كنت أنظر إليه في حفلاته الأسطورية بدار الأوبرا المصرية وهو يشارك نجم كبير أو فنان صاعد الغناء، يقدمه لجمهوره الكبير ويحثه بذكاء على تشجعيه، وكنت أفكر بسذاجة.. لماذا لا يخاف هذا الرجل أن يستحوذ النجم الآخر على جزء من شعبيته؟ لم أنسِ استضافته لأحد المطربين “الكبار حاليا” في إحدى حفلاته على المسرح، وبينما كان جمهوره يرفض وقوف أي نجم بجانبه، كان منير يصر على تقديمه وترويض جمهوره على تقبل الاختلاف، بل وتقديم المزيد من المطربين في كل حفل وتشجيعهم.
فهو واثق في رسالته ومشروعه ومجهوده، متصالحا مع التغيير ليعلمنا في حفلاته الكثير عن الموسيقى والحياة وتنوعهما معا، ربما لأنهما شيء واحد بالنسبة له، ويعلمني كلما رأيته بشكل شخصي تقبل التنوع والاختلاف، لأنه إستمرار للحياة والتطوير، فسمعت التراث المصري الثري من بحري وقبلي، الراى والريجى والجناوة وغيرهما الكثير، ويظل يسرد التاريخ الخاص بكل موسيقى على حدة وتطورها، كان منير دائم البحث عن الجديد، عن ألوان الموسيقى المختلفة ليطور من أدواته ومشروعه.
ففي 1999 صدرت “سيه سيه” ضمن ألبوم الفرحة والتي احتوت على موسيقى الراب من قبل مطرب آخرمشاركة لمنير، حينما كان الراب مجهول في مصر، وهو أول من قدم التراث الصوفى مشاركة مع فرق الطرق الصوفية في ألبوم “الأرض السلام” عام 2002، وقد أعطى منير الفرصة لخالد عجاج في “ليه يا دنيا” في عام 1999، وحميد بارودى في أغنية “سيدى” عام 2000، والوحيد الذى شارك الفرقة الألمانية “Animal Planet” مع الموسيقى العبقرى “Roman Bunka” على مدار سنوات طويلة إلى الآن في أغانى عديدة.
وكان سابقاً في دمجه للأغنية النوبية على توزيع غربى، وفى أغنيه “عالم واحد” مع الألماني التونسى المصرى “عادل الطويل” ووزير الثقافة السنغالى ” Youssou N’Dour” في 2017، الكثير من الأمثلة والتجارب على مدار مشواره الفني لن أستطيع سردها في مقال واحد، لكن جمهوره يحفظها عن ظهر قلب، لذلك ومنذ بدايته كان منفتحاً على العالم ومع الجديد، فقد بلغ درجة من التصالح مع النفس أحالته إلى منطقة يصعب الصمود فيها في الغناء، ليجعل المقارنة بينه وبين أي من القدامى أو الجدد أمر صعب ومعقد، وأرى في هذا ذكاء في التركيز على مشروع حياته وحلمه دون الالتفات حوله أو التأثر بالموضة قديما أو “الترند” في عصر الأرقام والمزايدات حديثاً، ولم يهتم بأضحوكة الأرقام ال fake ” (أغلب الأحيان)فى زمن السوشيال ميديا.
لهذا كله أجلس مسترخية أستمتع عندما أراه في عمل يشارك فيه وجوه مختلفة من الفن، ولم يكن بالشئ الجديد على منير مشاركة الشاب خالد إعلانه الجديد، فقد تشارك معه من قبل في حفلات كانت مبادرات لأهداف نبيلة مثل “مبادرة نبذ التعصب” في 2009 ليُرفع حينها شعار تحيا مصر والجزائر، وهذه أهداف نفتقدها وبشدة الآن، كما أننى لم أتعجب أن يشارك بتاريخه “أمير عيد” مطرب فرقة “كايروكى” ومطرب الراب “مروان موسى” نفس الإعلان بكل شجاعة وثقة وتشجيع، في الوقت الذى ينفرد فيه مطربين آخرين ليسوا بحجم تاريخ منير بعمل إعلانات منفردين، ليعطي منير الأجيال من جديد درساً في مشاركة تجارب تضيف وتمتع، وانفتاح يزيد جرعة البهجة في العمل.