الإعلام ليس بالمهنة السهلة، إنها مهنة المتاعب والتميز والحضور، والتميز ليس بالشئ السهل بل يحتاج لمقومات عديدة لكي يتسم هذا الإعلامي بالتميز، والإعلام في مجالاته الواسعة، الإذاعة، التلفزيون، الصحافة، الإخراج، الإعداد، التقديم، وغيرها يتطلب مواصفات وتميزا خاصا به.
على الإعلامي أن يكون محترفاً فلم يعد هناك مكان للمذيع الهاوي والإحتراف لا يأتي من فراغ بل من تدريب وتأهيل حتى يكون في جاهزيته الكاملة. فمن هو المذيع المتميز؟ وما هي مقوماته وصفاته وما يجب أن يكون عليه لكي يشار إليه بالبنان وتطلق عليه صفة التميز، خاصة وأن الفضائيات حاليا تتزاحم عبر شاشاتها، والإذاعات عبر مايكروفوناتها، بأعداد كبيرة من المذيعين والمذيعات الجدد والقدامى، فهناك المتميز الذي يعتمد على كفاءته وقدرته المهنية وليس على شكله وهندامه، وهناك من لا يصلح للعمل في هذا المجال الحساس أصلا.
المذيع هو الوجه الرئيسي في الشاشة، وهو الناقل الأمين للمعلومات، وهو الماركة التي تعرف بها القناة الجيدة من السيئة، وبالتأكيد هو الذي ينقل الرسالة الإعلامية الخاصة بالتوجه السياسي المعين، والرؤية الإجتماعية المعينة، لذلك تسعى كل شبكة إعلامية إلى الحصول على أفضل المذيعين، وأنجحهم، لأنه المخرج الحقيقي لكل الكواليس الخفية التي تحدث في الإعلام، ويجب أن تشدد كل القنوات سواءً الإذاعية أو التلفزيونية، في مواصفات المذيعين الشكلية والصوتية، والمهنية، وكل مذيع عليه أن يعمل على تطوير نفسه وصقل مهاراته ومواهبه، وبغض النظر عن التوجهات السياسية المختلفة للإعلام، إلاَّ أن صفات المذيع الناجح ضرورة لازمة ومشتركة بينها، ولا تختلف عليها الجهات الإعلامية المختلفة.
ولا يخفى على أحد أن مقدمي البرامج الثقافية بشكل خاص يفترض أن تتوافر فيهم شروط معينة، وذلك لأهمية المادة التي يقدمونها من جهة، ولأنها موجهة إلى شريحة هامة من المجتمع هم المثقفين والمتابعين للشأن الثقافي المحلي والعربي من جهة أخرى. ولا شك أن اللباقة في الحديث وسرعة البديهة والتلقائية والثقافة الواسعة وطلاقة اللسان من أهم مقومات مقدم البرامج الناجح والتي يجب أن تتوافر فيه ليضطلع بتقديم برامج تخاطب الوسط الثقافي بما يليق به وبما يخدم الثقافة ويقدم مادتها للجميع.
كما أن البرامج الحوارية تحتاج مذيع مثقف، واعي قبل كل شيء، متحدّث لبِق، مُلم بالموضوع المطروح، يحترم الرأي الآخر، والأهم أن يطبّق آداب الحوار وهى أن يعطى الفرصة كاملة للضيف وألا يقاطعه وألا يستغل وقت البرنامج فى عرض أفكاره الشخصية ويجب تماما أن يبتعد عن إظهار انتماءاته، مهما كانت، فى إدارة الحوار، ولا ينبغى أن تنم أسألته عن بغض أو كره للضيف فالمشاهد يدرك ذلك بسهولة ويسر ويرسم انطباع سئ عن مقدم الحوار. كما يجب أن يكون لديه حضور جيد ولغة سليمة وسرعة بديهة وذكاء فطرى وقبول وهذه منحة ربانية قابلة للاكتساب عن طريق التدريب والتطوير.
من الذي يختار المذيع ويقرر بقائه؟! فى نهاية الأمر الجمهور هو الحكم الأول والأخير على المذيعين، وهو المعيار الحقيقي لنجاحهم. تستطيع أن تحصل على وظيفة مذيع بالمحسوبية أو أن تركب الموجة ضد الدين والوطن، ولكنك لن تستطيع الحصول على قلوب المشاهدين ولو لمعوك مليون مرة!
ولو ألقينا نظرة سريعة على البرامج التى تقدم الآن على شاشات القنوات الفضائية المتعددة بمختلف اتجاهاتها وانتماءاتها لأدركنا أن كل المعايير السابقة التى استعرضناها، وكل ما تحدثنا عنه من خصائص يجب أن تتوفر فى المذيع الناجح، لا تكاد تتوفر إلا فى القليل من المذيعين ومقدمى البرامج. وأصبح الأساس الذى يتم عليه الأختيار هو المصالح والمصالح فقط. فهل كل لاعب كرة معتزل يصلح أن يكون مقدم برامج؟! وهل كل صحفى يصلح أن يكون مذيعا؟! وهل كل عسكرى سابق يصلح أن يجرى حوارات مع مثقفين وساسة؟! وهل يصح أن يطل علينا صاحب قناة طوال اليوم ببرامج حوارية لا طائل منها لا لسبب إلا لأنه صاحب القناة؟!