نجوم الصف الثاني
مع قرابة انقضاء الموسم الرمضاني، بات من الواضح أن الموسم هذا لم يكن على قدر الآمال دراميا. ومع ذلك، فإن بعض الممثلين تركوا بصمةً جميلة على الأعمال التي شاركوا بها، على الرغم من أن ظهورهم على الشاشة لم يكن كبيراً لكن حتى تلك الثواني التي سمحت لهم كانت جميلة وتحسب.
قد لايعرف كثيرون في العالم العربي لبنى ونس، لكنها بالتأكيد معروفة في مصر. إنها فنانةٌ متمكنة تستطيع أن تؤدي بمهارة أينما وضعت، سواء أكانت جدّة آدم (أحمد داوود) البسيطة الطيبة، التي تشكل بمثابة “مرساة” لعالمه الحقيقي في سوتس بالعربي(كتابة محمد حفظي وإخراج عصام عبدالحميد)، أو الحكيمة المسيطرة في جزيرة غمام(تأليف عبدالرحيم كمال وإخراج حسين المنباوي) مع جملتها الحكمية الإستشرافية: “أولها تتاطي، وتانيها تسعى في خرابها، وتالتها تمسكها من جرونها”. تظهر ونس في العديد من المسلسلات الأخرى مثل بيت الشدة، رانيا وسكينة، ومزاد الشر.
الممثلة القديرة والتي عرفها الجمهور وأحبّها بدور أم عصام في باب الحارة، تظهر دون الاعتماد على جمالها الذي حافظت عليه طوال السنين الفائتة، لتؤدي دور الأم الحنون في “مع وقف التنفيذ”(كتابة علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج سيف الدين سبيعي). الجزائري ولو كانت مشاهدها قليلة إلا أنها تترك أثراً كبيراً في المشاهد، هي بالتأكيد ليست من نجوم الصف الثاني، لكن النص المكتوب حجّم من دورها.
يمكن الحديث مطوّلا حول موهبته، والذي يؤدي دور “فزّاع” في “الكبير أوي”(كتابة مصطفى صقر وإخراج أحمدالجندي) ويكررها في هذا الجزء. لاريب أن إطلالات الممثل الموهوب على الشاشة قصيرة، مقارنةً مع غيره، إلا أنه فعلياً يمتلك الشاشة ما أن يظهر. إنه حتى في لحظاتٍ ما يسحب البساط من تحت أحمد مكي شخصياً، وهو أمرٌ لا يستطيع كثيرون القول أنهم يقدرون عليه. شخصية “فزّاع” وبنيتها التي أضاف عليها اسماعيل الكثير منه، جعلتها محببة، مقبولة، وإن ظلت على براءتها المدهشة.
الممثلة التي يحشرها المخرجون عادةً في أدوار الشر تبهر المتابعين بمقدرتها على أداء الكوميديا أيضاً كما حدث معها في “الكبير أوي“، حينما أدّت دور الكبيرة فحت وخصوصاً “إيفيهها” الخاص: “إنت مش مزبوط يا واد”. تمتلك سماء سهولة في الإداء، وملامح مباشرة، لربما هذا ما حشرها في البدايات في أدوارٍ معينة، لكنها سرعان ما كسرت هذا الحاجز حينما أدت دور “حياة” الخائفة على إبنها في “مشوار”(تأليف محمد فريد وإخراج محمد ياسين).
قد لايعتبر البعض ريم مصطفى من نجوم الصف الثاني، لكن مع هذا فإنها امتلكت المهارة الكافية لشد الإنتباه إلى إداء مختلف عن معظم اداءاتها خلال الأعوام السابقة، خصوصاً في مسلسل “سوتس بالعربي”. تكسرمصطفى معتادها السابق، هي تحاول أن تؤدي شخصيةً كاميليا أشرف الـ”قاسية/محببة/لطيفة” والتي لديها عمق في الوقت عينه. هذا الإداء وهذه الشخصية جعلا ريم تستحق الإشارة بإداءها، فضلاً عن متابعة الجمهور لها حتى ولو أطلّت لثوانٍ على الشاشة.
يثبت الممثل القدير بان “الكبير” كبير أو كما يقول المصريون “الدهن في العتاقي”. إنه موهوبٌ بالفطرة، وسواء أدى دور المشير الراحل طنطاوي في مسلسل “الإختيار: القرار”(كتابة هاني سرحان وإخراج بيتر ميمي) أو العم جابر أبو الهنا في “راجعين يا هوى”(كتابة أسامة أنور عكاشة وسيناريو محمدعبدالمالك) فإنه يشكل بيضة قبانٍ مهمة ومميزة، ويضيف الكثير إلى أي مشهد يشارك به. إنه بمثابة الهدوء الذي يحتاجه أي مسلسل.
متى حلت نادين تحسين بيك يشعر المشاهد بأنه يرغب بالمتابعة، شخصيتها المحبة، ووجودها اللطيف الخفيف على الشاشة، مع ابتسامتها المتسعة يجعلانها من أقرب الممثلات إلى قلوب المشاهدين. إنها the girl next door التي نستطيع رؤيتها في أيٍ من جيراننا المحببين المعتادين. هذا ما يعطي الممثلة السورية حضوراً خاصاً ومرغوباً بشدة مهما كان الدور صغيراً. أبدعت نادين هذا العام في مسلسل “كسر عظم”(كتابة علي الصالح وإخراج رشا شربتجتي) بدور شمس التي رغم كل معاناتها تستطيع أن تكون “شمساً” لمن حولها.
ليس هناك أدنى شك بأن سلوى عثمان موهوبة للغاية، ولكن إصرار المخرجين على وضعها في دور الأم ولو أنه أصبحت “كليشيهاً/معتاداً” إلا أنها تبدع على طريقتها في هذه الشخصية. إنها أم محببة لشاب من “ذوي الهمم”؛ طريقة إداءها وتواصلها مع الممثل محمد عزمي بشكلٍ عفوي وتلقائي أعطى مسلسل “بابلو”(كتابة حسان دهشان وإخراج محمد عبدالرحمن حماقي) بعداً ومصداقية كبيرة. هي تمتلك أبعاداً كثيرة في إداءها، إنها الأم المشرقية التي يعرفها ويحبها الجميع.
لايخطئ من يعتبر شكران مرتجى واحدةً من الفنانات المظلومات في الوسط الفني العربي. تمتلك مرتجى الكثير لتقدمه على الشاشة، وهي في أي لحظة ظهور مهما كانت قصيرة تستطيع أن تسحب البساط من تحت من أمها وبسهولة بالغة. هي صادقة، قوية الإداء، تشعر بما تؤديه من قلبها، وهذا يحسب لها كثيراً. مرتجى أبدعت هذا العام في دور “سكر” في مسلسل “مع وقف التنفيذ” واستطاعت أن تكون مؤدية جيدة في كل من “الكندوش: الجزء الثاني”(كتابة حسام تحسين بيك وإخراج سمير حسين) والفرسان الثلاثة (كتابة محمد الجعفوري واخراج علي المؤذن).