مع الانتشار السريع – كمّا وكيفا – للمواقع الإخبارية التي ترصد الأحداث وتتابعها لحظة بلحظة، أصبح فضاء الإنترنت من المصادر الهامة للأخبار، إن لم يكن أهمها على الإطلاق بالمقارنة بالصحافة الورقية، لكن الملفت للنظر أن هذا المصدر الثري بالأخبار والمعلومات، بات أرضا خصبة لما عرف بـ”تقطيع الأخبار”، وهو أسلوب الأخبار التليغرافية القصيرة التي تظهر على المواقع بعد دقائق من حدوثها على أن يتم متابعتها بأكثر من خبر متتابع.
ومع بحث المواقع الإخبارية عن التقدم في الترتيب بين مثيلاتها، خلق القائمون عليها أحداثا جديدة يتم السعي وراء متابعتها باهتمام، وإن كانت ليست بالأهمية بالنسبة للقارئ، إلا أن الرهان على قراء يبحثون عن إثارة ما، أو يدفعهم الفضول لقراءتها، حتى وصل اللهث وراء “الترافيك” إلى التسلل إلى الجنازات والمقابر ودفن المشاهير، بشكل يدعو للتوقف والمساءلة.
“بالصور.. فتح قبر الفنانة معالي زايد تمهيدا لدفنها”.. هذا عنوان خبر بثه أحد المواقع الإخبارية قبيل مواراة جثمان الفنانة الراحلة الثرى، منذ أيام، وهو يشرح نفسه ومضمونه، لكنه استوقفني بعد أن قررت عدم الالتفات لنوعية الأخبار الخاصة بالجنازات والعزاء و”انهيار الفنان فلان بجنازة فلان”، و”شاهد دموع المطربة فلانة في جنازة فلان”، وغيرها من عشرات العناوين التي تتغير بها الشخصيات ويبقى المضمون مع صورة أو اثنتين للنجم المستهدف، وقت تأدية واجب العزاء أو تلقيه، فضلا عن التصريحات التي يقتنصها المراسلون من أمام السرادق من نوعية “مصر فقدت”.
والحديث هنا ليس وصاية على المواقع أو من وراء إدارتها، فهم يتحكمون في المضمون، وهناك قارئ ينتقي ما يريد، لكن من غير المفهوم أن تنهال المواقع بتلك الكمية من الأخبار دون هدف، سوى مجرد إظهار الفنانات دون “ميك أب”، أو الفنانين ورجال السياسة أو الرياضة وهم يبكون، ولو حتى تعددت تلك الأهداف أو زاد عليها أو نقص، فما الهدف من تكليف محرر ومصور بالذهاب لمدفن الفنانة قبل تحرك الجنازة وكتابة خبر بهذا المضمون؟.
هذه التساؤلات وغيرها لخصتها جملة من الفنانة ماجدة زكي، عندما طاردتها عدسات المصورين في نفس الجنازة، فقالت لهم: “حرام عليكوا سيبونا نحزن”، وبدلا من أن يتركها الزملاء لتحزن، صنعوا من جملتها خبرا موثقا، بل وزاد الطين بلة تعليقات بعض المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي على هذا الخبر، وأصعبها تعليقا كتبه أحدهم: “يعني الممثل من دول يبقى مريض ماحدش يسأل عنه ولما يموت يروحوا يعملوا نفسهم بيعيطوا عليه.. كل بيمثل على كله”.