صحافة الفيديو
يشارك الدكتور سمير محمود، أستاذ الصحافة والنشر الإلكتروني بجامعة السلطان قابوس سابقًا، في أعمال المؤتمر العلمي الخامس للمعهد الدولي العالي للإعلام بأكاديمية الشروق، الذي يعقد تحت عنوان “الإعلام والخصوصية الرقمية”، الذي بدأ اليوم الثلاثاء وتختتم أعماله غدًا، برئاسة الدكتور محمد سعد، عميد المعهد الدولي العالي للإعلام بأكاديمية الشروق.
ويقدم الدكتور محمود بحثه ضمن الجلسة العلمية السادسة التي تأتي بعنوان “التحول الرقمي.. إشكاليات وتحديات” ويرأسها أ.د. محمود يوسف أستاذ العلاقات العامة – كلية الإعلام جامعة القاهرة، وتعقب عليها أ.د. وسام نصر، وكيلة كلية الإعلام جامعة القاهرة، ومقررة الجلسة أد. غادة أحمد.
وحول هذه المشاركة، قال الدكتور سمير محمود: “أقدم دراسة بعنوان العوامل المؤثرة في مصداقية صحافة الفيديو لدى الجمهور العربي وعلاقتها بمستويات استخدامه لها دراسة ميدانية تتناول الإشكاليات والتحديات التي تواجه صحافة الفيديو، واسعة الانتشار بالمواقع الإلكترونية للصحف والفضائيات وحساباتها على شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي، إضافة للمدونات والحسابات الشخصية وتطبيقات المحادثة وأشهرها الواتساب، ومقاطع الفيديو التي صارت مع الوقت مادة صحفية أساسية في المواقع الإلكترونية بل ومادة أساسية للصحافة التليفزيونية وبرامج التوك شو التي تتابع هذه المقاطع وتتناول بمزيد من التفصيل والنقاش، ما يعمق توسع وانتشار صحافة الفيديو من جهة ويبرز الكثير من تلك الإشكاليات والتحديات التي تواجهها خاصة تحديات انتهاك الخصوصية والتحديات الأخلاقية والمهنية والتشريعية وما يتعلق منها بضعف مصداقية مقاطع الفيديو واستغلالها في التشويه والابتزاز ونشر الشائعات والأكاذيب وبما قد يضر بالمصالح الوطنية والأمن القومي”.
وتوصلت الدراسة إلى أن غالبية الجمهور العربي – عينة البحث على اختلاف جنسياتهم- يدرك أن المقصود بصحافة الفيديو من حيث كونها صحافة بث رقمي، ومن حيث أطراف إنتاجها وقنوات ووسائل بثها ومشاركتها والتفاعل معها، ويعي الجمهور دور وتأثير صحافة الفيديو في المجتمعات، من حيث توثيق الأحداث والوقائع، واستخدام مقاطع الفيديو كأدلة إثبات في التصدي للممارسات الخاطئة في المجتمع، فضلًا عن استخدامها للشهرة والتربح أو التشهير والابتزاز واختراق خصوصية الأفراد والمجتمعات.
وأكدت الدراسة أن الدوافع النفعية المتعلقة باكتساب المعرفة والمعلومات جاءت في الصدارة، حيث جاء الدور الخبري والمعلوماتي التثقيفي لصحافة الفيديو في صدارة دوافع تعرض الجمهور العربي واستخدامه لصحافة الفيديو، مشيرة إلى أن عناوين مقاطع الفيديو اللافتة هي أكثر ما يجذب الجمهور العربي “عينة البحث” لمتابعة صحافة الفيديو والتعرض لها وبشكل يتفوق على الصور المصاحبة.
وأوضحت أن أبرز عوامل عدم التعرض واستخدام الجمهور لصحافة الفيديو، فهي أنها لا تخضع لأية رقابة أو محاسبة وقد تروج لأكاذيب أو شائعات، فضلا عن تحيزها وانتقائيتها في العرض بغرض الإثارة كما تنقل محتوى غير مناسب – وغير لائق ولا يحترم الخصوصية، وتلك النتيجة تثير للنقاش إشكالية الحدود الفاصلة بين ما يعد اعتداءً على الحياة الخاصة، وما يمثل توثيقًا للأحداث أو ملاحقة لممارسة مرفوضة في المجتمع (أخلاقيًا ومجتمعيًا وقانونيًا).
أشارت إلى أن الجمهور انتقائي بطبعه يبحث عن موضوعات محددة ليشاهدها عبر منصة اليوتيوب، سواء كانت هذه الموضوعات هي التوجه السائد – “الترند” – أو المقاطع الأكثر تداولا عبر المواقع والمنصات وتطبيقات المحادثة مثل الواتساب، لافتة إلى أن نسبة كبيرة من محتوى صحافة الفيديو يتم التعرض لها مصادفة، ضمن سياق التصفح التلقائي لمواقع ومنصات الإنترنت وحسابات التواصل الاجتماعي التي تتخللها مقاطع الفيديو، إضافة لمقاطع الفيديو العارضة بمجموعات الواتساب.
