هدير عبد المنعم
في نهاية كل عام وبداية آخر جديد، تستضيف البرامج التلفزيونية متخصصين في علم الأبراج والفلك وغيرها من المسميات التي تهل علينا بتوقعاتها للعام الجديد لكل برج.
وينقسم الناس، البعض يتهافت على تلك التوقعات، هذه الفئة مقتنعة أنه علم وتصدق ما يقال، ولا أزمة في ذلك.
مجموعة أخرى تطلع على سبيل التندر والفكاهة والتسلية والفضول ليس إلا، لا تأخذ الأمر على محمل الجد، فقط تشاهد، ولا أزمة في ذلك.
والبعض الآخر يعرض عن الأمر تماما، ويراه حرام دينيا، ويستشهد بمقولة “كذب المنجمون ولو صدقوا”، وهي مقولة وليست حديثًا نبويًا، وإن كان معناها صحيحًا، وذلك كما أوضحت دار الإفتاء المصرية، بالإضافة إلى توضيح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أنه لا يعلم الغيبَ إلا الله سبحانه، وادعاء معرفته منازعةٌ له فيما اختص به نفسه، والاهتمام بخرافات المُنجمين والعرافين وتداولها إضلال للعقل الذي حرره الإسلام وقدره، والسؤال عن الغيبيات مع استقبال العام الجديد مُحرّم، ولا أزمة في ذلك.
اختلاف وجهات النظر السابقة لا يمثل أي أزمة، إذن أين الأزمة؟ الأزمة تجلت في “إنبوكس” صفحة موقع إعلام دوت كوم على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وذلك عندما نشرنا من خلالها مطالبين من يريد أن يعرف توقعات بسنت يوسف خبيرة التاروت لحظ برجه في العام الجديد كما صرحت بها في برنامج “الحكاية”، أن يرسل رسالة باسم البرج، لنرسل له توقع بسنت.. ولكن الأمر اتخذ منحنا مختلف، فخلال أقل من 24 ساعة تقريبا تلقينا حوالي 300 رسالة.. الرسائل فاجئتنا وأضحكتنا.. وواجهنا مفهوم الكوميديا السوداء عمليا.
1- حالة عاطفية
ونحن على أعتاب عام 2022، وجدنا من يريد أن يعرف هل ستستقر أحواله العاطفية؟ يريد أن يعرف ذلك من توقعات الأبراج.. الأمر أبسط من ذلك.. أجلس مع شريكك، احتسي معه السحلب الساخن فهو الأنسب في هذه الأجواء الباردة، ودعك من عصير الليمون رمز المقابلات الرومانسية، فلن يفيدك في هذا البرد، تحدث معه، ناقش المشكلة، إما أن تُحل أو تنفصلا وينتهي الأمر.. كل ما ستتكلفه ثمن السحلب، والمذاق يستحق.
2- الأبراج لا تعالج الحالة النفسية السيئة.. اجعل أول قراراتك في العام الجديد الذهاب للطبيب النفسي
للحظات شعرنا أننا في زمن آخر، فجوة زمنية لا نعلم نحن متى.. نبدأ عام 2022، وشخص ما يريد من الأبراج أن تخبره هل ستتحسن حالته النفسية أم لا؟ يتحدث بمنتهى الجدية وبدون مبالغة “البؤس”.. اللافت للنظر أنه ليس شخص واحد بل تكرر أمر الحديث عن الحالة النفسية السيئة عدة مرات.. السؤال عن الحالة النفسية والرغبة في إيجاد حل لتحسينها لا علاقة له بالأبراج.. عزيزي القارئ الذي أعمل في هذه المهنة من أجله، أنت بحاجة إلى طبيب نفسي، الأبراج لا دخل لها بالأمر، لا تحملها فوق طاقتها حتى لا تسوء حالتها النفسية هي الأخرى!
3- برج واحد لا يكفي.. أريد حظ أبراج العائلة كلها
أحدهم أرسل لنا برجه وبعدما تلقى الرد، طالب ببرج أخته، قائلا: “وبرج كذا علشان أختي”، هذا القدر من التودد في الطلب جعلنا نشك، هل نعرف أخته؟ هل لدينا علاقة شخصية بها؟.. آخر أرسل قائمة بـ 4 أبراج، لا نعلم هل هذا دليل على الترابط الأسري لديه وحرصه على معرفة حظ أفراد أسرته؟ أم هو الفضول؟ أم هو حظنا العسر في هذه الليلة؟ فمن كان يعمل وقتها فقد آخر “برج في نافوخه”.
4- رحلة البحث عن بسنت
البعض أعتقد أنه يتحدث مع بسنت يوسف شخصيا، فكان يرسل لنا بياناته مفصلة (الحالة الاجتماعية- عدد الأبناء- محافظة الإقامة.. ونحن لم نطلب سوى اسم البرج فقط) حتى تخبره بسنت بتوقعاتها لـ حظه بدقة.. وهنا أزمة أخرى، وهو عدم تحري الدقة وإرسال بيانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون التأكد من أن بسنت هي من ترد عليهم.. وماذا لو حدث ذلك في مكان آخر ليس لديه ضمير مهني؟ كان من الوارد أن ينتحل شخصية بسنت يوسف وكله من أجل “عيون الريتش”.
ما رآه “إنبوكس” إعلام دوت كوم، جعله يسأل بمنتهى الجدية.. هو إحنا في سنة كام؟