محمد هيثم
يقدم الدكتور حسام فاروق، الكاتب الصحفي، والباحث الأكاديمي، والحاصل على الدكتوراه في تحليل مضمون الخطاب السياسي في الإعلام الدولي، من خلال برنامجه “بالبنط العريض”، قراءة تحليلية لما يرد في الصحافة الأجنبية عن مصر والمنطقة العربية، ويحلل النصوص بعقل الباحث الأكاديمي ولغة الصحفي.
أجرى “إعلام دوت كوم“، حوارا مع الدكتور حسام فاروق، تحدث فيه عن برنامجه، وأفكاره للعام الجديد، وعن تقييمه لأداء الصحافة العالمية والإعلام الغربي في مناقشة القضايا المصرية، وما إذا كانت مصر تحتاج إلى قناة إخبارية عالمية؟ وفيما يلي أبرز تصريحاته:
1- “بالبنط العريض”، برنامج صحافة تليفزيونية، وهذه النوعية من البرامج تُفهم خطأ في بعض الأحيان، فمقدم البرنامج ليس دوره أن يقرأ للمشاهد الجورنال، لكن الموضوع يخضع للعلم والدراسة والخبرة والأسلوب، ولو أن الأمر مجرد قراءة فليقرأ المشاهد الجريدة بنفسه، الحكاية ليست فهلوة، فالبرنامج يعتمد أساليب البحث العلمي، والتحليل الإحصائي وتحليل المضمون دون انفعال وبلغة تلتزم قواعد المهنية، ويتناول ما ينشر عن مصر في الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية والوكالات الإخبارية العالمية على مدار أسبوع كامل ويستخدم أساليب تحليل وتفنيد المفردات والكلمات في العناوين والمتون في الصياغة الصحفية والبحث فيما ورائها، ويتوقف عند المواقف المختلفة والمتباينة والغريبة والصادمة أحيانا من بعض الصحف ووكالات الأنباء العالمية تجاه مصر في توقيتات وظروف محددة، خاصة بعد 3 يوليو 2013.
2- في العام الجديد أضفنا بعض التطوير داخل البرنامج، فبجانب استعراض ما يكتب دوريا عما يستجد من أحداث وقضايا معاصرة خلال الأسبوع، استحدثنا بعض الفقرات في المناسبات الوطنية والقومية الكبرى، منها مثلا فقرة من أرشيف الصحف الأجنبية التي صدرت في هذه المناسبات ونشير إلى طبيعة التناول وقتذاك للقضايا العربية، وأضفنا فقرة خاصة بالكاريكاتير في الصحافة الأجنبية وهي أيضا تحتمل الرجوع لبعض الصور من أرشيف الصحافة الأجنبية.
3- ما يكتب عن مصر بالصحافة الأجنبية في السنوات الأخيرة يحتاج لتحليلات معمقة، فهناك قاعدة في علم تحليل المضمون تقول إن كل النصوص قابلة للتأويل، وبعض الصحف العالمية تكذب كثيرا حينما يتعلق الأمر بمصر، فالمسألة تحكمها حسابات سياسية ولغة المصالح، والخطاب السياسي في الإعلام عندما يكون موجها يمثل خطورة لأنه يتعامل مع الرأي العام، وهنا وجب التوضيح لا بد من تفنيد ما يكتب خاصة لو كان هجوما بلا سبب.
4- أداء الصحافة العالمية والإعلام الغربي في مناقشة القضايا المصرية غير دقيق، فالصورة المنقولة عن مصر في بعض الصحف العالمية مغلوطة بشكل متعمد في بعض من الأحيان ونفرق هنا بين نوعين من تناول الصحف العالمية للشأن المصري، الأول عدائي واضح سواء بالصياغة المباشرة، أو غير المباشرة، أو التلميح وهذه الصحف موجهة بسياسات بلادها التي ترى أنه من مصلحتها أن تكون الصورة هكذا في مصر وأن اجتهدت لإخفاء هذا التوجه، النوع الثاني يتناول الشأن الداخلى المصري عن قصور في المعلومات أو عن معلومات خاطئة استقت من مصادر ذات مصلحة في تشويه الصورة دون تدقيق من الكاتب أو الصحيفة التي قد لا تتعمد الهدف الخبيث وتنشر ما بين يديها من معلومات، وفي النهاية فإن الصورة الحقيقية للأوضاع في مصر لا تنقل للخارج كما ينبغي أن تكون، وفي المقابل يوجد صحافة منضبطة تتحدث عن مصر بمهنية واتزان وهناك كتاب منصفين، أذكر مثلا الكاتب الأمريكي “إريك تراجر” في ذا اتلانتيك والكاتب البريطاني “كون كوجلين” في التليجراف وآخرين.
