سيد محمود سلام في الحب والحياة
بعد أن حققت المسلسلات القصيرة ذات الحلقات العشر، أو الخمسة عشر، على المنصات الإلكترونية نجاحا كبيرا، يبدو أن ظاهرة جديدة قد تقلب طاولة العروض السينمائية رأسا على عقب تدخل المنافسة مع الأفلام الروائية الطويلة وهي صناعة سلسلة من الأفلام الروائية القصيرة تحمل فكرة واحدة وبمخرجين وممثلين مختلفين.
إذ أثارت سلسلة أفلام “في الحب والحياة” التي شارك فيها ثمانية مخرجين، من دول مختلفة، وبنجوم مثل أحمد عز وآسر ياسين –أثارت جدلا كبيرا- كونها تجربة لم يسبق تقديمها على المنصات الإلكترونية وبخاصة من خلال الإنتاج العربي.
وسيتم عرض السلسلة التي تدور جميعها تحت فكرة “الحب” ولكن ليست بشكل تقليدي إذ يغلب عليها طابع الكوميديا السوداء وتدور في يوم واحد وهو “عيد الحب”، في 190 دولة ومترجماً بـ 33 لغة ومدبلجاً إلى 5 لغات.
المخرجة ساندرا بصال- نشأت سابقا- أكدت لي بأنها عبرت من خلال فيلمها القصير” أخويا” الذي قام ببطولته النجم أحمد عز عن ما بداخلها من رغبة في التأكيد على أننا بحاجة لأن نتعلم من ذوي الاحتياجات الخاصة، بل أننا نحتاج إليهم أكثر من احتياجهم إلينا، وهو ما اكتشفته من خلال شخصية أدهم الذي قام بدور شقيق أحمد عز في الفيلم، ناهيك عن رغبتها في تصوير الطبيعة البكر في الريف المصري.
قالت “بصال” وهو الاسم الجديد لها بعد سنوات من العمل الفني تحت اسم ساندرا نشأت ،حيث رأت إنه من الأفضل لها أن تحمل اسم العائلة وأنها كانت رغبة قديمة للتغيير رأت أنه حان الوقت لتؤكدها.
قالت بأن هذه التجارب القصيرة تصل إلى الناس أسرع عند عرضها على المنصات، وأنها محظوظة باختيارها لفكرة فيلم “أخويا” لأنها تمثل لها بحث في جوانب إنسانية أكثر من مجرد عمل سينمائي.
فيلم “أخويا” يتناول قصة أخ أكبر “أحمد عز” يدعى دياب، يهب نفسه وحياته لرعاية شقيقه الأصغر مولود بمرض “متلازمة داون”، تكشف الأحداث التي تقدمها المخرجة في “21 دقيقة” كم أنه أكثر ذكاء من الأصحاء.
الفيلم الثاني عاد به المخرج الكبير خيري بشارة للسينما وهو “يوم الحداد الوطني في المكسيك” مدته 37 “دقيقة”، يعكس فكرة فلسفية ويطرح سؤالا “ماذا لو أصبحت كل وسائل السعادة وبخاصة تلك التي ينتهجها الناس في عيد الحب من المحرمات.. الأغاني، اللون الأحمر، الكتب، ويقدمها من خلال شخصية حسن “آسر ياسين” يحاول كسر الحظر فى مناسبة عيد الحب، فيقرر القيام بمهمة إنقاذ خطيبته من هيئة منع الحبّ”.
يؤكد “بشارة” أن فكرة الفيلم لا تستند على واقع ملموس، ولا هي مرتبطة بزمان أو مكان، لكنها تعبر عن الإنسان عندما يمنع من تحقيق السعادة لنفسه، أو الغير، ومحاولته الاستمتاع بالحرية دون خوف.
الأفلام الثمانية التي تعرض على شبكة “نتفليكس” حققن ردود أفعال جيدة كونها تمثل بيئات مختلفة، وموضوعات متباينة، وجنسيات أيضا متعددة.
قامت بتطوير الأفكار السيناريست عزة شلبي، وشارك فيها إلى جانب ساندرا بصال وخيري بشارة كل من المخرج هاني أبو أسعد والمخرجة أميرة دياب من فلسطين، والمخرج عبد المحسن الضبعان من السعودية، والمخرج هشام العسري من المغرب، والمخرجة كوثر بن هنية من تونس، والمخرج محمود الصباغ من السعودية والمخرج ميشيل كمون من لبنان.
وتتم المنظومة السينمائية تحت إشراف المنتج أنطوان خليفة وهو المستشار الفني للسلسلة والذي أكد أنها ليست وليدة هذه الفترة بل أن المشروع يتم الإعداد له منذ عامين بهدف جمع عدد من المبدعين العرب فى سلسلة واحدة تقدم عملا فنيا به قيمة وشكل ومضمون مختلفين تحت مسمى واحد مثل” الحب”.
من بين الأفلام الثمانية “الأعشى” مدته “21 دقيقة” للمخرج عبد المحسن الضبعان يطرح التناقض بين شخصيتين طبيبة نفسية ناجحة يتم دعوتها لعشاء عبثي مع شخص ممل، ثم فيلم “كازوز” تأليف أميرة دياب، ومدته” 20 دقيقة”، يقدم حكاية “لينا” التي ترغب في أن تقيم حفل زفافها في عيد الحب، تواجه حدثا مريبا ..وهو للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد.
وفي مغامرة سينمائية قدمت المخرجة التونسية فكرة “مسلخ السعادة” مدته “27 دقيقة” فيه يواجه زوج مشاكل مالية صعبة عليه كي يكسب ود زوجته أن يقوم بحلها.
كما يقدم المخرج السعودي محمود الصباغ فيلمه القصير ومدته 22 دقيقة “حب في استديو العمارية” حيث توافق مغنية بوب سعودية بعد تردّد على تسجيل أغنية في اللحظة الأخيرة في استوديو أسطوري عتيق يديره مهندس غريب الأطوار.
ويقدم المخرج اللبناني ميشيل كمون فكرة جميلة بعنوان “القلب الأحمر الكبير” مدته “30 دقيقة” وفيه تتحوّل مهمة “سامي” المتمثلة في توصيل قلب أحمر ضخم على دراجة نارية إلى مغامرة جامحة في شوارع بيروت.
آخر أفلام السلسلة يقدمها المخرج المغربي هشام عسيرى بعنوان “سيدى فلانتاين” ومدته 29 دقيقة” فيه يحاول “لطفي” مقابلة فتاة، لكنّ تتعرض سيارته للسرقة فتتعقد الأمور.
سلسلة أفلام “في الحب والحياة” قد تكون بداية جديدة لطرح سينما سريعة التحضير وبأفكار مبهرة، لكن يظل السؤال قائما وهو هل تؤثر هذه الأفكار على الإنتاج الروائي المعد للعروض السينمائية الجماهيرية، وهل ستكون بديلة لها إن تم عرضها على الشاشات بعد المنصات ؟!