بسام سرحان
أحمد مكي
ستة أجزاء من مسلسل “الكبير أوي” علي مدار اثنا عشر عاماً متفرقة لماذا لم يفشل رغم التكرار؟ ولماذا فشل “اللمبي” سريعاً؟ الأسباب عديدة ومُتشعبة سوف نستعرضها في هذا المقال.
تخيل معي أننا رأينا شخصية حزلقوم في أكثر من عمل بعد فيلم “لا تراجع ولا استسلام” 2010 كشخصية رئيسية “حزلقوم 8 جيجا” أو “حزلقوم في الجاهلية” أو “لا تراجع ولا استسلام الجزء الثاني” ومن ثَم رأينا مكي يجسد شخصيات كحزلقوم ولكنها ليست حزلقوم نفس النوع والتركيبة ولكن مع اختلاف بعض التفاصيل البسيطة في الأداء، وقتها سوف نجد مكي بجانب محمد سعد في نفس الخانة التي حصر “سعد” نفسه فيها.
ربما أدرك مكي ذلك حينما نجد توظيف شخصية حزلقوم خصوصاً في الجزء السادس من مسلسل “الكبير أوي” (غير مستهلك)، لم يظهر سوى حلقتين ومشهد وحيد في فيديو كول في حلقة أخرى حتى الآن.
أحمد مكي ليس هو بطل مسلسل الكبير وليس معنى ذلك أنها بطولة جماعية أيضاَ، البطل هنا هي (المزاريطة) ويأتى بعدها كل الأبطال.. المزاريطة عالم كامل تم صُنعه عام 2010 لا يتأثر بالزمان يمكن أن نتركه سنوات ونعود إليه مرة أخرى لنتابع ماذا يحدث به. هكذا تنجحت سلاسل وأجزاء المسلسلات فى العالم كله أن ُيخلق عالم بأشخاصه القُدامى الذين أصبحوا جزءا أصيلا منه لا يمكن المساس بهم حتى لا يقع هذا العالم (هجرس، فزاع، أشرف، الدكتور ربيع) وهِدية التي كانت بمثابة التحدي الأصعب لتكملة أحداث هذا العالم ولكن استطاع الفريق القائم على المسلسل في آخر جزئين حل تلك المسألة ببراعة دون المساس بالشخصية.
كذلك موسيقي “عمرو إسماعيل” أصبحت من مقدسات ذلك العالم الذي لا يمكن المساس به.
من في مصر ينافس أحمد مكي في نوع الكوميديا الذي يقدمها؟ كوميديا الـ parody أو ما نطلق عليه “المحاكاة الساخرة”. مكي هو صاحب توكيل هذا النوع من الكوميديا. ملعبه الذي يستطيع الأداء به بدأ ذلك بمحاكاة ساخرة في الجزء الثالث لمسلسل “رقم مجهول” ورأينا الجزء الخامس حلقات السجن prison break والمسلسلات التركية جميعاً. وكانت أفضل الحلقات على الإطلاق حلقات (مزاريطة عندها تالنت) (وشمس الزناتي) وتجلت تلك الكوميديا مجدها في الجزء الأخير عندما حاكى كليب أغنيته نفسه “قطر الحياة” 2012 بشكل مُدهش.
لا أحد يخفى عليه كيف يلقى رواجاً الآن هذا النوع من الموسيقي (الراب) بين أوساط المراهقين والشباب ليخبرهم بأنه رائد قديم من روادها.
حينما يمتزج ذلك مع السخرية (sarcasm) من مواقع التواصل وروادها في حلقة واحدة فتأتي النتيجة رائعة، هنا استطاع أن “يُعلي” علي السوشيال الميديا وليس العكس كما نرى في كثير من الأعمال الكوميدية التي لا تستطيع مجاراة كوميديا السوشيال ميديا فنرى استسهال بنقلها بحذافيرها.
“هيا بنا نصنع مسلسل صعيدي كوميدي” فكرة كتلك مبتكرة إلى حد الناصعة استلقها مكي من مبتكر شخصية الكبير “عمر طاهر” وفرغ منها إبداعه بفريق كتابة يضم محمد عز الدين ومصطفي صقر والمخرج إسلام خيري في أول أجزاء المسلسل وتم الاهتمام بالتفاصيل كاللهجة وتاريخ الشخصيات حتي أصبح لدينا منتج محلي أصيل صعب المنافسة يضيف من حين لآخر تفصيلة مبتكرة تنعش المسلسل بدءا من لدغة حرف الجيم إلى الدال في شخصية محمد سلام (هجرس) حتى شخصية العترة الذي كبر وأصبح شاباً بسبب شربه لبن تجارب من صُنع الدكتور ربيع وداء القط لـ (طبازة) عبد الرحمن ظاظا.
بالإضافة إلى اكتشاف النجوم أو إعطاهم الفرصة بدءا من محمد ممدوح في الجزء الأول (عزام القط) لأحمد فتحي ( بعزق) لمحمد ثروت (ضابط المخابرات)، وبيومي فؤاد وصولا لرحمة أحمد في دور (مربوحة) ومصطفى غريب في (العترة) وحاتم صلاح (نفادي).
كذلك فريق كتابة الحلقات الذي تغير وأصبح من الشباب تحت إشراف عز الدين وصقر رأينا أسامي جديدة كسارة هجرس، ومحمد أشرف ومصطفي عباس في الجزء الاخير.
يصعب على الممثل أن يعود إلى شخصية قد أداها منذ سبع سنوات خصوصًا وإن كانت شخصية مكتوبة بحرفية ولها تاريخ وتفاصيل وليست شخصية كاريكاتيرية سهلة التجسيد في أي لحظة، استطاع أحمد مكي أن يعود بثلاث شخصيات بعد تلك المدة بسهولة ورشاقة استثنائية.