سيد محمود
الكبير أوي 6
توقع كثيرون أن تكون نهاية مسلسل” الكبير أوي” مثل غيره من مسلسلات الأجزاء المصرية، التي تموت عادة بعد الجزء الرابع أو الخامس. كما حدث في “ليالي الحلمية”، حيث فشلت فكرة تقديم جزء خامس منه، و”راجل وست ستات” لم تستمر محاولات إنقاذه بعد الجزء العاشر، وعودة شخصية رمزي التي كان يقدمها سامح حسين. ولكن كانت رؤية أحمد مكي أن يعيد ترتيب أوراق مسلسله قبل أن ينتهي به الحال كما انتهى بمعظم ما قدم في سلسلة الأجزاء التي تصنع في مصر، لأن طبيعة المشاهد العربي أنه يتمسك بالشخصيات التي تحقق نجاحا ولا يقبل التغيير، وهو ما حدث عندما اعتذرت آثار الحكيم عن الجزء الرابع من ليالى الحلمية، وأسند دورها إلى إلهام شاهين.
لم يتقبل الجمهور الجزء الخامس من “الكبير أوي” بدون بطلة العمل دنيا سمير غانم، التي قدمت شخصية “هدية”، وفشلت كل الحيل التي صنعها “مكي” لإنقاذ المسلسل. وبعد عرضه درس الأخطاء، وعقد جلسات عمل مع المخرج أحمد الجندي، وبدأ في البحث عن عناصر جديدة تسهم في نجاح الجزء السادس، كلما سمعا عن ممثلة صاعدة تابعا مسيرتها، حتى أشار عليهما أحد الأصدقاء بممثلة صاعدة هي رحمة أحمد فرج، تشارك في العرض المسرحي “ديجافو”، وكانت المفاجأة أن الممثلة رحمة “مربوحة” تعيش التجربة وكأنها تقدم عملا جديدا لم تنظر إلى الخلف والمقارنات. وأكمل مكي بحثه بأن قام بإضافة شخصية”الكبيرة” وكان اختياره موفقا للممثلة سماء إبراهيم.
وفي مضمون العمل اضطر لتغيير بعض مسارات العمل ليضيف خطوطا جديدة، ومشاهد يجذب بها جمهور الشباب المتابع للمسلسلات الأجنبية، وبخاصة تلك الأعمال التي حققت نجاحا كبيرا مثل المسلسل الكوري”squid game” أو “لعبة الحبار”، وهو مسلسل كتبه وأخرجه هوانغ دونغ هيوك، تم عرضه على نتفلكس في 17 سبتمبر 2021. أصبح المسلسل أول دراما كورية تتصدر قائمة أفضل 10 عروض تلفزيونية أسبوعية على نتفليكس وأكثرها مشاهدة على مستوى العالم، وصلت إلى رقم 1 في 90 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
خرج أحمد مكي من السرد التقليدي للحلقات بلعبة الحبار، وبذكاء شديد تم تحويل مفرداتها إلى العربية ومن خلال ألعاب شعبية وغير شعبية معروفة، لم يشعر المشاهد بغرابة منها.
لم يكن المشاهد العادي ممن لا يتابع المسرح يعرف شيئا عن رحمة أحمد، البعض عرفوها من خلال حلقات “أمين وشركاه” مع أحمد أمين، وآخرون من مسرحية “ديجافو”. أتقنت اللهجة الصعيدية على يد مصحح اللهجة حسن قناوي، وذاكرت شخصيتها جيدا، وبحثت عن مفردات تحاول بها الاختلاف عن طريقة “هدية” لتبتعد عن المقارنات، فبدت وكأنها صعيدية بالفعل، وجهها المريح، وتلقائيتها، وعدم الخوف والجرأة، كل هذا ساعدها في أن تصل إلى المشاهدين بسرعة.
أدرك أحمد مكي منذ تصويره المشاهد الأولى للجزء السادس بأنه نجح في إنقاذ مشروع عمره، فشبح “اللمبي” يطارد كل من فكروا في تكرار شخصياتهم. لم يعد المشاهد يتقبل لا اللمبي ولا شخصية القرموطي التي أبهر بها أحمد آدم الجميع. وأدرك مكي أنه أمام مغامرة إن فشلت لن يستكمل “الكبير أوي”، فبدأ في إضافة عناصر مهمة مثل الأبناء، وبعض الشخصيات الثانوية التي تبعث على البهجة دون التفريط في عناصر هي أشبه بأعمدة البناء، أي من أساسيات العمل، مثل شخصية “هجرس” التي يجسدها محمد سلام، و”دكتور ربيع ” بيومي فؤاد، و”فزاع” هشام إسماعيل، و”أشرف” أشهر شخصية قدمها حسين أبو حجاج. والإضافة في شخصيات أخويه جوني وحزلقوم والثاني هو مفاجأة الجزء السادس، حيث البحث عن والدة ابنه “حلقوم” التي يجسدها الطفل يوسف صلاح.
كل العناصر التي أضافها مكي في الجزء السادس هي سر نجاحه، بداية من لعبة الحبار الكورية، ورحمة أحمد وسماء ابراهيم، والطفل عبد الرحمن طه “جوني الصغير” وشقيقه في الأحداث مصطفي غريب “العترة الكبير”.
خلطة سحرية ضمن بها مكي أن يستمر في تقديم أجزاء أخرى بعد السادس، بعد أن كانت كل المؤشرات تؤكد أنه لن يقدم جديدا، لكنه راهن ونجح في الرهان.
قارن كثيرون بين نجاح “الكبير أوي 6” وما حدث من إخفاق لبرنامج رامز جلال هذا العام، مع أن إخفاق رامز كان طبيعيا حيث اعتماده على ممثل بالرغم من حب الجمهور له إلا أنه منته الصلاحية كنجم، لم يعد نجم الأكشن رقم واحد، والفكرة التي قدمها رامز لم تبعث على الضحك، ناهيك عن أن معظم المسلسلات التى تعرض حاليا ليس من بينها عمل كوميدي بقوة “الكبير أوي 6”.
ربط الجمهور بين إخفاق برنامج “رامز جلال” لأنه لم يقدم جديدا، لم يطور نفسه، الفكرة برغم غرابتها لكنها نفس التركيبة ممثل ومقلب، ومشاهد يعلق عليها بطريقة يراها البعض أنها “ساذجة”، إيفيهات قديمة وطريقة تقليدية في طرحها، فكانت الفرصة سانحة لأن يصبح “الكبير أوي6” رقم واحد.