أسماء شكري
الطفاية دي
“الطفاية دي”.. ترند انتشر خلال الأيام الماضية من خلال مقطع فيديو تداوله مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، لبائع أنتيكات وطفايات وتحف يسوق لمنتجاته داخل أحد القطارات، وما لفت انتباه الكثيرين هو طريقة تسويقه لمنتجاته بأسلوب طريف وفصيح في نفس الوقت، إذ يبدأ حديثه عن منتجاته بأشهرها وهي طفاية السجائر.
الفيديو يظهر فيه شاب يبدو من لهجته أنه صعيدي، ويحمل في يده تحفا لتزيين نيش العرائس ومجموعة براويز مكتوب عليها آيات قرآنية وغيرها من منتجات الهدايا، ويبدأ الفيديو بقوله: “الطفاية دي” ويكررها 3 مرات، فيسأله أحد الركاب بدهشة: “مالها الطفاية بتاعتك يا أبو عمو؟” فيبدأ الشاب بذكر مميزات الطفاية وغيرها من منتجاته التي يصنعها بيده، بحديث مثقف يشجع فيه المواطنين على شراء المنتجات المحلية بدلا من المستوردة.
انتشر مقطع الفيديو بسرعة كبيرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتداوله مستخدموها بكثرة خاصة عبر تطبيق تيك توك الشهير، بعدما أصبحت جملة البائع “الطفاية دي” مشهورة وسط الناس، فبدأوا يستخدمونها في فيديوهات طريفة على تيك توك؛ للتعبير عن مواقف متعددة، مما زاد من شهرة الشاب وجملته العفوية.
الغريب أن مقطع الفيديو ليس حديثا كما تصور الكثيرون، وإنما اتضح أنه صُور منذ عام تقريبا، ولكنه انتشر بسرعة منذ أيام قليلة، ليصبح صاحب جملة “الطفاية دي” معروفا لدى مستخدمي السوشيال ميديا، كما بدأت عدة مواقع إخبارية وقنوات فضائية ووسائل إعلام مختلفة تستضيفه ليروي قصته وحكاية الفيديو الشهير.
الشاب الذي لُقب بـ “البائع الفصيح” يُدعى أيوب عبد اللاه من محافظة قنا مركز نجع حمادي، ذكر في حواره مع الإعلامي يوسف الحسيني في برنامج التاسعة عبر القناة الأولى، أنه لم يكن ملما بشكل كبير بالسوشيال ميديا، واستيقظ ذات يوم على مكالمة هاتفية من شقيقه قائلا له إنه أصبح تريند بسبب هذا الفيديو.
أيوب أخ أكبر لـ 7 أشقاء بينهم 5 فتيات، تحمّل المسئولية بعد وفاة والده وكان ما زال طالبا في المرحلة الثانوية، فترك دراسته ليساعد أسرته على المعيشة وزوّج شقيقاته الخمس، وقرر قبل سنوات أن يصنّع تحف وأنتيكات النيش والطفايات وغيرها من أنواع الهدايا الخفيفة، ويفعل كل ذلك بمساعدة والدته وأشقائه، فيصنع الهدايا تلك من الجبس والبورسلين وغيرها، ثم يلونها ويعرضها للبيع في وسائل المواصلات، ولكن نشر مقطع الفيديو هذا جاء بالمصادفة، فأصبح متداولا بكثرة على السوشيال ميديا.
خلال إذاعة لقائه في برنامج التاسعة، تلقى أيوب مكالمة هاتفية على الهواء من نيفين جامع وزيرة الصناعة والتجارة، تعلن عن تقديمها الدعم الكامل لأيوب وأسرته لتشجيعهم على تطوير حرفتهم، معلنة عن قرارها بتخصيص جناح لعرض منتجات أيوب في أكبر معرض للحرف اليدوية في مصر؛ وهو معرض تراثنا الذي سيقام في أكتوبرالمقبل، بالإضافة إلى زيارة مدير فرع جهاز المشروعات لأيوب في محافظته قنا؛ ليستمع إلى متطلباته من حيث التمويل أو التدريب أو التسويق؛ لمساعدته وأسرته على تنمية الحرفة التي يمارسونها.
ما يميز أيوب أنه ليس مجرد بائعا عاديا يعرض بضاعته على الزبائن، ولكن عندما تشاهد فيديوهاته تكتشف أنه شخص مثقف وفصيح بالرغم من أنه لم يكمل تعليمه، كما أنه شاعر يكتب أبياتا تعبر عن ما يبيعه بطريقة طريفة تجذب الناس.
وخلال فيديوهاته الكثيرة نراه ينشد شعرا عاميا عن قضايا وظواهر اجتماعية سيئة، ويحث الناس على العودة إلى القيم المجتمعية والأخلاق الحميدة، فيتحدث عن التحرش والموضة والسرقة والتنمر وانتشار الشائعات، ويدعو المواطنين إلى محاربة كل هذه الآفات التي تسيء إلى المجتمع.
وخلال فيديوهاته المنتشرة نراه يشجع على دعم الصناعة المحلية؛ متحدثا عن أزمة الاستيراد والبطالة والغلاء والإسراف في جهاز العرائس، كما أن أسعار منتجاته معقولة مقارنة بالمستورد، ووسط حديثه عن بضاعته يشجع الشباب على العمل والكفاح وعدم الاستسلام للكسل.
مؤخرا استغل أحد مطاعم البيتزا تريند “الطفاية دي”، وطرح إعلانا ظهر فيه أيوب وهو يروج للبيتزا داخل المطعم، واستبدل جملته الشهيرة: “الطفاية دي” بجملة: “البيتزا دي”، على طريقة المقطع المعروف، وهو ما يعد نجاحا لشاب مصري أصيل كافح واجتهد من أجل لقمة العيش، فنال ما يستحق وأكثر جزاءً على تفكيره خارج الصندوق وإتقانه لعمله، وإصراره على أن يطوره؛ ليصبح مثالا ناجحا لغيره من الشباب.