رباب طلعت
المؤثرات الصوتية هي واحدة من أهم المراحل التقنية في صناعة الدراما، وبات الاهتمام بها كبيرًا خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة مع زيادة وعي المشاهد لدورها في صناعة المشهد، وفي رمضان 2022، شارك طارق علوش في عملية “المكساج” لعدد من الأعمال أبرزها “الاختيار 3″، و”جزيرة غمام”، والذي حاوره “إعلام دوت كوم” لمعرفة المزيد عن تلك الصناعة.
طارق علوش الذي يظهر اسمه كثيرًا على عدد كبير من الأعمال الدرامية، عمل في الهندسة الصوتية منذ عام 1990 في الموسيقى، مع الموسيقار سمير حبيب، درس في الجامعة آداب تاريخ، ولكنه انتقل إلى عالم المكساج والهندسة الصوتية.
بدأت علاقة “علوش” بالمجال الدرامي بعد تجربته مع “حبيب” في الدوبلاج لعدد من الأعمال أبرزها “lion king” وغيرها، وكان ذلك مدخله إلى الدراما، حيث كان أول أعماله الدرامية “فارس بلا جواد”، للفنان محمد صبحي.
ويقول “علوش” في حواره مع “إعلام دوت كوم” عن تلك الرحلة: شعرت من وقتها أنني أريد الاستمرار في ذلك المجال “لقيت نفسي فيه”، فشاركت في أكثر من 200 فيلم و300 مسلسل، وفيما يلي أبرز تصريحاته:
1- كل ما يسمعه المشاهد في الشاشة متعلق بعملية المكساج، حيث يتم إرسال الحوار إليّ، وبه الكثير من الأصوات والمؤثرات الخارجية، خاصة المشاهد التي يتم تصويرها خارجيًا، فالسيطرة على التسجيل صعبة جدًا.
2- نجري عدد من العمليات على الصوت، أولها “editing dialogue” وهي تنظيف الحوار، من الخبطات والأصوات الدخيلة عليها، فيخرج من تلك المرحلة أقرب ما يكون إلى المسجل في الأستوديو.
3- المرحلة الثانية هي atmosphere فنبدأ في تركيب أصوات الجو العام للمشهد، مثل صوت البحر والهواء وغيرها من المؤثرات.
4- والمرحلة الثالثة هي الـ Foley و الـ sound effect، وهي إضافة التفاصيل الصوتية مثل حركة الملابس، والأقدام، وفتح الأبواب ورنات الهواتف وغيرها، وكذلك نضيف عناصر أخرى تساعد في حالات معينة لنعطي قوة للصوت بشكل أكبر ليصبح أقرب إلى الحقيقي بشكل “over”، وليس الحقيقي الصرف.
5- نبدأ بعد ذلك بإضافة الموسيقى التصويرية، ونقرر ما الأصوات التي نحن في حاجة إلى أن تعلو وما يجب أن يكون منخفضًا، وندمج كل تلك الأصوات بطريقة يسمعها المشاهد كأنها طبيعية دون أن تسبب له إزعاجًا.
6- المكساج عملية درامية، فنحن نقرر حسب الدراما متى يجب أن أجعل المشاهد “يصحصح معايا”، أو العكس، فتركيب الأصوات ودرجة علوها متعلق بالمسلك الدرامي للمشهد، ويكون ذلك بالتنسيق مع المخرج ومهندس الصوت، بالإضافة إلى أن الصورة هي المتحكم الرئيسي في القرارات.
7- من الممكن أن نضيف بعض المحسنات للصوت، ولكن ليس بعيدًا عن المشهد، حيث يجب أن تكون التدخلات الملائمة للصورة.
8- نقوم بعمل تغييرات على أصوات الفنانين في بعض الحالات التي تحتاج إلى ذلك، ونحن ما إلا محسنات للصوت، فبدون عمل الممثل على نفسه، وتقريبه للصوت الملائم للشخصية بنسبة 90% لن ينجح الأمر، والأجهزة تستكمل الـ10% الباقية، و”الاختيار 3″ مثال على ذلك، فـ”ده مجهود ياسر جلال” لتقليد صوت الرئيس عبد الفتاح السيسي، نحن ما إلا محسنات للصوت نظهر ما يفعله هو.
