لا شىء يدعو للاندهاش، أصبح كل ما يدور حولنا متوقعا، وكأن لسان حالنا يصرخ «لم نعد نندهش، فماذا أنتم فاعلون؟» مزايدات جديدة تصدر بناء على قرارات غير مفهومة، أو مدروسة، ويبدو أنه من المهم للمزايدين من أصحاب القرارات، أن يتصدروا المشهد، ويتحدث عنهم الاعلام، أو يركز على قراراتهم العنترية، التى يتخذونها ليؤكدوا فقط أنهم ملكيون أكثر من الملك، هذا الحال ينطبق، على رئيس الإذاعة المصرية عبدالرحمن رشاد الذى أراد أن يكون جزءا من المشهد ويزيط مع المطبلاتية الزيطانين، فخرج علينا بقرار عنترى يتعلق بمنع أغانى المطرب حمزة نمرة من البث على كل محطات الإذاعة المصرية، ويبدو أن القرار جاء بناء على وشاية من أحد المقربين الذى لا هم لهم سوى لعب تلك النوعية من الأدوار القذرة، حيث همس فى أذن رئيس الإذاعة بأن هذا المطرب المدعو حمزة نمرة مارق، ويعادى 30 يونيو، ليس ذاك فقط بل كان مؤيدا للمرشح الرئاسى الأسبق عبدالمنعم أبوالفتوح.
وبالطبع انتفض رئيس الإذاعة، وسأل بعضا ممن حوله، كيف تتركون صوت هذا الشاب يبث على محطاتنا الإذاعية؟ وتخيل رئيس الإذاعة أن هناك من يرغب فى الإيقاع به، ومن يحاول الإساءة لمنصبه، فكيف وهو رئيس للإذاعة المصرية أن يسمح بصوت معادٍ، وظل الرجل والمقربون له يبحثون عن تكييف قانونى لهذا القرار، وبالطبع تفتق الذهن الإدارى المصرى العبقرى عن أسباب وحيثيات المنع، أولها أن حمزة نمرة غير معتمد فى الإذاعة، وأن هناك لجانا متخصصة لابد أن يقف أمامها نمرة لإجازة صوته، ليس ذلك فقط بل أكد الرئيس- أقصد رئيس الإذاعة- أن بث أى أغنية لأى مطرب أيا كان لابد وأن تسبقها ثلاث مراحل، الأولى أن يكون مطربا معتمدا، وثانيا أن تمر الكلمات على لجنة مراجعة النصوص، وأخيرًا أن يراجع اللحن من خلال لجنة ثالثة.
وعندما تم تسريب خبر منع بث أغانى حمزة نمرة، قامت الدنيا ولم تقعد واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى، وبحث الناصحون لرئيس الإذاعة عن مخرج من تلك الورطة، وأشاروا عليه بأن تضم القائمة العديد من الأسماء، حتى لا يظهر أن هناك قصدا وتعمدا لاسم بعينه، بل إن الرجل يطبق وينفذ لوائح الاتحاد.
لذلك خرجت علينا قائمة تضم أسماء نجوم وسوبر ستارز فى الغناء، ومنهم إليسا وهيفاء والملحن والمطرب المصرى تامر عاشور.
والمفارقة أن السيد رئيس الإذاعة فى منصبه منذ شهر يوليو 2013، وتم التجديد له، وطوال هذه الفترة لم يتذكر شيئًا عن تلك الأصوات المخالفة للوائح الإذاعة، وترك الفوضى تملأ ماسبيرو، كيف للإذاعة المصرية أن تبث أغنيات لأصوات مارقة خارجة وتغرد خارج السرب، وكيف يستمع المصريون لأصوات إليسا وهيفا وتامر عاشور فى المحطات المختلفة وهى أصوات غير مجازة إذاعيا، وتامر عاشور مثلا لمن لا يعرف هو واحد من أهم الملحنين والمطربين قد وضع ألحانا لكبار نجوم الوطن العربى، ومنهم شيرين، وفضل شاكر، وأصالة، ومحمد فؤاد، وآمال ماهر.
ولا يستطيع أحد أن يرفض أعمال اللوائح، ولكن أين ومتى وكيف؟ هذا هو الأهم، خصوصا أن رئيس الإذاعة مدان فى الحالتين، أولا على حالة الصمت وبث أغنيات لكل من هب ودب، ثانيا مدان لأنه قرر إعمال اللائحة على الأصوات الجيدة، دون تفرقة بينها وبين الأصوات القبيحة التى تملأ الإذاعات المختلفة، وأنه عندما اتخذ قرار المنع، ومع الهجوم، ارتبك وتردد وبدأ يبحث عن مبررات، ويزيد من القائمة، وعن نفسى لم أكن يوما من عشاق أو محبى صوت حمزة نمرة، ولكن ما فعله رئيس الإذاعة يخلو من أى ذكاء، ليس ذلك فقط، بل أعطى قيمة وحجما لمطرب صاحب تجربة جمهورها محدود، ولكن يبدو أن تلك هى آفة الإعلام المصرى صناعة أبطال من ورق.
نقلًا عن “اليوم السابع”