إيمان مندور
منذ مطلع الألفية الثانية وحتى الآن، ارتبط اسم ووجود الإعلامي رضا مصطفى بفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حيث تألق من خلال محاوراته لفضيلة الإمام، ويعرض لهما خلال الموسم الرمضاني الحالي أيضًا برنامج “حديث الإمام الطيب”، الذي تناولا خلاله الكثير من القضايا الإسلامية والإنسانية الهامة بالشرح والتحليل والتوضيح. وأجاد الإعلامي القدير إدارة اللقاءات بمهنية شديدة تحسب له، ولتاريخه في الإعلام الذي بدأه بخطوات ثابتة ومستقرة، لا يحتاج من خلالها لإحداث صخب على الساحة الإعلامية بقدر ما كان يهمه المهنية وإفادة الجمهور.. ولا يزال.
النشأة والبدايات
رضا مصطفى كامل من مواليد مارس 1972 بحي شبرا. تلقى تعليمه في المدارس الحكومية وتخرج في كلية دار العلوم للدراسات العربية والعلوم الإسلامية بجامعة القاهرة عام 1995.
مثل أغلب شباب العائلات المتوسطة وما دون المتوسطة الذي يحاولون الحصول على فرص العمل إلى جانب التعليم، فقد كان يعمل أثناء الأجازات وفترة الدراسة الجامعية في العديد من المهن، أغلبها في التسويق الدولي وتنمية الصادرات والعلاقات الاقتصادية بين الشركات المصرية والشركات الدولية.
دخول الإعلام
التحق رضا مصطفى بالتلفزيون في عام 1999، من خلال إحدى مسابقات قطاع القنوات الفضائية، الذي كانت تترأسه وقتها الإعلامية الكبيرة سناء منصور، حيث تم اختباره من لجنة مكونة من عدد من كبار الإعلاميين المصريين تترأسها سناء منصور، وبعضوية “يوسف شريف رزق الله” رئيس قناة نايل تي في وقتها، والإعلامي الراحل “محيي محمود” رئيس القناة الفضائية الأولى، والإعلامية الكبيرة وصاحبة الفضل عليه في رحلته “صديقة حياتي” رئيسة الفضائية المصرية الثانية، ونجح في الاختبار وتم تعيينه في القطاع.
بدأ عمله في الفضائية المصرية على الكادر الوظيفي “مقدمي ومعدي ومذيعي البرامج”، فعمل لمدة عام ونصف العام معدًّا لبرامج الفضائية المصرية، ثم التحق بمجال التقديم في نهاية عام 2000، حيث عمل ببعض البرامج الإخبارية بالقناة مثل برنامج “مصر اليوم”. ثم بدأ تقديم برامج بالمشاركة مع زملاء آخرين مثل “الرسالة الرياضية” و”ستاد المصرية”، فضلا عن العمل بالعديد من البرامج الثقافية والدينية والسياسية والاقتصادية، لكن لم يكن لديه برنامجًا خاصًا به في فترة البدايات.
حديث الإمام الطيب
في عام 2002 بدأ رضا مصطفى مسيرته مع فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حينما كان في منصب مفتي الديار المصرية في ذلك الحين، وذلك من خلال البرنامج الديني “مع مفتي الديار المصرية” من فكرة وإعداد وإخراج نادية بغدادي، والتي بدورها اقترحت الفكرة على الإعلامية صديقة حياتي، ورشحته الأخيرة لتقديم البرنامج. وبالفعل استمر مع فضيلة الإمام منذ ذلك الحين، وعلى مدار 21 عاما، فانتقل معه من دار الإفتاء المصرية إلى جامعة الأزهر حينما تولى رئاستها، ثم إلى مشيخة الأزهر الشريف.
يرى رضا مصطفى في حواره مع إعلام دوت كوم أن برنامجه الديني مع الإمام الأكبر يغلب عليه الطابع التعليمي، لأن شيخ الأزهر لديه منهجية في كيفية الوصول لجمهور المسلمين حول العالم.. “منذ اليوم الأول ونحن نخاطب المسلمين حول العالم بشكل عام، وداخل مصر بشكل خاص، لعرض المفاهيم الدينية التي تعتمد على المناهج الصحيحة في الدين الإسلامي وليست المناهج ذات الفهم المنقوص، لأن ليس كل من تحدث في الدين يمتلك الأدوات الخاصة بالتصدي لكل ما يمس الدين”.