وحددت الدراسة أبرز أنماط التفاعل مع صحافة الفيديو، وهي قيام الجمهور بمشاركة الفيديو – Share- أو الاحتفاظ بالفيديو في المفضلة – Favorite- أو تنزيله والتعليق عليه، أو الإبلاغ عن المقاطع المسيئة – Report – وتشير النتائج إلى أن جنسية المبحوثين عنصر فارق ومؤثر في أنماط تفاعل الجمهور مع صحافة الفيديو، مشيرة إلى أن أكثر الوسائل التي يتعرض الجمهور العربي من خلالها لصحافة الفيديو بصفة “دائمة” هي منصة اليوتيوب وتطبيق الواتساب، أما أقل الوسائل فهي المدونات سواء العامة أو الشخصية.
كما توصلت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تسبق المواقع الإلكترونية والفضائيات والصحف ووكالات الأنباء، كوسيلة يتعرض من خلالها الجمهور لصحافة الفيديو ومقاطع الفيديو، خاصة تويتر وفيسبوك وانستجرام، مشيرة إلى أن غالبية الجمهور العربي “عينة البحث” تتابع صحافة الفيديو “دائمًا” عبر الهاتف الجوال “المحمول”، وإنها نادرًا ما تتابع صحافة الفيديو عبر أجهزة الحاسب المكتبية.
وأكدت أن نسبة ثقة الجمهور العربي -بغض النظر عن جنسيته- محدودة في مصداقية صحافة الفيديو، سواء التي تعرضها المواقع الإلكترونية أو منصات وشبكات التواصل الاجتماعي أو قنوات اليوتيوب، مشيرة إلى أن العوامل الفنية من تطابق الصوت مع الصورة واللقاءات الحية مع المصادر الموثوقة، والدقة وأمانة النقل، تأتي في مقدمة عوامل مصداقية صحافة الفيديو، إلى جانب والبعد عن الإثارة والمبالغة والاجتزاء والكذب والموضوعية وعدم التحيز.
كما رصدت الدراسة أن الجمهور العربي يرى أن صحافة الفيديو تتأثر بأهداف منتجها ومروجها، ويمكن أن يكون لها تأثير على المجتمع وعلى صنع القرار، كما يمكن أن يتسع دورها كأداة للضغط والرقابة المجتمعية، ويحذر الجمهور العربي، عينة البحث، من أن صحافة الفيديو قد تضر بالأمن القومي ولا يمكن الوثوق بها، خاصة تلك التي لا تهتم بمصالح الجمهور والمجتمع، ولا تحترم خصوصيته، خاصة غير الرسمية التي يقف خلفها المواطنين الصحفيين والهواة والمتعاونين مع مؤسسات الإعلام وغير الإعلاميين من أفراد الجمهور.
وفيما يخص مستقبل صحافة الفيديو من وجهة نظر الجمهور العربي، عينة الدراسة، أوضحت الدراسة أن الجمهور توقع توسع انتشار صحافة الفيديو في المستقبل؛ بدخول شركات متخصصة في إنتاجها، وبما يرفع جودة مقاطع الفيديو وأن ذلك سيؤثر سلبًا على حجم متابعة التلفزيون ومعدلات قراءة الصحف، فضلا عن توقع الجمهور معاناتها مستقبلًا من تضييق قانوني وقيود تشريعية ومشكلات أخلاقية وقانونية لا حصر لها.
وكشفت الدراسة وجود علاقة ارتباطية دالة إحصائية بين منتج صحافة الفيديو (مؤسسات إعلامية أو أفراد) ودرجة مصداقية تلك الصحافة لدى الجمهور، وهو ما يعني قبول الفرض الثاني للدراسة، وأن الجمهور العربي عينة البحث يصدق ما تنتجه المؤسسات الإعلامية والأفراد من مقاطع فيديو، وإن كانت العلاقة طردية ضعيفة والثقة محدودة، ووجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين وسيلة بث ومشاركة الفيديو ودرجة مصداقيتها لدى الجمهور، وإن كانت العلاقة تتراوح بين المتوسطة والضعيفة سواء بالنسبة للمواقع الإلكترونية أو شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي، ووجود علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين وسيلة بث ومشاركة الفيديو ودرجة مصداقيتها لدى الجمهور، وإن كانت العلاقة تتراوح بين المتوسطة والضعيفة سواء بالنسبة للمواقع الإلكترونية أو شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي.
كما كشفت النتائج وجود اختلاف في مستويات استخدام صحافة الفيديو تبعا لمتغير السن، وأن متوسط العمر من 26 – 50 سنة فأكثر هو الفئة العمرية الأكثر استخدامًا وتعرضًا مقارنة بالفئة العمرية ما بين 18-35 سنة، وأن المبحوثين يختلفون في درجة استخدامهم لصحافة الفيديو تبعًا لمؤهلهم التعليمي، وأن ذلك الاختلاف لصالح أصحاب المؤهلات الجامعية، مقارنة بأصحاب المؤهلات الأدنى.
واختتمت الدراسة نتائجها بأن المؤهل التعليمي للجمهور يؤثر على مستوى تفاعلهم معها، وأن أصحاب المؤهلات الأعلى أكثر تفاعلًا بأصحاب المؤهلات المتوسطة ودون الجامعية، وجنسية المبحوثين تؤثر في مستوى تفاعلهم مع صحافة الفيديو، وأن مستويات التفاعل لدى المصريين أعلى منها مقارنة مع المبحوثين من الجزائر والكويت والأردن.