فيصل شمس
امتلأت صفحات التواصل الاجتماعي بعبارات سعادة وبهجة غير مسبوقة لوجه جديد هو الممثلة “رحمة أحمد”، بسبب أداءها البارع في مسلسل “الكبير أوي 6”. كما صفق الجميع للمخرج “أحمد الجندي” والنجم “أحمد مكي” لإعطائهما هذه الفرصة للممثلة التي أثبتت استحقاقها للدور ببراعة.
الجميع بما فيهم نجوم للدراما أرسلوا عبارات التشجيع.. كما أثنوا على شجاعة المنتجين حين خاطروا بظهور وجه جديد نسبيا لمثل هذا الدور. هذه الحفاوة مقدرة جدًا، لكنها تثبت فعليا انغلاق الوسط الفني أمام المواهب، وحجم الصعوبات التي تصل إلى الاستحالة لمجرد أخذ فرصة حقيقية في عمل مهم، وهو الذي جعل ظاهرة “رحمة أحمد” تمثل مفاجأة غير عادية للجمهور، بل وللعاملين في الوسط الفني، فحتى النجوم والممثلين أظهروا انبهارا بالمخاطرة أو الشيء الغريب الذي صنعه أصحاب المسلسل.
إن العبور في الوسط الفني مع هذا الكم من الجزر المغلقة التي لا تتسع إلا لأصحابها (الشللية) غير مسموح. وإذا تم السماح لك في مرة أولى عابرة، فلن تأخذ الثانية. يحدث هذا فيما بعض أبناء الممثلين والواسطة يأخذون ما هو ليس بحقهم ويتعلمون في الجمهور سنة وراء سنة وعمل وراء عمل، ويتم حثهم وتشجيعهم والرقص لهم لبراعتهم الكاذبة.
آلاف الموهوبين انتهت حياتهم الفنية لأنهم لم يستطيعوا إيجاد واسطة لمجرد أن يجربهم أحد ما سواء مخرج أو أحد النجوم في مشهد واحد على الأقل، وبينما يحاولون يتم إغلاق الأبواب أمامهم بابا وراء الآخر، ويجلسون في بيوتهم في حسرة مضنية، وحين اختناق الأمل يبحثون عن عمل آخر غير الفن يتكسبون منه، وهم يسمعون آهات الإعجاب وأصوات التصفيق العالية للممثل النجم ابن فلان أو قريب علان.
أليست هذه مأساة تراجيدية؟ وطريقة من طرق الاحتكار الذي يؤثر بالسلب على جودة الأعمال الفنية؟ ألا يشكل ظهور المواهب الحقيقية في كافة الفنون دعما لقوة مصر الناعمة، التي اعتبرها شخصيا مسألة استراتيجية وتعكس مكانة مصر في العالم؟
أدرك أن النجوم ونشطاء الفن لديهم حجة دامغة، فالواسطة موجودة في جميع المهن وليس التمثيل فقط، وهذه حقيقة، لكن الفن مختلف عن كل شيء، وهو الأولى بانعدام الواسطة أو على الأقل وجودها بالحد الأدنى.
نقابة المهن التمثيلية صنعت خيرا بتنظيم ورش تمثيل، ورغم أن الخطوة جيدة لكن من عيوبها قصر الحصول على تصاريح التمثيل في الأعمال إلا لمن يلتحقون بهذه الورش، لكن الخطوة القادمة تتطلب من النقابة أن تفرض على جميع المنتجين تبني المواهب الجديدة بشكل مستمر في جميع الأعمال الفنية لتكتمل حلقة تسليم الأجيال لبعضها، وربما لاكتشاف مواهب غير عادية. والأمر لا ينطبق فقط على التمثيل وإنما الإخراج والإنتاج وجميع عناصر العمل الفني.
“رحمة أحمد” حالفها الحظ بأن وجدت من يبحث عنها حتى يجدها، وما نتمناه ألا تعتمد الأمور على الحظ أو مشكلة معقدة مثل اعتذار “دنيا سمير غانم” وممثلين آخرين عن العمل في مسلسل “الكبير أوي 6″، بل أن يتم تنظيم التحاق المواهب بالأعمال الفنية وأن يكون هناك ما نطلق عليه Career Path واضح لكل من يريد إثبات موهبته في عالم الفن.