تروي رواية غسان كنفاني الموجعة والقاسية في تفاصيلها (رجال في الشمس)، والتي حولها توفيق صالح لفيلم (المخدوعون) قصة ثلاثة فلسطينين من أجيال مختلفة، الكهل أبو قيس والشاب أسعد والصبي مروان في سعيهم للوصول إلى الكويت، للحصول على مصدر رزق يحقق لهم العيش بكرامة، ولا سبيل للوصول إلى الكويت إلا عبر التهريب المتكرر والذي يكون الوسيلة الوحيدة لدخول الكويت عن طريق البصرة في شهر اغسطس، ولارتفاع أسعار المهرب البصري المحترف وقلة ما بحوزتهم من مال يلجأون إلى سائق فلسطيني يقود خزان مياه عبر الحدود يتفق معهم على إيصالهم إلى الكويت على أن يختفوا في جحيم أغسطس في الخزان لمدة أقصاها سبع دقائق حسب تقديره لأن سيارته حسب زعمه تحظى بمعاملة خاصة على الحدود و لا تفتش وخاصة في هذا الوقت اللاهب الذي لا تجرؤ فيه دوريات الحدود على التجوال.
وفعلا ينجح في الخروج بهم من منطقة صفوان العراقية بهذه الطريقة خلال تلك المدة ويجتازون تلك الدقائق ليدركهم قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة، وهذا ما لم يستطع أن يقوم به في المرة الثانية في منطقة المطلاع الكويتية، فهناك يؤخره أصدقاؤه في الحدود وهم متوهمون أن تأخره في البصرة كان للتشبع من الملذات مع الراقصات دون أن يدروا أن السائق (أبو الخيزران) قد فقد رجولته في حرب مضت في سبيل الوطن وليكلف التأخير الذي وصل لإحدى وعشرين دقيقة أولئك المساكين الثلاثة حياتهم ويقضوا جميعا، فيرميهم في مزابل الكويت بعد سلبهم كل ما يملكون، محاولا إبراء نفسه من المسؤولية بالقول: كان عليهم أن يدقوا جدران الخزان!! …..لماذا لم يدقوا جدران الخزان!!
رجحت السلطات النمساوية أن يكون القسم الأكبر من المهاجرين اللذين عثر على جثثهم في شاحنة متروكة على الطريق السريع في النمسا لسوريين، وقال المتحدث باسم الشرطة النمساويه (بين 71 شخصا هناك 59 رجلا وثماني نساء وأربعة أطفال، احداهم في سنتها الأولى أو الثانية).
وأوضح أنه تم العثور على وثائق سفر سورية لذلك “يرجح” أن يكونوا من اللاجئين السوريين
… في مشهد لا يبتعد كثيرا عما كتبه غسان كنفاني منذ خمسين عاما، وهنا نستحضر سؤال كنفاني المراوغ على لسان السائق لماذا لم يدقوا جدران الخزان بنقيضه … ماذا لو دق المهاجرون السوريون في الشاحنة جدرانها؟… ما الذي سيتغير؟ لا شيء؟ هل هناك من يسمع؟ هل هناك من هو قادر على تغيير النتيجة؟ البقاء في الوطن موت وكان الفرار من الوطن موتا … الموت يتنفسه السوريون ويحيطهم كل يوم، لن يسمعهم أحد، العالم شد الأبواب وحط الأقفال عليها، استوثق من كل الشرفات، ومضى من دون النظرة في عيونهم.
أكد رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس، في بيان له 9 يوليو الماضي أن عدد اللاجئين السوريين هو أكبر عدد للاجئين في صراع واحد في العالم.
وقالت المفوضية إن معظم اللاجئين الفارين من الصراع الدائر في سوريا منذ أربع سنوات يقيمون في لبنان والأردن والعراق ومصر وتركيا التي تستضيف عددا منهم يفوق عددهم في أي بلد آخر ويبلغ 1.8 مليون سوري، ويوجد 270 ألف سوري آخرين طلبوا اللجوء إلى أوروبا، إلى جانب 7.6 مليون سوري نازحين داخل سوريا.
نقلت وكالة رويترز صوراً لالقاء القبض على أسرة سورية هاربة من جحيم الحرب في بلادها في محاولة للتسلل عبر الحدود من صربيا إلى المجر، وأظهرت الصور التي التقطها مصور الوكالة لحظات رفع أحد أفراد الأسرة السلك الحدودي الشائك، وفرحتهم بعبوره ثم صدمتهم بعد إلقاء الشرطة المجرية القبض عليهم، ووضع الكلابشات في يد شاب كان يصرخ ويقول: (بدنا نعيش يا ولاد الكلب)!!