ساقني حظي السعيد بالصدفه البحته للاستماع لأغنية من التراث الصوفي “سقاني الغرام” و عشت في رحابها لعدّة أيام لا استمع إلا اليها و أعيدها من جديد كالمسحور كلما انتهت…
بحثت عن صانع هذا العمل البديع فوجدتهم فريق موسيقي يسمي “إيجيبشن بروجكت” و ترجمتها “مشروع مصري”، و أثناء البحث و الاستماع استمتعت بالمزيد من أعمالهم فصرت من دروايش تلك الفرقة المهمّه و التي لا تستقر في مصر إلا قليلا حيث انها معظم الوقت مرتبطة بحفلات خارجية مشرّفة و ناجحة.
و لمن لا يعرف (مثلي منذ بضعة شهور) تتكون الفرقة أساسا من:
سيد إمام غناء و عزف لآله الكوَله
رجب صادق للإيقاعات الشرقيه طبله و صاجات و رق و دف
سلامه متولي عازف ربابه و كمان
جيروم (فرنسي الجنسيه) عازف بيركشن و مزمار بلدي و موزع و مصمم لأغاني الفرقة
انتوني بوندو (أمريكي الجنسيه) درامز
ثم ساقني حظي الأسعد للحصول علي تذكره لحفلهم في مكتبة الأسكندرية فأمضيت يومي في سعادة غير مبرره انتظارا لأول مره أراهم و استمع لهم في عرض حي
حين كنت أستعد للدخول مبتسما لكل من تلتقاه عيني من دروايش الفرقة من أمثالي، أدهشني انني و بكل وضوح أكبر الحاضرين سنا، الأغلبيه في عشرينات العمر وما دونه، و الأقليه لم يتعدوا منتصف الثلاثينات
محاطا بتلك الوجوه النضره المردده لكل كلمات أغاني الفرقة و المنتشيه بكل لحن، تأرجح الجميع بين الاغاني الصوفيه و أرتام الزار و الصعيدي و الفلكلور المصري أمضيت أقل قليلا من ساعتين من البهجة الخالصة في رحاب تلك النغمات الشديدة المصرية.
و ما أن أنهت الفرقة آخر أغنيات الحفل (و كانت طبعا سقاني الغرام) و انطفئت أنوار المسرح و بدأ الجميع في الأنصراف وجدتني أسأل نفسي: أهذا هو الجيل الدي نشأ في عهدة موسيقي المهرجانات و الراب و الاكتئاب؟
أتلك الوجوه المغادره أسعد مما دخلت هي نفسها التي سطع بينها كل ما هو مسفّ و غير حقيقي من فنون الغناء؟
نعم، انه هو نفس الجيل الذي إذا قدّمت له الفلكلور و التراث بالطريقة الصحيحه و المحترمه و بالتوزيعات و التقنيات الحديثه سيقبل عليك بدون أدني تردد و يجعل حفلك كامل العدد كلما أعلنت عنه.
شكرا لمشروع مصري علي هذه الليله الممتعة و شكرأكبر لمشروع مصري علي النجاح في جذب أسماع هذا الجيل الجميل المبشّر لموسيقاه المصرية الخالصه ثم كل الشكر لتلك الوجوه النضره المبتسمه التي صادفتها في الحفل و التي أعطتني الأمل انهم ما زالوا قادرين علي البهجه.