سيد محمود
هذه السطور ليس الهدف منها تبريرا بأن أسماء مطربي المهرجانات مقبولة، لكن التاريخ الغنائي والموسيقي في مصر يؤكدان بأن أي فنان لم يكن ليحقق شهرة بدون اسم فني، منهم أحمد عدوية، واسمه الرسمي أحمد محمد، واختير له عدوية لجده “العدوي”، ورائدة الفن الشعبي جمالات شيحة، ومعظم نجوم الفن بحثوا لأنفسهم عن أسماء فنية ليعرفهم الجمهور، نادية لطفي، بولا عبدول، فيروز، نور الشريف، صباح، عمر الشريف.. لو لم يجدوا لأنفسهم أسماء فنية لما عرفهم الجمهور بهذه الميزة، برغم نجوميتهم ونجاحاتهم الواسعة.
إن كان السبب الرئيسي من وراء منع مطربي المهرجانات من الغناء هو أن أسماءهم “شعبية جدا” ولا يليق أن يتقدموا بها للحصول على تصريحات نقابة الموسيقيين، فلتراجع النقابة دفاترها، وتقوم بتغيير أسماء مطربين ومطربات كبار، عرفوا بها وحققوا نجاحات كبيرة جدا في العالم العربي وهم يحملونها، فكثيرون لا يعرفون أن من أشهر من قدموا الفن الشعبي النوبى علي كوبانا، أول من أسس فرقة نوبية في مصر. طافت هذه الفرقة العالم تحصد المراكز في المهرجانات الدولية، فشاركت الأوبرا الفرنسية الأوركسترا الخاصة بها، وقد حصد كوبانا على عضوية اتحاد الموسيقيين العالميين، فهل تطالب نقابة الموسيقيين أن يغير كوبانا لقبه، أو بحر أبو جريشة أو محمد وردي وكاريكا، وريكو، وزاب ثروت، ونادر أبو الليف، وطوني قلدس، وحمزة نمرة، وكلها ألقاب كانت تميز أصحابها لأنهم يعلمون بأنه لو قدم المغني نفسه باسم علي محمد لما حقق الشهرة المرجوة التي يسعى إليها، وهذا لا يعني أن “عنبة” أو طيخا، أوموزة، أسماء نطالب ببقاءها، لكنها مجرد ألقاب اشتهروا بها، ومهما تم تغييرها في أوراق النقابة ستظل هي ما يميزهم في حفلاتهم، وإن كان منعهم من الحصول على تصاريح بالغناء سببه هذه الأسماء فهذه كارثة، لأن بالنقابة أسماء لمطربين كبار يحملون أسماء شبيهه بمن وردت أسماءهم في قرار المنع بسبب غرابة الأسماء.
فقبل أن يبدأ المغني مسيرته يبحث لنفسه عن اسم رنان، وحتى نجوم السينما معظمهم لا يحملون أسماءهم الحقيقية، بداية من نادية لطفي “بولا” ومرورا بنور الشريف “محمد جابر” وفيروز واسمها “نهاد رزق وديع”، كاظم الساهر “كاظم عبد الجبار السامرائي”، ولبلبة “نينوتشكا مانوك كوبليان”، مديحة يسري “هنومة”، فمن الصعب أن يحقق ممثل أو مطرب شهرة واسمه عادي، لا يلفت الأنظار، فمن حق من يريد أن يسمي نفسه عنبه لأن اسمه قد يكون عاديا لا يلفت الأنظار مهما قدم من أعمال مهمة، فحتى أم كلثوم لم يكن لتغني وتحقق شهرة باسم فاطمة.
فالمطرب الشعبي الكبير أحمد عدوية غير اسمه من أحمد محمد مرسي العدوي، ليحقق شهرة أوسع مما حققه في العالم العربي باسمه، لأن أحمد ومحمد ليس اسما فنيا، وكان رمسيس نجيب يدرس مع الممثل تغيير اسمه وغالبا ما يكون اسم شخصية بالفيلم كما حدث مع نادية لطفي.. عمر الشريف هو من اختار أن يغير اسمه من عمر الشريف إلى ميشيل ديمتري شلهوب، دون أن تتحرك نقابة الممثلين، أو نقابة السينمائيين ضده بوضع شروط تعجيزية إما أن تغير اسمك أو تظل ممنوع من العمل.
جدل ما زال قائما وسيستمر من الجدل، إذ أن نقيب الموسيقيين المطرب الكبير هاني شاكر، لديه قناعات بأن هناك إجراء لا بد أن يتخذ حتى لا يقال إنه تراجع عن قرار منع مطربي المهرجانات، فبعد موجة رفض لقرارات النقابة ظهرت حجة تغيير أسماء بعض مطربي المهرجانات بمصر، كشرط لقبول طلبات انضمامهم للنقابة، دون أن تعقد جلسات استماع يتم من خلالها فرز الصوت الجيد من غير الجيد.
طلب من “حمو بيكا” أن يغير اسمه إلى محمد محمود، وبالطبع إن قام “بيكا” بتغيير اسمه إلى محمد محمود، لم تقم له قائمة، ولن يعرف جمهوره إن كان “بيكا” يغني أم اعتزل، قد يكون صوته غير جيد، هناك حجة لكن منعه لأن اسمه غير جيد ليست حجة.
كما أن هناك أسماء في قاموس النقابة تشبه شاكوش، وتغييره إلى حسن منصور، و”عنبة” لـ “عناب”. أمر مستحيل، ثم ما الفرق بين عنبة وعناب؟!
نقيب الموسيقيين لا يمكنه إنكار أن مغنية مثل جمالات شيحة، حققت في مجال الغناء الشعبي شهرة فاقت الحدود، هي إحدى رائدات الفن الشعبي المصري، قدمت العديد من أغاني التراث مما جعلها تتربع على عرش أهم مطربات الغناء الشعبي في التاريخ المصري. ولأغنياتها شهرة تفوق أغنيات كبار المطربين حاليا، أغنية “على ورق الفل دلعني وإتدلع يا حلو، ويا حلو غير رأيك فينا”، وغيرهم من الأغنيات الشهيرة في محافظات مصر من بلدها الشرقية وحتى صعيد مصر.
وإن رضخ الثلاثي وأقروا بتغيير أسماءهم لن تقوم لهم قائمة، ولن يسمع أحد عن بيكا أو عنبة أو موزة.
مطربي المهرجانات غير نقابيين، وما لا يعرفه المسؤولين بالنقابة أن الموافقة هدفها الوحيد هو عدم إثارة الجدل ليس في الحفلات بل في أنشطتهم الموازية، ومنها اليوتيوب، وصفحات السوشيال ميديا، والحفلات الخارجية بدول الخليج.
لم يكن معظمهم قد عرف بدول الخليج، أو المغرب العربي قبل الجدل الذي أثارته النقابة منذ عامين ضدهم، زادت شهرتهم، وارتفعت أسهمهم، ومنهم من قدم حفلات في السعودية أكثر مما كان سيقدمه في مصر.