5- مواجهة كذب وادعاءات المغرضين في الإعلام الخارجي تكون بالإعلام المنضبط والمهني، الذي يقدمه متخصصون بالدليل والبرهان والوثائق والقصص الواقعية والأرقام الحقيقية، لكشف الحكايات المفبركة والأرقام المزيفة التي تسللت للرأي العام العالمي عن مصر عبر أبواق الإرهاب والتنظيم الدولي للإخوان خاصة في عدد من العواصم الغربية.
6- ما نقدمه في إعلامنا سواء صحافة أو تليفزيون يصل للخارج، لكن مع الأسف ليس كل ما تقدمه يعكس الصورة الحقيقية عن مصر الكبيرة ذات الحضارة والتاريخ، مصر التي تغيرت للأفضل بنسبة 100% وتحتاج لبذل المزيد من الجهد لتقديم إعلام يعبر بصدق عن الإنجازات الكبيرة التي حققتها بلادنا في السنوات الثمانية الماضية ويوثق لها، فأستطيع القول مثلا إن المشروعات القومية الكبرى التي تقام على أرض مصر وتعود نتائجها على المواطن وحياته، وكذلك مكانة مصر الكبيرة في محيطها وإقليمها وتعاملاتها على صعيد السياسة الخارجية، كل هذا في رأيي لم يعط حقه في الإعلام ولم يصل بشكل واضح للإعلام الأجنبي.
7- الإعلام الأجنبي يتابع ما يدور في إعلامنا وبالتفاصيل الصغيرة، ولا يتابع فقط الإعلام التقليدي، بل يتابع أيضا مواقع التواصل الاجتماعي وأحوال الناس في الشارع ومدى رضاهم أو غضبهم من أمر ما، نحن موضوعون تحت المجهر وهناك من يترصدنا و يتصيد لنا الأخطاء، بل ويصنع الأخطاء من العدم وأنا أحزن حينما أجد برنامجا يتصدر فيه مقدم البرنامج لموضوع وهو غير ملم بتفاصيله وليس متخصصا فيما يطرحه، فهنا يدخل المترصدون ويهاجموننا.
8- علمتني تجربة التعامل مع الصحافة الأجنبية لسنوات أن لا أنبهر بكلمة “عالمية”، فكثير من الصحف على سبيل المثال تكتسب صفة العالمية ولديها متابعين كثر على مستوى العالم وتفتقد للمصداقية والنزاهة والمهنية، وتغلب عليها المصالح والتسييس، وعلى كل حال فليس هناك إعلام محايد 100% على مستوى العالم، ولكن هناك إعلام منضبط أو قل محترم، ومن ثم أرى أننا في حاجة لقناة مصرية أصيلة، وضع خطا بالبنط العريض تحت كلمة مصرية، على أن تخاطب العالم كل بلغته، وتعتمد الرسائل الموجهة والقصيرة والسريعة والنافذة، وتبتعد عن المط والتطويل ويكون محتواها مدعوما بالمعلومات الموثقة والصور والأسانيد، ولدينا الكوادر ولدينا قنوات إخبارية تجتهد في هذا الاتجاه، ولكن ينقصها بعض الجوانب سواء التقنية أو ما يتعلق بالسياسات التحريرية.
