نجلاء بدر
إيمان مندور
في لقاء تلفزيوني، أمس الجمعة، حلت الفنانة نجلاء بدر ضيفة على برنامج “لايف من الدوبلكس“، ولا جديد في ذلك، فقد زاد ظهورها الإعلامي خلال الشهرين الماضيين أضعاف ما كان عليه قبل أزمة الفستان الشهير. المهم أن الجديد واللافت هو ما صرحت به خلال الحلقة عن حبها الأول الذي عاشته في مرحلة المراهقة، واكتشفت في نهايته أمرًا صادمًا.
تقول نجلاء إنها كانت تحب ابن الجيران، وتخرج كل يوم لتنظر إليه من “البلكونة”، بعدما ترتب مظهرها بأفضل ما يكون، وفي ذلك الحين كانت تعاني من ضعف في النظر، وبعدما قررت عمل نظارة، اكتشفت أن الحبيب المطل من العمارة المجاورة ما هو إلا “فازة”.
قصة طريفة، لكنها ليست جديدة، بل رواها مشاهير كُثر قبلها، وكأن كل من سيصبح مشهورًا يمر بالأحداث ذاتها في حياته، فقد ذكر الكاتب الصحفي مفيد فوزي في إحدى مقالاته السابقة بجريدة “أخبار اليوم“، أنه في صيف عام 1974 أجرى حوارًا مع الشاعر أحمد رامي، كشف خلاله العديد من التفاصيل المتعلقة بحياته، لا سيما فيما يخص علاقته بالمرأة. كما تحدث عن أول غرام بابنة الجيران في طفولته، والتي كان يتصوَّرها فتاة محافظة تغطي شعرها، ليكتشف لاحقًا أنها كانت “قُلة ماء” ترقد خلف ستائر الشباك.
وفي لقاء تليفزيوني سابق، روت الفنانة الراحلة مريم فخر الدين الموقف ذاته عن فنانة زميلة لها، دون أن تفصح عن اسمها، موضحة أن زميلتها كانت تحب ابن الجيران ولم تره نهائيًا حتى اشترت نظارة مكبرة لكي تستطيع رؤيته جيدًا، لتكتشف في النهاية أنه “قُلة” وليس شخصًا حقيقيًا.
القصة ذاتها منشورة أيضًا منذ سنوات عبر الصحف والمواقع الإلكترونية لكن منسوبة للفنان محمد عبد الوهاب، وأنه في حبه الأول تعلق بابنة الجيران التي تقطن في العمارة المقابلة له، حيث اعتاد الجلوس في الشرفة لساعات طويلة متأملا إياها من خلف المشربية، وقد غطت رأسها بالإيشارب، وتطور الأمر إلى حب جارف وأصبحت لا تفارق خياله وتملأ كيانه، إلى أن اكتشف في النهاية أنها “قلة ماء”.
قصة الحب الأول لابنة/ابن الجيران الذي يتم اكتشاف أنه جماد في النهاية، ليست جديدة، وربما يكون قد رواها مشاهير آخرون بالإضافة لمن تم ذكرهم، لكن المهم الآن ليس عددهم بقدر ما هو مدى صدق ما يقوله المشاهير عن أنفسهم، لا سيما عن حياتهم الخاصة، عن الجزء غير المرئي للجمهور من الماضي والذكريات! فهل من المنطقي أن يمر كل هؤلاء المشاهير بنفس القصة بنفس الأحداث رغم اختلاف الزمان والمكان؟!
فلنقل إن القصة تبدو منطقية لمن حدثت معهم في أوائل القرن الماضي، حين كان العالم الخارجي مُحرّمًا على كثير من الفتيات في ذلك الوقت، لكن بالنسبة لنجلاء؟! ولنقل إن أحدهم هو صاحب الواقعة الأصلي، فهل سيكون الفنانة التي روت القصة لأول مرة قبل ساعات؟! هل من المنطقي تكرار نفس الحدث بنفس تفاصيله على مدار أكثر من 100 عام لدى الفنانين المصريين؟!
في الواقع، مثل هذه الأمور لا تندرج لدى المشاهير تحت بند الكذب بقدر ما تكون رغبة في التجمل وإخفاء الواقع، لكن حين يتم الأمر في حكايات صغيرة ومواقف لا تستدعي التأليف أو الإنكار يكون الأمر مستهجنا أكثر. مثل إحدى الفنانات التي كذبت الصحافة بشأن تاريخ ميلادها المتداول وأنها أصغر من ذلك بكثير، ليتضح فيما بعد أنها أصغر بسنتين فقط!
إن “الشخصية المصرية مولعة بتفخيم الذات والتعبير المبالغ فيه عن المشاعر”، كما يقول الدكتور أحمد عكاشة في كتابه “آفاق الإبداع الفني”. لكن بالرغم من اعتياد هذه المبالغة، إلا أن تجنب قول المشاهير للحقيقة في الأمور التي لا تستدعي الإنكار، يكون وقعه أشد على الجمهور من الكذب الصريح الواضح في الأمور والقضايا الكبرى، لأن التصرف الأول يوحي بأن الكذب ليس أمرًا عارضًا لمصلحة كبرى أو تجنب ضرر أكبر مثلًا، بل تحول إلى أسلوب حياة حتى في الأمور التافهة.. وهذا لا ينفي كونه خطيئة دينية ورزيلة أخلاقية في كلا الحالتين.
لذلك في ظل التقدم الإعلامي والتكنولوجي الذي نشهده، حيث كل شيء موثق بالصوت والصورة، لم يعد بالإمكان اعتبار الكذبات الصغيرة للمشاهير تجمُلًا يشوبه بعض المبالغة، بقدر ما هو حماقة في المقام الأول، وكذبًا جاء بغير حاجة في المقام الثاني، حتى وإن لوَّنه البعض بالأبيض.. أو أي لون آخر!