صدر حديثا عن دار “مؤمنون بلا حدود”، في بيروت، كتاب “ثقافة ما بعد كورونا.. الفيروسات الثقافية – المواجهة والعلاج والطريق نحو المستقبل”، لـ محمد سيد ريان.
وقد أوضح الكاتب محمد سيد ريان، محتوى الكتاب كالآتي في السطور التالية:
لأنّ كورونا نموذج للأزمات الكبيرة -إن لم يكن أكبرها- فكان لا بدّ أن نفهم ما حدث حتّى نتمكن من صياغة مشروع ثقافي في عصر يتغير كلَّ بضع لحظات نحو مستقبل غیر معلوم بالضرورة، ولكنّه مطلوب للتعرف عليه.
وقد حاولت في هذا الكتاب تناول القضية الثقافية في ظل الأزمة الحالية، وتم التركيز على الأبعاد المختلفة لمداخل الموضوع المطروح؛ كقضية الثقافة في ظل مفهوم جدید مغاير؛ وهـو وسائل التّباعـد الاجتماعي التي أفرزتها بشـدة الأزمة الأخيرة؛ خاصة في ظل الإجراءات الوقائية والاحترازية، وطغيان نمـاذج مؤثرة في مجالات عديدة مثل العمل عن بعد والتعليم والتثقيف عن بعد.
ولأن الثقافة نفسها بمكوناتها الداخلية تواجه أزمة قديمـة تضاعفت مع التأثيرات الحالية؛ فقد وجب الربط بين أزمة الثقافة وثقافة الأزمة، فكلاهما إفراز طبيعي لمـا نعانيه في المجالات الاجتماعية والثقافية. يناقش الكتاب فيروسات ثقافية عديدة تزداد يوماً بعـد يـوم، وتزداد معها كلّ الأضرار والمخاطر التي تحيط بنا من كل اتجاه.
مشكلات فكرية عديدة نحتاج فيها إلى مصارحة الـذات، وقضايا ثقافية مسكوت عنها ينبغي أن نبحث فيها ولا نتركها، أو نتجنّبها في هذا الزمن الصعب.
الكتاب لا يجعلك تشاهد مشكلات وأزمات فقط، ولكن يضع حلولاً، ومخارج كثيرة نحو مستقبل ثقافي آمن. يشير الكتاب إلي أن كلمة فيروس انتشرت في مجالات وعلوم عديدة منذ فترة طويلة، فمن العلوم الطِّبِّيَّة لعلوم الكمبيوتر والإنترنت، وساعد على ذلك التَّطوُّر التِّقنيُّ الكبير، ففيروس الحاسب مثلاً يقوم بتغيير خصائص المجلَّدات والملفَّات والبرامج الَّتي يصيبها؛ لتقوم بتنفيذ بعض الأوامر إمَّا بالإزالة أو التَّعديل أو التَّخريب، وما شابهها من عمليَّات.
وكما أنَّ هناك فيروسات تصيب الأجسام البشريَّة والأجهزة؛ فهناك فيروسات تصيب العقول، وتظهر أعراضها في الأفكار والقِيَم والأنماط السَّائدة مجتمعيَّاً وثقافيَّاً. ويمكن تعريف الفيروسات الثَّقافيَّة بأنَّها معتقدات أو أفكار وقيم فاسدة تصيب البناء الثَّقافيَّ والحضاريَّ. وكما أنَّ هناك مضادَّاً لفيروسات الكمبيوتر؛ فلا بُدَّ من إيجاد مضادٍّ للفيروسات الثَّقافيَّة من خلال العمل على المواجهة، وتوفير الحلول للحدِّ من تأثيرها، والعمل للقضاء عليها نهائيَّاً. فدراسة المشكلات الحياتيَّة وسلوكيَّات النَّاس اليوميَّة توضح الكثير من خبايا وأسرار التَّفكير البشريِّ المعقَّد، فأشكال الانفلات الاجتماعيِّ كمشاهدة سائقين يكسرون إشارة المرور، أو موظَّفين فاسدين يعتمدون على الرِّشوة والاحتيال، أو تصرُّفات رجال دولة يستغلُّون وظيفتهم لقهر المواطنين، كلُّ تلك السُّلوكيَّات الخاطئة ناتج عن تفاعلات وأنماط مجتمعيَّة خاطئة، ولا بُدَّ من إيجاد حلول لها في إطار من التَّوافق الاجتماعيِّ القائم، وفي المقابل فإنَّ تنمية الأفكار الابتكاريَّة والسُّلوكيَّات الصَّحيحة مثل الحملات التَّطوُّعيَّة وتطوير التَّعليم وتنشيط الاقتصاد، أو نشر المعرفة يساهم في زيادة التَّماسك الاجتماعيِّ. وكذلك دراسة الإشكاليَّات الفكريَّة والفيروسات الثَّقافيَّة يوضح لنا خبايا وأسراراً تخصُّ العديد من أزماتنا الحضاريَّة والثَّقافيَّة الَّتي تبدو صعبة على الفهم والحلِّ بدون العودة للجذور والأصول الرَّاسخة لذلك التَّأخُّر والتَّدهور الفكريِّ. جدير بالذكر أن الكتاب هو استكمال لمشروع ثقافي للمؤلف وصدر له من قبل ” تسويق المنتج الثقافي في عصر الثقافة الرقمية ” و ” السياسة الثقافية في عهد ثروت عكاشة ” والقوة الناعمة .. الكنز المصري “.