لم ينتبه الكثير من العاملين في الحقل الإعلامي في الأيام الأخيرة أن تغييرا حدث في وزارة الداخلية، بعض الإعلاميين لم يعلق، والبعض الأخر اعتبر هذا التغيير “سنة حياة”، ولكن في الحقيقة أن الخاسر الحقيقي من وراء هذه التغييرات هم الصحافييون أنفسهم، الذين يسعون دائما إلى التواصل مع من يملك المعلومة، أو ييسر الأمر للحصول عليها، وفي الحقيقة كنت واحدا من هؤلاء الصحافيين الخاسرين بعد أن فقدت بسبب تلك التغييرات مصدراً هاماً في وزارة الداخلية ساعدني كثيرا بصفتي صحافيا ومديراً لتحرير برنامج “مانشيت” الذي يقدمه الإعلامي “جابر القرموطي” على قناة “أون تي في” في الحصول على المعلومة من مصدرها الأساسي، بعيدا عن كلمة “مصدر رفض ذكر اسمه”، أتحدث عن المقدم “محمد الصعيدي” أحد البارزين في إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة الداخلية والذي تم نقله مؤخرا إلى إدارة الجوازات بالوزارة، الصعيدي ذلك الضابط الذي أحترمه ويحترمه الكثير من العاملين في بلاط صاحبة الجلالة ممن تعاملوا معه، كان الصعيدي أحد المصادر الهامة في الحصول على المعلومات التي تخص وزارة الداخلية، لجأت إليه كثيرا لإيضاح أمر، أو الاستفسار عن معلومة، أو حل مشكلة، وكان دائما رحب الصدر، طويل البال، يقدم الحلول أو يسهم في إيجادها.
كان المقدم محمد الصعيدي يدرك جيداً التحديات التي تواجهها وزارة الداخلية من ناحية، والمجتمع بصفة عامة من ناحية أخرى، كما كان يؤمن بضرورة تصحيح الصورة الذهنية لرجال الداخلية، فكان يعمل على إعادة الثقة بين الجمهور والجهاز الأمني، من خلال التأكيد على أن الشرطة كيان يحمي المواطنين ويوفر لهم الأمن والأمان، ويعيد لهم حقوقهم.
الصعيدي لم يكن مجرد ضابط خريج كلية الشرطة، ساقته الأقدار إلى العمل في ادارة الإعلام بالوزارة، ولكنه كان على معرفة تامة بمنظومة التشريعات الإعلامية، وبكافة فنون التحرير الصحفي، فكثيراً ما كان يتصل بي لإيضاح خبر أو تصحيح معلومة، وكان يقدم لي البدائل الصحيحة بصورة لا تقبل الشك.
كان يعمل ضمن فريق متميز من أبناء وزارة الداخلية الذين تعاونت مع بعضهم، فكان يقدم لنا المعلومة أو بمعنى أدق يساعدنا في الوصول إلى المصدر الأساسي لها، بعيدا عن كلمة “مصدر رفض ذكر اسمه” حتى لا نقع ومعنا “المشاهد والقارئ” ضحية لمعلومات مجهولة المصدر، و هي في النهاية تثير البلبلة ، وتؤثر على توجهات الرأي العام.
كان يؤمن بقيمة العمل الجماعي، والتنسيق بين الجهات المختلفة، وكثيرا ما حدثت الخلافات بيننا لعدم التنسيق المُسبق بينا كفريق إعداد برنامج وإدارة إعلام أحد المؤسسات الأمنية الهامة، وكان عندما يستمع لقضية أو مشكلة وزارة الداخلية طرفا فيها “أثناء البث المباشر” يتصل بي معاتبا لعدم إخباره بالأمر قبل الهواء، ثم يضحك في النهاية ويقول “المهم نحل المشكلة”، ومن ثم يعمل بجد على إيجاد الحلول لتلك المشاكل والقضايا.
كان الصعيدي يعمل كأنه جندي في ميدان حرب لا يهمه سوى حماية وطنه وأمنه القومي، وكان يدرك أن الحرب الحالية هي حرب “المعلومات”، وكان يدرك أيضا أنه لن ينتصر في هذه الحرب “المعلوماتيه” إلا من يملك القدرة على قراءة ما بين السطور، وتحليل المعلومات وربطها ببعضها البعض، وذلك لن يكون إلا بتوعية الجمهور، فكان يقدم فيما يرسله إلينا من أخبار وتقارير وفيديوهات المعلومة كاملة دون تزييف.
وأخيرا لدي درجة عالية من التفاؤل والإيمان بقدرة الصعيدي على الأداء بمهارة عالية في موقعه الجديد، ولدي أيضا نفس الدرجة من التفاؤل والإيمان بأن زملاؤنا الجدد في إدارة العلاقات العامة والإعلام بوزارة الداخلية تحت قيادة اللواء أبوبكر عبدالكريم على نفس القدرة والكفاءة في التواصل مع الإعلام بصورة تسهم في دعم استقرار الوطن وسلامته وحماية أمنه القومي.