بما اننا نعيش في وقت وعهد بُنى على التفويض الممنوح من الشعب عن ثقة للقيادة، وبما أن الثقة يجب أن تكون متبادلة بين الطرفين لا يتدخل فيها طرف ثالث لا سمح الله، لذا فنحن الآن في وضع شبه منقوص، فالعلاقة يجب أن تكون متبادلة وفي الاتجاهين حتى تسرى دماء الحياة في أركان الوطن. السير في اتجاه واحد لا يصل بنا إلى النتيجة المرجوة، فالدماء التي تسرى في شرايين الجسد الواحد تدور وتعود ليتم تزويدها بالأكسجين لتستمر في صلاحيتها لاستمرار الحياة، كذلك هو التفويض لا يمكن أن يكون من طرف لطرف آخر ولا يكون متبادل إلا في حالات العجز.
في العلاقات القانونية بين الأفراد، يمكن لشخص أن يقوم بعمل توكيل لغرض ما، ذلك كون الطرف الأول (الموكل) لا يمكنه أو لا يستطيع انجاز ما تم التوكيل فيه، وعليه فإن الثقة تكون متبادلة بين الطرفين، أما في حالنا فنحن قمنا بالتفويض (بكل تأكيد) للثقة فيمن فوضناه وبعد ذلك لم نشعر بثقة متبادلة فلم يتم تفويضنا في شيء، قد تسأل وما يمكن للقيادة أن تفوض فيه الرعية؟
أجيب بأن السلطة التشريعية الموجودة في يد القيادة الآن بموجب الدستور هي في الأصل سلطة تخص الرعية انتقلت بموجب التفويض لمن بيده القيادة والسلطة، أما أصحابها الأصليين لا يسمعون أو يشعرون بأي من مكاسب ممتلكاتهم الأصلية، قد يكون الواقع يقول أن المكاسب أو انجازات ما نتج عن السلطة التشريعية جيدة في ظل الظروف المحيطة، لكن يبقى أن يشعر المالك الأصلي بتلك النتائج التي تراكمت على مر أكثر من سنة.
في دول العالم المتقدم يتم تقديم نتائج لكل فترة فيما يسمى “بتقرير الحالة” Status Report، وهو تقرير يستعرض ما كان عليه الحال وما تم انجازه من أعمال وقياس النتائج، يحدث هذا في الشركات والمؤسسات والمنظمات والجهات الإدارية الحكومية وحتى قمة القيادات السياسية – كلٌ يرفع تقريره إلى مرؤسيه الأعلى إلى أن ينتهي الأمر بالقمة عند الشعب. لا ننكر وجود شكل مماثل لتلك التقارير من القيادة السياسية إلا انها تعاني أشد ما تعاني من أنها تنتج بنفس طريقة العهد السابق “اخترناه اخترناه” وهو أمر لو تعلمون بغيض، يأتي بنتائج سلبية على المتلقي ويجعله يتشكك في صحة ودقة ما أقدم عليه من تفويض وتأييد.
نطمح في أن يصدر عمن بيدهم الأمر.. افصاحاً أو توضيحاً أو تبياناً وليس إعلاناً عما تم تنظيمه وإصداره من قوانين وقرارات تتعلق بالسلطة التشريعية التي في يد القيادة السياسية، من أجل شفافية يعايرنا أعداء الوطن بإدعاء عدم وجودها، من أجل توعية الرعية، وإظهاراً لحقيقة الأمور ولضحد كل التقولات عن إدعاء الاستخدام غير الرشيد لتلك السلطة، وحتى نكذب أساطير النظم السابقة بأننا غير جاهزين للديموقراطية، أم أننا رعية غير جاهزة للتوعية من الأصل.