رباب طلعت
لم تهدأ عاصفة التعاطف مع الفنان الكبير رشوان توفيق، التي بدأت مطلع الأسبوع الجاري، بعد إعلانه عن خلاف بينه وبين ابنته الصغرى “آية” ورفع الأخيرة قضايا ضده، ما اعتبره البعض عقوق بوالدها، على الرغم من تصريحات نجلها محمد عصام بأن القضايا مدنية، لا ضرر منها على جده، وليست حجرًا كما ظن البعض، إنما خلاف على تقسيم تركته على ابنتيه وحفيدته لابنه في حياته، وممتلكات والدته التي كانت منحت والدها توكيلًا للتصرف فيها، وهو ما لم يلقَ رد فعل إيجابي لدى المتابعين للأزمة، بل على العكس تمامًا زاد من حدة الانتقادات للابنة وأسرتها.
ولا يتعلق التعاطف الكبير الذي حظي به “توفيق” بصفته كفنان، إنما بصفته كإنسان مشهود له السيرة الحسنة سواء بين زملائه الفنانين، من جيله، ومن الأجيال اللاحقة، ولمواقفه الكثيرة الطيبة معهم، أو من جمهوره الذي ارتبط به ارتباطًا عاطفيًا بسبب أدواره “الطيبة” التي تناسب ملامحه ونبرة صوته وهيئته وشخصيته “الطيبة” البعيدة عن الخلافات أو المشاحنات بين زملائه، أو بين جمهوره، ولم يرَ قط أحدٌ منه ما يعيبه أو ما يؤخذ عليه طوال مسيرته الفنية الطويلة.
ذلك الأمر يؤكده موقف الفنانين خاصة صغار السن من “العم رشوان” كما وصفوه في منشوراتهم الداعمة له، وحرص البعض على سرد مواقف “طيبة” له تلك الصفة الملازمة له دائمًا، مثلما فعلت دنيا سمير غانم، ومحمد إبراهيم يسري، حيث ساند كل منهم في وفاة والده، ولم يتخل عنهم على الرغم من تقدمه في السن، وحاجته لـ”سنيد” يتكئ عليه في المشي.
في لحظة تأمل في أحداث تلك الأزمة التي يتعرض لها الفنان الكبير، ينجلي السؤال الأهم، هل كان كل ما يحدث الآن سيتكرر مع أي فنان آخر؟ بصيغة أخرى هل ذلك التعاطف بسبب أنه شخصية عامة، أو شخص مشهور؟ أو لأنه كبير في السن؟
في عودة سريعة لأحداث قريبة، وأزمات أخرى حدثت لفنانين قريبًا، سنجد أن الإجابة لا! ففي أزمة محمد رمضان على سبيل المثال، كان التعاطف لصالح الطيار، على الرغم من خطأه في السماح له ولآخرين الدخول إلى كابينة القيادة، ولم يتقبل أحد تبريرات “رمضان” أو ردود أفعاله وقتها، ليس فقط لما تعرض الطيار أشرف أبو اليسر من ضغوطات نفسية، وانتهاء مسيرته المهنية، مما أودى بحياته في نهاية المطاف، تاثرًا بالأحداث المتسارعة التي حدثت له، إنما لأن طرف الأزمة هو “رمضان” المعروف بكثرة “المشاكل”.
وفي أزمة ياسمين صبري، على الرغم من الانتقادات التي تلاحق الفنانة على أدائها الفني باستمرار، وتشابه الواقعة بشكل ما مع أزمة الفنان رشوان توفيق وابنته، ساند الكثيرون “ياسمين” ضد الحملة التي شنها عليها والدها، بسبب عدم حضورها حفل زفاف أخيها من والدها، وهاجمه الكثيرون على طريقته في الخلاف مع ابنته، ولم يلتمسوا له عذرًا بتعمده نشر صورًا قديمة لها، والحديث عنها بشكل غير لائق عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، وصدقوا تصريحات “صبري” وقتها بأن جدتها لأمها هي من ربتها لسفر والدتها، بينما الصلة بينها وبين والدها منقطعة، وهاجمه الكثيرون وقتها باعتباره أبًا غير صالح، ونفس الأمر تكرر مع أزمة التسريب الصوتي لوالد حسام حبيب عن استغلال ابنه لشيرين عبد الوهاب، حتى وصل الأمر مؤخرًا للطلاق الرسمي بينهما، فقد ساند الجميع شيرين ضد ما تعرضت له من صدمة كبيرة، وساند الجمهور أيضًا حسام عندما نفى كل ما قيل عنه من قِبل والده، ولم يأبه أحد بأن ذلك يعد تحديًا من ابن لأبيه، لم يتعاطف أحد مع الأب في تلك الحالة.
تكرر ذلك مرة أخرى في تصريحات والد حلا شيحة، عنها وعن حجابها وزوجها الداعية الإسلامي معز مسعود، فالجميع تضامن معها ضده، ووجد أنها “حرة” في اختيار أسلوب حياتها، ورفض أسلوب الضغط الذي يتبعه والدها عليها لكي تعود إلى الطريق الذي يراه هو مناسبًا لها، ولم يلمها أحد على ردها وزوجها عليه على مواقع التواصل الاجتماعي حينئذ.
حظيت ياسمين عبد العزيز أيضًا على كثير من الدعم، وقت الخلاف الذي أحدثه شقيقها معها، وتصريحاته المسيئة لها ولزوجها الفنان أحمد العوضي، إبان زواجهما، وحديث الأخ عن استغلال الزوج لنجومية زوجته، خاصة مع حداثة عمره عنها، الأمر الذي ردت عليه ياسمين وزوجها بتعقل كبير، و”أدب” يليق بشخصية ياسمين التي لم يسمع عنها أحد أي سوء طوال مسيرتها الفنية أيضًا.
والكثير من المواقف الأخرى، التي تعرض لها الفنانين، وتباينت ردود أفعال الجمهور عليها، ما بين داعم ومهاجم، مصدق للفنان ومكذب له، توضح بشكل بالغ الحقيقة التي يجب أن يدركها الكثيرون بأن مقياس التعاطف الحقيقي ليس الأرقام، أو الجماهيرية الواسعة التي يظن البعض بأنها وتد له يتكئ عليه وقت أزماته، بل “السيرة الطيبة”، أو ما يبنيه الفنان من رصيد من الاحترام في قلوب جمهوره، وزملائه من الوسط الفني.