محمد إسماعيل يكتب: رأي نور الشريف في داعش والسنة والشيعة و11 سبتمبر
في أحدث حلقات برنامج “اكسترا في أسبوع” أعاد عبد الصمد بن جودة (بي بي سي العربية) بث مقابلة أجراها مؤخرا مع نور الشريف الذي رحل عن عالمنا منذ بضعة أيام وألقت المقابلة الضوء على ملامح إبداعية وفكرية وشخصية ربما لا يعرفها كثيرون من عشاق الأعمال التي قدمها الشريف سينمائيا أو تلفزيونيا أو مسرحيا والهموم التي حملها المبدع الكبير تجاه الفن والوطن والزملاء واستعرض البرنامج في مقدمة الفقرة عرضا بانوراميا لعدة مسامع من هذه الأعمال مثل ” قصر الشوق” و “غريب في بيتي” و”لن أعيش في جلباب أبي” و”ناجي العلي” و”آخر الرجال المحترمين”. الملفت أن الفنان الراحل تحدث خلال المقابلة في موضوعات تمس صُلب القضايا التي يعيشها المواطن العربي في الوقت الراهن.
داعـــش
اعترف نور الشريف بأن نشرات الأخبار في الفترة الأخيرة تضحكه وتثير تعجبه من إخفاق أكثر الاستخبارات تطورًا حول العالم في الكشف عن أسرار نشأة وتمويل واتساع سيطرة “داعش” وبالمثل القاعدة في العراق وسوريا ومناطق متفرقة على خريطة الوطن العربي، على الرغم مما تمتلكه من أجهزة وإمكانيات بشرية ومادية وتقنية وطرح سؤالا ساذجا لمواطن عربي مصري ماذا لو تم قطع امدادات هؤلاء المتشددين من وقود وأموال وتسليح هل تستمر؟ بل وإمعانا في الاستخفاف بعقولنا تزعم الاستخبارات العالمية عدم قدرتها على رصد تحركات التنظيم والحد من قدراته على الرغم من أنها أكدت في الماضي القريب أنها تعرف ماركة الملابس الداخلية صدام حسين! فهل من يعرف أدق التفاصيل يفشل في حصار جبل، وعبر الراحل عن استنكاره لعبة داعش التي فشلت في الحد من خطورتها أو رصد تحركاتها هذه الأجهزة الحديثة الجبارة وقال على ما يبدو الغرب خلق عدو وترك له الحبل على الغارب، و حذر نور الشريف من محاولات تدمير الإسلام واللعب بالدين وأكد ضرورة تجنب اية صراعات لا معنى لها بين السنة والشيعة
العربي الساذج
قال الشريف إنه رصد إصرارًا على تكريس الصورة النمطية للعربي الساذج والمسلم العدواني في أذهان المجتمعات الغربية فهو الساذج الذي يجرد السيف في وجه البطل الأمريكي الذي يرتدي “البرنيطة” ويحمل مسدسا كما في سلسلة “إنديانا جونز” وفسر ذلك بأن انهيار الاتحاد السوفيتي السابق خلق أزمة في الغرب الذي لم يعد يجد عدوًا يستطيع أن يكيل له الاتهامات بأنه ضد التقدم والتطور بل ضد الإنسانية، لذا ظهرت في الأفلام الأمريكية في ذلك الوقت مخلوقات وحيوانات قبيحة تجسد العدو، وسرعان ما وقع اختيار الغرب على عدو جديد هو الإسلام كما يعتقد نور الشريف، ودلّل على صحة اعتقاده بأن الخطوط الرئيسية التي لا تستطيع وسائل الإعلام أو وسائط الأبداع الفني في الغرب تجاوزها في ظل سيطرة الشركات الكبرى التي تفرض رأيها ووجهة نظرها بأموالها لن تسمح بتناول شخصية عربية أو مسلمة بإيجابية، فهم لا يطيقون أن يكون لدينا زويل، على سبيل المثال لا الحصر، أو مَنْ في مثل قامة زويل في شتى المجالات ومنهم أبرز أساتذة وعمداء المؤسسات الأكاديمية في العالم من لبنان والجزائر ومصر وسورية وتونس وبلدان عربية وإسلامية أخرى. وقال الشريف إن أكثر الأفلام التي تتناول العرب والمسلمين رواجا في الغرب تلك التي تتحدث عن اغتصاب طفل أو الختان، في حين تجاهلت الكتابات النقدية أفلام مثل الرسالة وعمر المختار تجاهلا يرجح أنه متعمد.
11 سبتمبر
تحدث نور الشريف عن فيلم من إنتاج فرنسي تضمن 11 فيلمًا قصيرًا مدة كل منها 11 دقيقة و11 ثانية وشارك فيه يوسف شاهين، والتحق أمير رمسيس بالعمل متدربا تحت إشرافه ولم يلق فيلم شاهين ترحيبا في الغرب حيث اقترح شاهين في حوار بين الشخصية التي جسدها نور الشريف وأحد جنود المارينز أن يتهم الجندي كل العرب بأنهم صنعوا بن لادن، ليرد هو: “وبن لادن.. مَنْ صنعه؟ ألستم أنتم؟”، فتعرض الفيلم لهجوم شديد في الغرب
. نيجاتيف سُرق في روما “خيط أبيض وخيط أسود”، هذا عنوان الفيلم الذي تم تصويره في المغرب قبل عشرون سنة ونال علامة التميّز ليترشّح كعلامة كانت ستكون فارقة في تاريخ الدّراما العربية نظرا لضخامة إنتاجه وجرأة طرحه، ولكن لم يقدّر له أن يخرج للوجود ويتطرّق إلى موضوع القضيّة الفلسطينية من زاوية غربية، واعتبره نور الشريف أبرز إنتاج عربي عايش حيثياته الإبداعية طوال مساره فنّي، غير أنّ اختفاء “نيجاتيف” الفيلم في ظروف غامضة أثار أكثر من علامة استفهام
المستشرقون
قال نور الشريف من الظلم أن يوسم جميع المستشرقين بالانحياز وسوء النية، وقال إنه قرأ في باريس منذ فترة كتابا لمستشرق ألماني يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر وتناول فيه شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ببحث متعمق بكل موضوعية وحيادية في نحو 95% من الكتاب
. التاريخ يعيد نفسه قال نور الشريف إن عبارة التاريخ يعيد نفسه تستفزه بشده لما توحي به من الوقوع في الأخطاء ذاتها ليعيد التاريخ نفسه.