تابعت في الفترة الأخيرة العديد من الموضوعات والمقالات، كما تابعت الكثير من مشاركات بعض الأصدقاء المهتمين بصناعة الإعلام علي مواقع التواصل الإجتماعي التي تهاجم الإعلام المصري علي عثرته المستمرة، وكأن القائمين علي أموره لا يريدون نهضة حقيقية تلحق به، هجوم الإعلاميين والمتخصصين كان لا لشئ سوي حزنهم علي سوء حال الإعلام المصري .
الأمر الذي جعلني أفكر وأتأمل ؛ إذن لست أنا الوحيد الذي يري خللاً في صناعة الإعلام.
الأمر نفسه بات جلياً لي عندما ناقشته الإعلامية رشا نبيل على قناة دريم فى برنامجها “كلام تانى” مع نخبة من الإعلاميين الكبار ، الذين اجتمعوا فيما بينهم أننا أمام مشكلة حقيقية، علي الرغم من أن الحلقة كانت مخصصة للتحدث عن مشاكل الصحافة فقط إلا أنهم تحدثوا عن الإعلام بشكل عام.
من ناحية أخري يشتكي القائمون علي الصناعة من الخسارة المادية المستمرة والتي تصل إلي مليارات الجنيهات.
الملفت في الموضوع أنه طول فترة التفكير في هذه القضية لم أري أمامي سوي نجوم الفضائيات “المذيعين الكبار”، الذين لو قررنا أن نتغاضي مؤقتاً حتي نهاية المقال عن رواتبهم المبالغ فيها مقارنة بصانعي البرامج الحقيقيين خلف الكاميرا، من معدين ومراسلين وفنيين ومخرجين سوف نجد أنفسنا امام كارثة حقيقية ، وكان قد ذكر الدكتور محمد فتحى فى الحوار السابق الإشارة إليه أن رواتب بعضهم قد تصل إلى ملايين الجنيهات !
وبما أننا قررنا إرجاء المسألة المادية قليلاً، دعنا نتحدث عن الأهم، وهو صناعة الإعلام في محطة فضائية في ظل وجود “نجم” يري أنه “الكل في الكل” هل سيكون هناك أي مساحة ولو قليلة من الإبداع والتميز والأفكار الجديدة والمتجددة ؟
أم سنخضع جميعاً لأفكار “النجم” مهللين ومكبرين بعبقريته الفذة ؛ حتي لا نتعرض للأذي أو للطرد، طبعاً علشان “سيادته واصل ” وهو أهم واحد في القناة، “غير كدا مافيش قناة” وهذه الجملة قد قالتها مذيعة شهيرة وشريرة للمعد الذي ضربته عندما تطاول وقرر إنه يقول رأيه.
يا سادة لا يُصنع الإعلام هكذا كما نفعل نحن هنا فى مصر المحروسة ، كما أيضًا لا تتقدم الدول إذا ظلت تتعامل مع الملفات الشائكة كما نتعامل نحن هنا فى “أم الدنيا ” .
الإعلام فى مصر هو “النجم ” الذي يجلس أمام الكاميرا وخلفه فريق عمل كبير يعمل بكل جهد حتى يخرج سيادته على الجماهير والمواطنين؛ متحدثًا عن أفكاره وأطروحاته للخروج من هذه الأزمة أو تلك المشكلة .
حتى وصل الأمر أنه عندما يتواصل المذيع “النجم ” مع المسؤولين ، يحاول أن يستغل خوفهم وحرصهم على وظائفهم العامة ، فيبدأ هو باستجوابهم على شاشات التلفزيون وعبر المكالمات التليفونية ، ظنًا منه أنه يصنع لنفسه كيانًا أكثر قوة ، أو يحاول أن يُرضى غروره ، فهل تتذكرون المذيع الذى قال لمخرج البرنامج ، “هاتلى يابنى المحافظ ده على التليفون ” ، فهل تعتقد أن بعد هذه الجملة يستطيع المواطن الإجابة على سؤال حول من هو المسؤول ؟ وما هى سلطة المذيع “النجم طبعًا” لكي يتحدث عن المحافظ هكذا ، حتى وإن كان المحافظ قد أخطأ ، لأ طبعًا ، لن يستطيع أن يجيب على هذا السؤال ، بل بالعكس قد يظن البعض أن المحافظين والوزراء ،شغالين عن المذيع “النجم ” .
وبما أننا وصلنا لنهاية المقال فكيف لنا أن ندرك ونستوعب ، الخسارة التى يخسرها أصحاب الفضائيات والصحف الكبيرة ، فى حين أنهم يدفعون رواتب تُقدر بملايين الجنيهات لشخص واحد فى الجريدة أو المحطة الفضائية.