لم تمر الذكري الأولي لرحيل أستاذي وأستاذ جيل كبير من الفنانيين التشكليين و رسامي الكاريكاتير مصطفي حسين رحمه الله عليه، إلا وأذن الله للأستاذ بشير عياد أن يلحق بأستاذه و أخيه الأكبر وصديقه الصدوق مصطفي حسين في بغته تفأجا الجميع بها .. كان الأستاذ بشير يعاني من مرض الكبد وفي الفتره الأخيرة تزايد عليه المرض إلي أن وافته المنيه مودعا محبيه في خجل كعادته …
تعرفت علي بشير عن طريق صديقي الفنان بمجلة صباح الخير خضر حسن والذي عمل مع الراحل في جريدة فيتو فكان بشير يكتب وخضر يزين المقاله ببورتريه عن الشخصية التي كتب عنها، وباشر العمل بعد خضر صديقي الفنان عماد عبد المقصود رسام البورتريه المتميز بجريدة روز اليوسف الذي سار علي نفس النهج .
دعاني خضر لحضور صالون بشير عياد الثقافي والذي كان يقيمة كل ثلاثاء بمكتبة ( بورصه الكتب ) بشارع شريف بوسط البلد عادل متولي، وذهبت أنا و خضر وعندما دخلنا إلي المكان رحب بنا بشير عياد ورحب بي ولم أكن أعرفه و فرحت بترحيبه بي لأني أعلم أنه علم كبير وله باع طويل في العمل مع الأدباء و الرسامين خاصه بمجله كاريكاتير و تطرق حديثنا أثناء الجلسه إلي علاقة الود والأحترام قبل الحب التي جمعته بالأستاذ مصطفي وأنه صاحب الفضل بعد الله عليه في أن يحدد له طريقه وهو أول من أرشده أنه أقوي في الكتابة والأشعار الساخرة من رسم الكاريكاتير . وكثيرا غاروا من تلك الصداقة والود التي امتدت الي ان وافت مصطفي حسين المنية وكان الأستاذ بشير قد عمل مدير تحرير لمجلة كاريكاتير في عهد من اقوي عهود المجلة ازدهارا فنا وفكرا .
وتوالت زيارتنا أنا و خضر لصالون بشير عياد الثقافي ، ووقتها كنت قد فزنا في مسابقة التفوق الصحفي التي تقيمها النقابة كل عام، ففاز خضر بجائزة أحسن رسام كاريكاتير و فزت أنا بجائزة الفنان منير كنعان للرسم الصحفي فرع البورترية الكاريكاتيري .. فإذا بالأستاذ بشير يبلغ خضر أنه يريد الأحتفال بنا في صالون الثلاثاء القادم في حفلة ( علي الضيق ) من ماله الخاص، في لفته كريمه لم تقم بها مؤسساتنا الصحفية التي نعمل بها أنا وخضر وكانت من أجمل الحفلات التي تجمع فيها معظم أصدقائنا الفنانيين من جيلنا الشاب، وفي إحدي المرات كان الصالون عن معشوقة بشير الست أم كلثوم وأذا بي أجد أني أمام موسوعه كامله تعرف أدق التفاصيل عن أم كلثوم وعن حفلاتها حتي البروفات الخاصه والتسجيلات الناردة لم تسلم من بحثه الدؤب . والذي كان ينوي أصدار موسوعه عنها في سبع مجلدات تحوي كل شئ عن الست وعن صورها النادره والتي كان يتحدي انها توجد عن اي احد من محبيها، واذا به يقول بفخر عظيم ” أم كلثوم يوم القيامة هتعرفني علطول، من كتر ما تكلمت عليها في ندوات وسهرات عن حياتها و مشوارها الفني”.
وأتمني من عائلته أن تكمل هذا الحلم وان تنشر هذه الموسوعه لانها تخلد اسم فنانة كبيره و اسم باحث و شاعر جد و اجتهد ليستحق ان يكلل تعبه بالنجاح .
اخر لقاء جمعني بأستاذ بشير كان في حفل توزيع جوائز المسابقة الثقافية التي أقامها مقهي الحرافيش الثقافي لمالكه الفنان المحترم د. فخري يوسف ، وكان المحكم علي الفرع الأدبي والثقافي الراحل الكريم، وتجاذبنا أطراف الحديث أنا وهو وزملائنا الفنانيين وعاتبني ضاحكا “انتوا مزوغيين بقالكوا كام مرة من حضور الصالون … أنا هابدأ أكتبكوا غياب أنت و خضر” … ووعدته أننا سنلتزم بالحضور بدل ما “يخصموا أيام الغياب من فلوس المرتب” .. وانشغلت بعدها ولكن كنت اتابعه علي صفحته علي الفيس بوك .. إلى ان علمت بخبر وفاته من صديقي احمد كامل رسام جريدة روز اليوسف …. و لكل من لا يهرف الأستاذ بشير أنصحه بالدخول علي موقع اليوتيوب وان يكتب في خانه البحث ( بشير عياد ) و يشاهد ما سوف يظهر له من مقاطع فنيه يتحدث فيها بشير عياد عن محمد عبد الوهاب و محمد الموجي وغيرهم و أغاني كتب كلماتها تغني بها علي الحجار و هاني شاكر و محمد ثروت و غيرهم من الفنانيين الذين لازموه رحله نجاحه في دنياه ….
كلمة أخيرة … عقد الابداع والفن ينفرط الان مبدع تلو الاخر، فرحل مصطفي حسين واحمد رجب والفنان نجيب فرح والفنان عادل البطراوي و قبلهم كثيرون …. هناك سؤال يراودني طوال الوقت وابحث له دائما عن أجابته … ماذا قدمت للناس ( وليس لنفسك ) ليتذكروك به بعد رحيلك ؟؟ … هل تركت ما يخدمهم ويسعدهم لتجد أحدهم يكتب عنك . كما أفعل الان عن الأستاذ بشير …… سؤال سأظل أبحث له عن إجابة.