إذا كنت من متابعي البرامج الساخرة فأكيد مّر عليك برنامج “توك شو” الذي كان يقدمه عدد من الفنانين الشباب أبرزهم ياسر الطوبجي وإيمان السيد وكريمة عبدالله، البرنامج الذي كان يُعرض قبل ثورة 25 يناير 2011 على قناة موجة كوميدي، وكان عبارة عن تقليد لعدد من الفنانين والإعلاميين بشكل ساخر، وتحول بعد الثورة إلى “توك شو تكنوقراط” وازداد عليه تقليد بعض الشخصيات السياسية في تلك الفترة مثل أحمد شفيق وأحمد عز وغيرهم.
بعد توقف البرنامج لفترة، عاد مرة أخرى قبل شهور على شاشة mbc مصر، بعنوان “شوك توك” بنفس الفنانين بالإضافة إلى ميس حمدان، لم يحظى البرنامج بانتشار كبير، لكن ما يلفت النظر مدى تمكن نجومه وقدرتهم وبراعتهم -من وجهة نظري- في تشخيص بعض نجوم الإعلام، منهم لميس الحديدي، وفاء الكيلاني، محمود سعد، مجدي الجلاد، إسعاد يونس، جابر القرموطي، مفيدة شيحة، فيفي عبده –باعتبارها إعلامية مؤخراً-
أما الأهم تشخيصهم لأثنين من أبرز الإعلاميين على الساحة حالياً هم وائل الإبراشي وريهام سعيد، “الأبرز” ليس لأنهم “الأشطر” على الإطلاق، لكن بسبب ما تحتويه برامجهم من جرعة إثارة وتشويق و”شرشحة إعلامية” تجذب المُشاهد في معظم الأحيان.
برع ياسر الطوبجي في تأدية شخصية وائل الإبراشي أو “نائل النقراشي”، ليس في الشكل وقصة الشعر فقط، إنما أيضاً في الأسلوب والطريقة التي يتم بها إدارة حلقات برنامج “العاشرة مساء”، لدرجة تفوقت على “تمثيل” الإبراشي نفسه!!
وهنا يمكن أن نطرح سؤال، هل الإبراشي بيمثل؟!
نعم… يمثل على المشاهد الحيادية والمهنية التي افتقدها في برنامجه، وأصبحت قواعد اللعبة تنحصر في إحضار الضيف “صاحب الرأى المعارض دائماً للإبراشي”، وإحضار ضيف أخر “صاحب الرأى المتفق دائماً مع الإبراشي”، واستقبال المداخلات الهاتفية من الجمهور “الذي يتحدث دائماً بلسان الإبراشي” ويقوم الإبراشي ومناصريه بذبح وسلخ الضيف على الهواء، لتحقيق نسبة مشاهدة عالية وتداول خناقات البرنامج في المواقع الإخبارية في اليوم التالي.
فيلم أصبح يتكرر يومياً في تمام الساعة العاشرة مساءً… أشخاص لم تسمع عنهم سوى في السوشيال ميديا، يصبحون ضيوفاً على الإبراشي، يهاجمهم، فينتقدوه، فتهديد، فشد وجذب، ثم تنتهي الفقرة بانسحاب أحد الضيوف على الهواء مباشرة.
هذا ما فعله نجوم برنامج “شوك توك” أثناء تقليدهم للإبراشي وضيفه محمود شعبان، لكنهم قدموها من وجهة نظرهم ووجهة نظر عدد ليس بقليل من المشاهدين، قدموها على أنها “تمثيلية” بالاتفاق مع الضيف.
أما ريهام سعيد فقلدتها نورا عصمت الممثلة الناشئة بطريقة مميزة، من ناحية الشكل والأسلوب أيضاً، والهدوء الذي يصل إلى البرود أحياناً، و”العفاريت” التي اقترنت باسمها إلى الأبد، والإثارة الإعلامية التي تخرج من لا شئ، سواء بتصريحاتها عن منتقديها “الأشرار”، أو تصريحات بعض ضيوفها “الغريبة”، لكن “عصمت” تفوقت عليها أيضاً في التمثيل، التمثيل الذي غالباً أصبح السمة السائدة لبعض الإعلاميين.
ويظل هناك وجه شبه بين “شوك توك” وكل من “العاشرة مساءً” و”صبايا الخير”، وهو أن كلاهما برامج “ساخرة”، منها ما يسخر من أداء الإعلاميين ومنها ما يسخر من عقل المشاهدين ويقدم لهم ما لا يمت للإعلام بصِلة، أو بمعنى آخر، كلاهما برامج “ساخرة، هزلية، غير حقيقية، غير موضوعية، وغير محايدة”.
وفي النهاية هل يمكن لنا كمشاهدين أن ننصح الإعلامي المخضرم وائل الإبراشي والإعلامية المميزة ريهام سعيد بأن يأخذا “كورس” في التمثيل حتى يستطيعا السخرية من عقل المشاهد بشكل أفضل من ذلك مراعاة لمشاعره؟، أو حتى يشاهدا إحدى حلقات شوك توك، من باب العلم بالشئ فقط.