في طفولتي كنت اواجه مشكلة تحديد اولويات اعجابى فى الادب والموسيقى والسياسة وغيرها .. ومع الوقت ادركت ان جزءاً هاماً من تكوين اى شخصية خصوصاً لو كانت اعلامية ان يكون حاسماً فى اختياراته .. وعندما تطرح عليه اسئلة من نوعية من مطربك المفضل ؟؟!! او الممثل المميز لديك ؟؟!! يجب ان يكون لديه اجابة سريعة ونهائية، وبناءاً على تلك القناعة بدأت ابللور خياراتى فى كل شئ، فى الغناء حسمت مبكراً تفضيلاتى الغنائية فى “عبد الحليم”، “فيروز”، “ماجدة الرومى” ..
وعلى مستوى جميلات السينما المصرية كان اختيارى محصوراً بين المبدعة “سعاد حسنى” والجميلة “زبيدة ثروت”، ولذلك وقعت فى حيرة فظيعة عندما كنت اشاهد فيلم “الحب الضائع” وتصورت نفسى مكان النجم “رشدى اباظة” ويجب ان اختار بين الشقاوة والجاذبية او الجمال والنعومة، ورغم ان الفيلم اختار النهاية المثالية بموت “سعاد حسنى” وعودة الزوج لزوجته الا ان الكاتب “طه حسين” فى روايته كان له رأى اخر عندما اختار ان تنتحر الصديقتان !!
ولكن فى مجال التمثيل على مستوى النجوم كان النجم “محمود المليجى” هو الفنان الاول بالنسبة لى، وكنت استعير مقولة عملاق المسرح العربى “يوسف وهبى” عندما سألوه عن افضل ممثل فى العالم العربى بعد “يوسف وهبى” ؟! واجاب الرجل فى تواضع وشموخ وجرأة نادرة: لا قبل ولا بعد .. “محمود المليجى” هو افضل ممثل عربى …
وكان “نور الشريف” هو نجمى المفضل من الجيل الثانى او الجيل الذى تفتحت عليه فقد كنت افضله عن كل نجوم تلك الفترة “احمد زكى”، “محمود ياسين”، “حسين فهمى”، “عادل امام”، “فاروق الفيشاوى”، وكنت اشعر انه قريب من قلبى اكثر فهو وسيماً بدون افراط ويشبه معظم المصريين ويجمع بين الجدية وخفة الدم المصرية التلقائية ويختار ادواره بعناية جيدة والاهم مثقف وعنده رؤية …
وعندما سمعت خبر وفاته فكرت بالمنطق الجديد حول ما هى اقرب افلامه الى قلبى ؟! ورغم اعماله المتعددة الا اننى وجدت بوصلتى تتجه ناحية ثلاثة افلام محددة اعشقها ولا امل من مشاهدتها ورغم ان معظم اعماله على مستوى متميز، الا انه القلب وما يريد !!
“حبيبى دائماً”: وهو الفيلم الذى كنت لا احبه عندما كنت اشاهده اثناء طفولتى وكنت اشعر انه حزين اكثر من اللازم ونهايته مؤلمة، ولكن لا ادرى لماذا تغيرت رؤيتى له تماماً عندما شاهدته بطريقة متأنية فى مرحلة المراهقة، ووجدت ان حوار الفيلم اكثر من رائع ولكننى اتوقف دائماً عند مشهد ابدع فيه “نور الشريف” ابداعاً غير عادى، وهو المشهد الذى تقدم فيه الى والد حبيبته الثرى الفنان “صبرى عبد العزيز” طالباً يد ابنته وكانت ردوده على الاب المتعجرف فى منتهى العمق رغم قلة الحيلة، المشهد يعتبر واحد من اروع مشاهد السينما المصرية لدرجة اننى احفظ جمله الحوارية كاملة ..
“العار”: ذلك الفيلم الذى صاحب عرضه الاول ضجة كبيرة باعتباره فيلم يجمع بين ثلاثة اسماء كبيرة فى السينما وقتها ويدور حول عالم تجارة المخدرات وبه قدر من الاثارة والتشويق، ورغم ان الفيلم استحوذ على اعجاب الملايين وكنت منهم وخصوصاً مشهد النهاية، الا اننى ايضاً عندما شاهدت الفيلم فى مراحل تالية ادركت عناصر القوة فى الفيلم وكان منها بالطبع الاداء المتمكن للنجم “نور الشريف” واعتبر انه البطل الحقيقى للفيلم لانه الابن الاكبر والذى تحمل ارث والده المشئوم وعبء مواجهة امه واخواته بحقيقة تجارة الاب غير المشروعة، وكان مشهد المواجهة بينه وبين اخواته فى بيت العيلة واحد من اجمل مشاهده على الاطلاق، عندما سألهم ساخراً “وانتوا فاكرين العز اللى انتوا فيه ده كله منين ؟؟! من دكان العطارة ؟؟!!”
“غريب فى بيتى”: وهو الفيلم الذى بهرنى من البداية وهو ابرز افلامه الكوميدية على الاطلاق وشاركته فيه الرائعة “سعاد حسنى” والمبدع “حسن مصطفى”، علاوة على ان قصة الفيلم تدور حول كواليس عالم كرة القدم الذى كنت ولا زلت اعشقه ومعى الكثيرين وبرع فيه “نور” باعتباره لاعب سابق فى نادى الزمالك ايضاً، ولكن الاجمل ان الفيلم به اكثر من جملة كوميدية ضمن الحوار اصبحت فيما بعد افيهات متداولة واشهرها “روح العب مع الاسد يا اشرف !!!!”