يضيف رضا أنه كان لديهم منطلقان أساسيان في البرنامج منذ بدايته، الركيزة الأساسية فيه هي توضيح المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي، وأنه لا يدعو للتشدد أو العنف مع كشف أي رسالة لا تحمل مفاهيم السلام والأمان والتسامح والإخاء والمودة، وأن الإسلام بمثابة الركيزة الأساسية للإنسانية التي لو اعتمد عليها العالم سيعود لأفضل صورة ممكنة صالحة للتطبيق.
من ضمن أهداف البرنامج أيضًا كيفية المحافظة على الشباب المصري من المفاهيم المغلوطة التي تقدم له من بعض الجماعات المتشددة، بسبب النقص الشديد لديهم في إدراك وتعلم وتعليم الشريعة الإسلامية سواء على مستوى اللغة أو الفقه، لأن كثيرًا من المتصدين للبرامج الدينية مستوى اللغة العربية لديهم أقل من المطلوب للتصدي للمسائل العميقة في فهم القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة والمسائل الفقهية المعقدة وعلوم الفقة التخصصية.
المنطلق الثاني للبرنامج هو الحفاظ على الأمن القومي المصري والعربي والتآخي العربي الإسلامي، وبالتالي التصدي للجماعات الإرهابية والفكر الخاص بالخوارج وغيرهم، وتوضيح أن كل هذه المفاهيم الخاطئة مبني عليها آراء مغلوطة للشباب، مما يمنعهم من الوقوع في أي فخ مقصود لاستهدافهم.
يضيف رضا مصطفى أنهم استطاعوا تناول الكثير من الموضوعات على مدار تاريخهم في البرنامج منذ 21 عاما وحتى الآن.. “كنا حريصين طول الوقت على عرض كل الآراء من المدارس الإسلامية المختلفة، نعطي للناس أشبه بخريطة طريق ازاي هما بنفسهم يتعرفوا على الآراء الصحيحة في الدين الإسلامي بدون الوقوع في فخ المعلومات المغلوطة والمنقوصة”.
حاول رضا مصطفى في برنامجه مع الأستاذ الدكتور أحمد الطيب طوال السنوات الماضي، بناء المجتمع المصري والمسلم من خلال العودة للأخلاقيات الإسلامية، فتم تقديم حلقات متخصصة بالأخلاقيات الإسلامية المفتقدة مثل التكافل الاجتماعي والتعاون والتراحم، فضلا عن العديد من القضايا الوطنية مثل التصدي للأفكار المغلوطة عن الدين الإسلامي. ويضيف: “كان همنا الأكبر بناء الإنسان المصري بشكل عام والمسلم بشكل خاص، والتعايش والحوار مع الآخر”.
كواليس العمل مع الإمام الطيب
يشير رضا مصطفى إلى أن أغلب المشاهدين لا يعلمون أن فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب لا يتقاضى أي أجر أو مقابل مادي على الإطلاق في البرامج التي يظهر فيها.. “المقابل الوحيد الذي يرجوه هو الثواب والقبول من الله. يتطوع بوقته ومجهوده لخدمة الوطن والمصريين والمسلمين في مختلف أنحاء العالم .. كل اللي ينظر إليه هو تقديم رسالة ومضمون مفيد للناس بحيث يكون قد أدى دوره الذي سيسأل عنه أمام الله.. وأيا كان حجم الانشغالات أو الإجهاد والتعب يكون حريصا على قدر المستطاع على أن يقوم بكل الأدوار المطلوبة منه في توضيح المفاهيم الإسلامية الصحيحة”.
أما فيما يتعلق بفريق العمل الخاص بالبرنامج فيؤكد رضا مصطفى أنهم جميعًا يدركون الدور الكبير الذي يقومون به بوجودهم حول فضيلة الإمام، والرسالة التي يحاولون تقديمها للعالم الإسلامي، لذلك يحرصون على مواجهة أي صعوبة أو مشكلة أو تحدي يعيق ظهور البرنامج بالشكل الأمثل.. “استطعنا التغلب على الكثير من العقبات طوال 21 عاما، كان في مشاكل كتير كانت كفيلة إنها توقف مسيرة البرنامج لكن الحمد لله تخطيناها وكان الفضل الكبير لفضيلة الإمام الأكبر ثم لإصرار فريق العمل على الاستمرارية رغم كل الظروف”.