9- لا أعتبر نفسي مذيعا بالمرة، فأنا في الأساس باحث متخصص في الإعلام السياسي والتنشئة السياسة وحاصل على الدكتوراه فيما أتحدث فيه، وأحرص دائما على أن لا أخرج من رداء الباحث وهي الصفة الأكاديمية التي أحبها، وأصعب مهمة في البرنامج هي التوثيق والبعض يصفني بأنني موسوس من شدة التدقيق، وبشكل عام يعتبر التوثيق أزمة الكثير من البرامج التليفزيونية، ومن أهم أدوار البرنامج أنه يقوم بتصحيح الصورة المغلوطة التي يتم ترسيخها بالباطل في قطاع من الرأي العام العالمي بناء على وجهة نظر بعض الصحف العالمية ذات الهوى السياسي.
10- فيما يخص ردود الأفعال أحرص بشكل دوري على متابعة ردود الأفعال فيما أقدمه بالبرنامج أو أكتبه في مقالي بجريدة الجمهورية والذي يحمل نفس الاسم “بالبنط العريض” وأتناول فيه هذا الشأن، لأنني كما قلت معني بالتخصص، وكثيرا ما تردني إشادات حول البرنامج، وهذا يدفعني دائما لبذل المزيد من الجهد.
11- أسعد جدا بإشادات أساتذتي، سواء من الأكاديميين من أساتذة العلوم السياسية، أو من زملائي في الجامعة أو من أساتذتي من كبار الإعلاميين والإعلاميات الذين تتلمذت على أيديهم، وأغرب إشادة عندما قال لي أحد أساتذتي أنني لا أترك ثغرة يدخل منها المتربصون بنا في برامجهم الخبيثة ممن يتعمدون التسخيف والتقليل من أي منتج إعلامي والسخرية من الإعلاميين.
12- لا نستطيع القول إني أتلفز ما في المقال عبر البرنامج، فأنا نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية و المقال في اليوم التالي للحلقة، ومن ثم فأنا أصحف البرنامج ولا أتلفز المقال، وهذا ليس دائما ولكن حينما يكون الموضوع ملح ويشغل الرأي العام، ويجب توضيح الحقائق للقاريء أو للمشاهد.
13- بالقطع لا يصلح أي إعلامي لمناقشة الموضوعات السياسية، وأنا ممن يؤمنون بضرورة التخصص في مجال الإعلام، فمن المفترض أن كلمة إعلامي تحمل في معناها من لديه المعلومة ليقدمها للناس، والموضوعات السياسية تحتاج لدارس ومتخصص في العلوم السياسية، نظرا لأهمية وخطورة المحتوى بل أذهب أحيانا إلى التخصص داخل التخصص الواحد، فالعلوم السياسية فيها فروع مثل العلاقات الدولية، والنظم السياسية، والفكر السياسي، والإعلام السياسي، وبالتالي لا بد أن يكون الإعلامي الذي يناقش موضوعات سياسية دارسا لعلم السياسة وفروعه المختلفة، وأكبر خلل في المنظومة وتجده واضحا في الإعلام الخاص بصورة كبيرة ويجب تداركه هو غياب التخصص.
14- في رأيي أن بعض من يظهرون على بعض الشاشات ويتحدثون في السياسة ليسوا في أماكنهم أو بصراحة غير مناسبين وغير مؤهلين لما يقدمونه، واستغرب كثيرين يتحدثون في السياسة وهم بالأساس لا يعرفون معنى كلمة سياسة، فالارتكان لغير المتخصصين أصبح عرفا سائدا لدى الكثير من القنوات المهم أن تكون هناك إعلانات يأتي بها مقدم البرنامج بنفوذه وعلاقاته، ولا يهم ماذا يقول والأمر يتعلق غالبا بغياب الضوابط والمعايير في مجال الصناعة التليفزيونية، فهناك ميل أكبر لجذب المتلقي ورفع نسبة المشاهدة، وبالتالي أمر طبيعي أن تجد شخصا يتحدث في غير تخصصه لكن لديه بعض المؤهلات الأخرى لا علاقة لها بالتخصص كالصوت العالي و”اللوك المختلف”، وطبعا عدد المشاهدات.
يذكر أن برنامج “بالبنط العريض” يعرض السبت على شاسة القناة الفضائية المصرية الساعة 3.45 عصرا على الهواء مباشرة بتوقيت القاهرة، البرنامج رؤية تحليلية وتقديم الدكتور حسام فاروق وإخراج مصطفى جلال وإكرام مصطفى.