة مع مصور ….الخ
فلا تستطيع اذاً ان تلوم أيضاً عدسة حاولت اختلاس لحظة ضعف، وجدت لجمهور متعطش يتابع الجنازة متابعته للجوازة!