انتهت أولي ندوات الملتقي الفكري للمهرجان القومي للمسرح المصري، والتي نوقش خلالها 3 محاور حول المسرح الشعري والمسرح الغنائي والتراجيديا، وادار المحاور الناقد جرجس شكري عضو اللجنة العليا للمهرجان.
كانت أولي المحاور حول “المسرح الشعري.. من القصيدة العمودية الي الشعر الحديث”، وتحدث الدكتور أسامة ابو طالب مؤلف كتاب المسرح الشعري الحديث، قائلا: “لا بد للمسرحيين أن يحضروا الندوات التثقيفية ولماذا لا يحضروا هذه الندوات؟ فهل هم اكتفوا ثقافيا؟ ولا بد للشباب المسرحيين أن يعلموا أنه لا يوجد عمل مسرحي دون فكر وثقافة”، مشيرا إلى أن الشعر الحديث مقيد بالشعر التقليدي، ويضيف: “وأنا لولا الشاعر صلاح عبد الصبور ما كنت أحببت المسرح الشعري، وأتذكر مقولته الشهيرة بأن المسرح بدا شعرا وسينتهي شعرا”.
أضاف “أبو طالب” أنه كان من الرقي قديما أن يلتفت الفلاح البسيط للقصائد الشعرية التي تتغني بها أم كلثوم علي سبيل المثال، مما يدل على ثقافة وتنوير العقل برغم بساطة التعليم، وكنا لا نعاني من كم السطحية وعدم التنوير والتفكير الذي يعاني منها الشباب حاليا.
وقال الناقد المسرحي جرجس شكري إنه من الضروري والمهم أن يلتفت المثقفون والفنانون إلى تلك الملحوظة التي أثارها الدكتور أسامة، بضرورة اهتمام الفنانين بالمحاور الثقافية، وأن المسرح الشعري مرتبط بالمستوى الفكري والثقافي، وإن أردت أن تكون فنانا مسرحيا لا بد وأن تهتم بالتنوير والقوي الناعمة بالثقافة بشكل عام.
في المحور الثاني “نصوص المسرح الغنائي بين الرافد الأجنبي والأصول المصرية”، تحدث الدكتور مصطفي سليم وقال إن الصوت مهم جدا في العمل المسرحي وأن الأوبريت غير منفصل عن النص المسرحي، وأنه لم تنقطع صلة العامة باللغة الفصحى والغناء في كل الأزمنة، لأن الغنائية هي ذاتية، ومن المهم أن نستطيع التفرقة بين المسرح الغنائي الصامت والأوبريت.
أضاف سليم أن المؤسس الحقيقي للمسرح الغنائي في مصر هو الشيخ سلامة حجازي، الذي كان يتربع على عرش الأغنية وكان أسلوبه متأثرا بالمدرسة الدينية من ناحية والغناء التركي من ناحية أخرى، وأن للأوبريت سبع أشكال مهمة كان لا يمكن الاستغناء عنها بالمسرح.
وأشار “سليم” إلى أن الفنان سيد درويش دعم وطور أيضا في هذا النوع من المسرح، ويعتبر رائد تطويره فهو أول من اهتم بالتعبير الموسيقى الدرامي وتوظيف الآلات بحيث أصبح لها دور فعال في الحالة الانفعالية للمشهد المسرحي، كما أن الثابت داخل الأوبريت أو الحليات هو المونولوج العاطفي وهو من الأغراض الاساسية التي كانت تتواجد في الجلسات، وأن المونولوج الغنائي والعاطفي والفكاهي كانت من أهم القوالب الحديثة لفن الغناء العربي وقدمه لأول مرة سيد درويش.
من جانبها، قالت الدكتورة ياسمين حسيب إننا لدينا فقر في الإبداع في المسرح المصري، بسبب عدم إجادة التسويق للجمهور المستهدف، والتراجيديا مصطلح يونانيٌّ في أصوله، ويعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد، إذ استخدمه الإغريق لشكلٍ معينٍ من المسرحيات التي يتم عرضها في المهرجانات، ودعمت الحكومات المحلية هذه المسرحيات التي كانت تحاط بجوٍ من الطقوس الدينية بحضور الجماهير والكاهن الأكبر.
أضافت “حسيب” خلال مناقشتها بالجلسة الأولي تحت عنوان “التراجيديا من الترجمة والاقتباس الي التجربة المصرية”، إن الفرق بين التراجيديا اليونانية والتراجيدية الإنكليزية أن التراجيديا اليونانية تركز على موضوعٍ جادٍ ومؤامرة، وأبطالها عظماء متساوون مع الآلهة في أهميتهم وتهدف إلى التعليم الديني. في حين نجد في التراجيديا الإنكليزية عدة خطوطٍ تتطور في نفس الوقت إلى مؤامراتٍ ومخططاتٍ فرعيةٍ، أبطالها من جميع مناحي الحياة، وهي مزيجٌ من الكوميديا.
وأشارت إلى أن التراجيديا هدفها تعليميٌّ في المقام الأول لقضايا دينية أو أخلاقية، على الرغم من أن هدفها الأساسي هو الترفيه، وبالرغم من تلك الروايات المأساوية تناولت الأسئلة الدينية والنفسية العظيمة المحيطة بالمعاناة الإنسانية، وأن التراجيديا حتى اليوم لا تزال نوعًا أدبيًّا يحظى بتقديرٍ كبيرٍ، وذلك مع استمرار القراء في الاستمتاع بالمآسي المكتوبة منذ آلاف السنين، ومع استمرار إنتاج أشكالٍ جديدةٍ من هذا الأدب المحيطة بالمعاناة الإنسانية.
خلال الجلسة الأولي شارك بمداخلات المخرج أحمد السيد والفنان اميل شوقي، وتحدث الأول عن المسرح الشعري ومدي إمكانية وأهمية تقديمه في الوقت الراهن، وهل بالفعل جمهور العصر الذي نعيشه سيتقبل ويتابع هذا النوع من المسرح، كما تساءل الفنان اميل شوقي عن أين هو الكاتب المسرحي المصري من التواجد في الساحة المسرحية.