9- لو كان بإمكان الهندسة الصوتية تغيير صوت أحد، كنا أحضرنا أي مغني وجعلناه عبد الحليم حافظ، فنحن نقرب الطبقات من بعضها عن طريق تردد الصوت، ولكن الأهم هو أداء الفنان نفسه، فلكل إنسان 3 طبقات رئيسية نحن نحاول التلاعب بها لتقريبها إلى ما نريده، ولكن الأداء والنبرة هو أساس نجاح ياسر جلال في تقليد الصوت.
10- في بعض الأحيان، أحتاج للتدخل في صوت الممثل، لعمل ما نسميه بمطابقة الصوت مع الصورة، وذلك يحدث مع شخصيات ثانوية، لكن لا أستطيع تطبيقه مع الشخصيات المعروفة إلا بحدود معينة، لأن المبالغة في التحسين تنقلب عكسيًا على العمل “الدنيا بتبوظ”.
11- في “الاختيار 3” كنا حريصين جدًا على مطابقة صوت المشاهد الحقيقية مع المشاهد المصورة، فهنا يبدأ العمل على الصوت من خلال الترددات، لكي يكون كأنه مشهد واحد متقارب اندمجوا سويًا بنجاح أو كما نسميه “عشقوا مع بعض”، فكان هناك مشاهد على سبيل المثال للممثلين فوق المظاهرات، فكان لابد من التدخل لتقريب الأصوات كأنه مشهد واحد.
12- الأصوات لها علاقة بالزمن والأبعاد، فالأصوات منها ما يوجد داخل المكاتب ونوظفه على الدراما، ومنها ما نسجله داخل الاستوديوهات، ونركبها لتتطابق مع الأحداث والزمان الذي تدور فيه، فهناك بعض الأصوات نسجلها بأنفسنا لتكون أقرب ما يكون للحقيقة.
13- تصميم شريط الصوت، كتصميم المنازل، مرتبط بذائقة مهندس الصوت، فكل منهم يضع خبراته في صناعته، والأمر يرتبط برؤيته الفنية للعمل والزمن الذي يدور فيه وطبيعته.
14- التقريب من المشاهد المصورة، والمشاهد الواقعية مثلما يحدث في “الاختيار 3” أصعب من خلق الصوت كله للعمل من الصفر.
15- نحن نتعامل مع الصوت كمادة، وتكوين المادة يكون حسب المشاهد، ويجب أن نراعي في التصوير الأزمنة، فمثلًا عند تسجيل عمل تاريخي لا يصح التصوير في مكان مزدحم، لأن هناك خلفيات صوتية لا تلائم الأزمنة القديمة مثل “كلكسات العربيات”، وهنا نضطر أحيانًا للدوبلاج، لتفادي مثل تلك الأمور.
16- يتم التنسيق أحيانًا بين مهندس الصوت وملحن الموسيقى التصويرية إذا ما كان بينهما معرفة سابقة، ولكن في الأغلب يكون من خلال المخرج، حيث يعطينا ملخص للعمل وتصوره للموسيقى والأصوات في العمل، ونعمل على أساسه.
17- استخدام الموسيقى التصويرية من أعمال أجنبية في أخرى عربية أمر غير مقبول تمامًا، لكنه قديم، وكان لا يكتشفه أحد في الماضي، ولكن حاليًا مع الانفتاح العالمي بات مرفوضًا تمامًا، وكذلك من الممكن أن يعرض صناع العمل لمشاكل قانونية بسبب حقوق الملكية.
18- كل مراحل المكساج صعبة، ولكن الأصعب المرحلة النهائية في المكسينج، لأنك فيها تستمع لكل الأصوات بتفاصيلها وتحتاج لدمجها جميعًا بشكل متناسق.
19- المؤثرات الصوتية لها دور كبير إبراز مشاعر المشهد والتأثير على المشاهد، فنحن نقرر عند التسجيل هل أريد زيادة التعاطف مع المشهد أو العكس، فالمنظومة المتكاملة للمشهد من صوت وصورة هي التي تتحكم في ذلك.
20- هناك بعض الأعمال يمكنك الاستماع للأحداث كاملة دون الحاجة للمشاهدة، لأن الصوت له دور مرعب وكبير في عكس المشهد للمستمع.