فاطمة خير
عام جديد يبدأ لا بد يسبقه عام ينتهي، كل ميلاد يسبقه نهاية، وكل نهاية يتبعها ميلاد، وفي عالم ما بعد الكورونا لم تعد البدايات الجديدة مفاجئة؛ بل هي سبيل الحياة للاستمرار.
يرحل عام 2021 ويأخذ معه الكثير من الأحداث والمشاعر، عام كسابقه حمل الكثير من النهايات لكنه يختلف عنه بميلاد بدايات أكثر، وقد كان للدراما منها نصيب كبير.
ليس سراً أن الدراما العربية والمصرية واجهت تحدياً كبيراً في السنوات السابقة، بطبيعة الحال فإن التغيير سُنة الحياة، وعندما يولد جيل جديد يأتي بذوقه الخاص، لكن إلى أن يحدث ذلك توجد في الأغلب مراحل بلا طعم يكون القديم فيها قد سقط في فخ التكرار، والجديد لا يزال غير قادر على البلورة بعد ولا القتال كي يثبت وجوده، وإذا وضعنا التطورات المتسارعة في عالم التكنولوجيا في الحسبان، تكون التحديات التي واجهتها – ولا تزال – الدراما أكبر، أما إذا أضفنا صاعقة حلول الوباء ليغير كل معادلات الحياة في العالم في وقت قياسي؛ حينها فقط سنعرف كيف أن الدراما استطاعت أن تنجو ببطولة من تحديات حقيقية وخطيرة.
نستطيع الآن أن نقول بكل ثقة أن سوق الدراما أصبح يتسع للعديد من الأذواق، ربما أن الطموح لا يزال أكبر، لكن الدراما بنهاية عام 2021، استطاعت أن تقدم في خلال عدة شهور بدأت بشهر رمضان، مسلسلات متنوعة كماً وكيفاً، وصالحة للإذاعة على شاشة التليفزيون وعبر المنصات، في منافسة حقيقية لعالم الإنتاج الدرامي الموجه للمنصات، ولا يتسع المجال لذكر كل الأعمال التي لفتت الأنظار هذا العام، لكن بالتأكيد يمكن القول بأن نجوماً جديدة بدأت تظهر في سماء الدراما المصرية والعربية وأُخرى أعادت تقديم نفسها، في سباق إنتاجي مذهل إذا وضعنا في الاعتبار التصوير تحت ضغط التعامل مع وجود الوباء، لقد نجت الدراما المصرية من مقصلة الوباء، بل والأكثر أنها حملت بذور نجاحات كبيرة مقبلة قد يشهدها العام 2022.
مدرسة الروابي للبنات
على منصة نتفليكس، أثار مسلسل “مدرسة الروابي للبنات”، الكثير من الجدل في الأردن، في الوقت الذي نال مشاهدة عالية في كل المنطقة العربية، المسلسل الذي جاء صادماً لطبيعة المجتمع الأردني، حيث تناول بجرأة مشاكل المراهقات في هذا المجتمع، ويحسب هذا لجرأة مؤلفته ومخرجته تيما الشوملي ، التي تحملت المخاطرة والنقد، وسيكون هذا المسلسل علامة فارقة في التناول الدرامي الأردني لمشكلات النساء.
موضوع عائلي
مسلسل “موضوع عائلي”، من تأليف وإخراج أحمد الجندي، حضر كضيف “ريحه خفيف” بالتعبير الشعبي، ليقدم تيمة قديمة بخفة ظل تم تطعيمها بنجوم شباب، دون أن أي تصنع، وفي حلقات قليلة وعبر منصة شاهد، استطاع المسلسل خطف الأنظار، ليصبح موسمه الأول (ولا أعرف إن كان هناك مواسم أُخرى) من أكثر المسلسلات مشاهدة في نهاية عام 2021، قصة إنسانية بسيطة، ودون مطولات حوارية، “خطف” أبطاله قلوبنا وتركنا في انتظار موسم جديد.
ستات بيت المعادي
على المنصة نفسها -شاهد- لفت مسلسل “ستات بيت المعادي” الأنظار، بفكرته الجديدة، وقد تكون مستوحاة من عمل أجنبي، لكن تمصيرها تم بذكاء وحرفية، بالإضافة إلى اختيار ممثليه، حيث أعاد تقديم بعض النجوم في شكل جديد كالفنانة إنجي المقدم، وتميز المسلسل بذوق فني عالي فيما يتعلق بالألوان والإضاءة والديكور، كذلك استطاع المسلسل غزل ثلاث حكايات في أزمنة مختلفة تقع في الفيلا نفسها، التي ظهرت في كل مرة بشكل يناسب الحقبة الزمنية للحكاية، وانسابت الأحداث بالتوازي بنعومة وذكاء برغم اختلاف الأزمنة.
لعبة نيوتن
بعيداً عن الإنتاج الدرامي الموجه للمنصات، فقد شهدت شاشات التليفزيون أعمالاً درامية أثارت اهتمام الجمهور بشكل لم يكن متوافراً بالقدر نفسه في السنوات الماضية، وقد أذيعت أيضاً عبر المنصات، ومنها بالطبع مسلسل “لعبة نيوتن” من تأليف وإخراج تامر محسن، وسيناريو وإشراف على الكتابة مها الوزير، المسلسل الذي أذيع أيضاً عبر منصة watch it، تصدر السباق الرمضاني مبكراً، وحجز مكانه المتقدم في سباق المشاهدة حتى آخر رمضان، المسلسل شهد مولد نجم مصري جديد وهو أدهم الشرقاوي، والنجمة التونسية عائشة بن أحمد،وتم تصويره بين مصر وأمريكا بجودة عالية.
هجمة مرتدة
مسلسل “هجمة مرتدة” أعاد إلى الشاشة الأعمال الدرامية المأخوذة عن ملفات المخابرات العامة المصرية، واستطاع المنافسة ضمن باقة كبيرة من الأعمال الرمضانية المتميزة، بل أن مشاهدته بعد رمضان وعقب انتهاء زخم المنافسة، زادت واستمر محط الأنظار حتى نهاية العام، المسلسل تأليف باهر دويدار، وإخراج أحمد علاء الديب.
الاختيار2
في السياق نفسه جاء مسلسل “الاختيار2” الذي واجه تحدي آخر وهو الحصول على نسب المشاهدة نفسها للاختيار 1، والذي حظي بمتابعة كبيرة من الجمهور، وقد تخطى الاختيار2 التحدي، وحظي المسلسل بمتابعة كبيرة طوال شهر رمضان.
خللي بالك من زيزي وإلا أنا
من الصعب حصر الإنتاج الدرامي في 2021، لكن بالتأكيد فإن تغيراً واضحاً بدأ يتخذ طريقه، فبالإضافة إلى أن المنصات أصبحت مساحة عرض أصيلة، فإن أعمالاً تتناول قضايا لم تكن رائجة لدى اهتمام صناع الدراما؛ قد اتخذت مساحة كبيرة، منها مسلسل “خللي بالك من زيزي” من تأليف مريم نعوم ومنى الشيمي،وإخراج كريم الشناوي، و الذي تناول لأول مرة حياة أصحاب فرط الحركة، ومسلسل “إلا أنا” في موسمه الثاني من تأليف يسري الفخراني وسيناريو أماني التونسي، وإخراج أحمد يسري وأحمد شفيق، الذي يعتبر جرعة درامية مكثفة تتناول حياة المرأة المصرية.
ما قدمته الدراما المصرية والعربية في عام 2021 يجعلنا ننتظر بشوق ما سيحمله لنا الإنتاج الدرامي في 2022.