فى عام 1983 شارك الفنان حسن عابدين فى بطولة فيلم (درب الهوى)، حيث أدى دور عبد الحفيظ باشا الوزير ورئيس حزب “الفضيلة والشرف” و الذى طالما دعا إلى غلق بيوت الدعارة نهارا، ومع ذلك كان يتردد عليها كل ليله، ورغم أن الفيلم الذى يتحدث عن بيوت الدعارة فى الأربعينات ظل ممنوعا من العرض حتى أوائل التسعينات إلا أن عابدين قدم من خلال دوره شيئا جديدا ومختلفا وقتها, حيث تعرض لأول مرة إلى الشخصية المازوخية التى لا تستطيع الحصول على المتعة إلا بعد أن تتلقى تعذيبا جسديا أو نفسيا، ورغم أن الفنان نفسه قد تبرأ من الدور فى حوار أجرى معه قبل وفاته بوقت قصير معلنا ندمه الشديد على الظهور بمظهر غير لائق إلا أن جملته الشهيرة فى الفيلم ( أنا عايز واحدة تهزأنى ..تهزأنى..تهزأنى) ظلت عالقة فى الأذهان حتى يومنا هذا.
لا أدرى لماذا تذكرت تلك الجملة و أنا أتابع حوارات الفنان سعيد طرابيك على الفضائيات، فالرجل وقع فريسة سهلة لإعلام دس له السم فى العسل، و صور له أن قضية زواجه من فنانة مغمورة تصغره بما يقرب أربعين عاما هى قضية محورية هامة يجب أن تفرد لها ساعات بث طويلة حتى يمسك المشاهد بتلابيبها جيدا، ويعرف أدق تفاصيلها، وكأن طرابيك بموافقته الظهور فى هذا الكم من البرامج الفضائية يثبت لنا أنه يستعذب تلقى الإهانات، ويتيح الفرصة سانحة للجميع بأن يلوكوا فى مدى قدرته الجنسية من عدمها، رغم أن هذا الأمر تحديدا قد قتل حديثا وتهكما وسخرياّ بمجرد ظهور صور الزفاف على مواقع التواصل الإجتماعى، ومن المؤكد أن الأحاديث الساخرة قد وصلت إليه كاملة، بدليل أنه فى كل لقاء يؤكد أنه لن يعطى لتلك الكلمات أى اهتمام وأنه سيسعد بحياته وزواجه تحت أى ظرف، لكن طرابيك قرر أن يسمح لتلك الحوارات أن تقال مجددا واضحة وجلية على لسان المتصلين فى مداخلاتهم، أو مستترة ومخفية على لسان مقدمى البرامج أنفسهم .
الرجل فنان قدير، و أدواره بصمات مضيئة فى أى عمل، لكنه و زوجته لايتقنا الأحاديث التليفزيونية وهذا ليس عيبا، كما أنهما يتحديان قوانين (السوشيال ميديا) ببقاء أى موضوع مهما كان خطيرا أو مهما أكثر من يومين على قيد الحياة وهذا سخيفا ومملا، قلة خبرة طرابيك الحوارية أتت بثمارها سريعا، حيث قررت زوجته الأولى تحريك دعوى قضائية ضده، و الحقيقة أنه أهانها كثيرا فى برنامج الستات مايعرفوش يكدبوا، بل تحدث بسوء عن ابنه بشكل مهين وفاضح، ثم ختم كلامه ب (يلا الله يرحمها) قبل أن تستوقفه مفيدة ليتدارك الأمر ويقول (الله يسهل لها)
أما مع ليليان داوود فى الصورة الكاملة فقد بدى الحوار باهتا خالياّ من أى محفز للمشاهدة ، قد يرجع ذلك إلى طبيعة البرنامج المحافظة، البعيدة كل البعد النميمة وجلسات المصاطب، لذا قرر سعيد أن يغير من إيقاع الحلقة الرتيب، و يفجر مفاجأة عن البرنامج الذى ينوى تقديمه بصحبة زوجتة كفيلة بؤاد الفكرة فى مهدها، حيث قالها علانية بأنه برنامج مقالب وكاميرا خفية!!
أما مع وائل الإبراشى فقد جلس الزوجان يتبادلان عبارات العشق والهيام طوال اللقاء مما دفع وائل الإبراشى إلى مداعبتهما وطلب من العاملين خلف الكاميرا إحضار (اتنين لمون) لزوم وصلات الحب الملهلب، قبل أن تنغص عليهما إحدى المتصلات تلك الحالة، بعد أن طالبتهما بالكف عن الزيف و المبالغة فى إظهار مشاعر غير حقيقية لا جدوى من إظهارها أمام المشاهدين.
لاشك أن كل إنسان حر فيما يفعل، لكنهم قديما قالوا (الخلطة تجيب الغلطة) وهو مايمكن ترجمته فى هذه القصة تحديدا بأن الظهور الإعلامى المكثف بلا هدف أو قضية يجلب لصاحبه الوبال الذى لا يطيقه، إلا لو كان يستعذب هو ذلك ويحبه!!