أسماء مندور
عقد إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للسيارات، صفقة لشراء تويتر مقابل 44 مليار دولار، أي أقل بقليل من سدس صافي ثروته البالغة 270 مليار دولار، لكن تضمنت تلك الصفقة كثير من الجدل حول مستقبل تويتر، وأثارت تساؤلًا مهمًا، وهو كيف سيكون مصير تويتر تحت قيادة إيلون ماسك؟
رؤية ضبابية
تويتر هي واحدة من أبرز شركات وسائل التواصل الاجتماعي وأكثرها تناقضًا في العالم، لذا من المحتمل أن تكون المنصة الاجتماعية الأكثر نفوذاً الآن، شبكة مركزة من شخصيات النخبة في الإعلام والسياسة والتكنولوجيا والترفيه، فجميعهم ينظرون إلى الموقع كدليل لما هو مهم في مجالاتهم، لكن كعمل تجاري، فهي أيضًا واحدة من أكثر الشركات ذات الأداء الضعيف في وادي السيليكون، والتي تعاني لسنوات بسبب الخلافات حول تعديل المحتوى وشكاوى المستثمرين من أنها لا تحقق ما يكفي من المال.
ساحة المدينة الواقعية
بحسب تصريحات إيلون ماسك، فإن الربح لم يكن عاملاً محفزًا في شرائه تويتر، وإنما ينبع اهتمامه الأساسي بالموقع، الذي أطلق عليه “ساحة المدينة الواقعية” على الإنترنت، من “قدرته على أن يكون منصة لحرية التعبير في جميع أنحاء العالم”، كما كتب في رسالة إلى مجلس إدارة الشركة.
مهما كانت تصريحات ماسك العامة، فإنه يجدر الإشارة إلى أنه “لم يستفد أحد من وجود تويتر أكثر من إيلون ماسك نفسه”، وكما قال أحد الخبراء الاقتصاديين لصحيفة لوس أنجلوس تايمز: “استخدم دونالد ترامب تويتر للفوز بالرئاسة، لكن إيلون ماسك استخدمه للحفاظ على شركة تسلا ودعم الأسهم عندما كانت الشركة في خطر الانهيار”.
الآن تويتر سيكون أيضًا مسؤوليته، حيث جاء حوالي ربع تمويل الاستحواذ من قروض مضمونة مقابل تويتر، وقدم ماسك الباقي، 33.5 مليار دولار، في مزيج من النقد والقروض المضمونة مقابل أسهمه في تسلا، ولا شك أن ذلك يمنحه سببًا وجيهًا للاهتمام بالوضع المالي للشركة، حتى لو ادعى أنه لا يفعل ذلك.
التناقضات الداخلية
بقدر ما يؤيد ماسك رؤية تويتر باعتباره “ساحة شاملة لحرية التعبير“، يعتقد الكثيرون أن الواقع سيبدو مختلفًا تمامًا، من حيث أن قناعاته المعلنة بأقصى قدر من حرية التعبير تتعارض مع خطته للقضاء على الآليات والبريد العشوائي، والتي بدورها تتعارض مع خطته لجعل خوارزمية تويتر مفتوحة المصدر، حتى أن بعض المتخصصين قال في تصريح لموقع ويرد: “من واقع خبرتي، عندما يقدم شخصًا ما خطة بها العديد من التناقضات الداخلية، فهذه علامة على أنهم لم يفكروا في الأمر كثيرًا”.
كبت الحريات
في نفس الصدد، يحذر منتقدو إيلون ماسك من أن لديه سجلًا مقلقًا من “كبت الحريات”، بحسب ما أوضح موقع CNBC، الذي نشر تقريرًا كشف من خلاله أن شركة تسلا ضغطت على الموظفين الذين تم تسريحهم من الشركة لتوقيع اتفاقيات تمنعهم من مقاضاة الشركة، كما اتهم العمال الشركة بالتمييز العنصري والتحرش والانتقام لإثارة مخاوف تتعلق بالسلامة، ناهيك عن أن إيلون ماسك نفسه يمتلك نمطًا لمحاولة التحكم في ما يقوله الصحفيين والإعلاميين وحتى العملاء عنه وعن أعماله.
بدوره، كتب جريج بنسنجر، عضو مجلس تحرير نيويورك تايمز: “أسباب إيلون ماسك للسيطرة على تويتر لا تتعلق بحرية التعبير، وإنما يتعلق الأمر بالتحكم في منصة لتوصيل صوته، مع عدد كبير من المتابعين له، سيصدر إيلون ماسك مكبر صوت عملاق وسيكون حراً في توصيل استثماراته الخاصة، ووضع اللوائح المناسبة له وإسكات المنتقدين”.
وتيرة الابتكار
في واشنطن بوست، ردت بأن كل الحديث عن تحول تويتر إلى “سجن” تحت قيادة إيلون ماسك مبالغ فيه، موضحةً أن آراءه حول حدود التسامح الليبرالي لم يتم تطويرها بالكامل، وأوضحت الصحيفة أنه في عام 2021، اعترف جاك دورسي، المؤسس المشارك لتويتر والمدير التنفيذي آنذاك، بأن الاتجاهات في الاعتدال في المحتوى السياسي كانت “مدمرة للغرض النبيل والمثل العليا للإنترنت المفتوح”.
أقر آخرون أن إصلاح مشاكل تويتر يمكن أن تكون أسهل أيضًا في ظل المِلكية الخاصة، كما أن بعض الموظفين مؤيدين لفكرة أن تويتر الخاص الذي يديره إيلون ماسك يتمتع بفرصة أفضل لتحسين الخدمة مقارنةً بشركة عامة تدين بالفضل لمساهميها، بمعنى أنه كشركة خاصة، مدينة بالفضل لمصالح رجل واحد فقط، قد يكون تويتر قادرًا على تطوير نفسه بطرق لم يكن بإمكانه أبدًا القيام بها بينما يتعين عليه الإبلاغ عن أرباح ربع سنوية.
أخطبوط مترامي الأطراف
يؤيد خبير اقتصادي في بلومبيرج تلك النظرية، مشيرًا إلى أن المشاكل مع تويتر عميقة وصعبة للغاية لدرجة أن السيطرة الكاملة من قبل فرد واحد فقط هي التي لديها فرصة واقعية لحلها، قائلًا: “إن السيطرة على أخطبوط مترامي الأطراف مثل هذا لا يمكن أن تتم إلا من خلال سلطة ديكتاتورية، وهذا هو السبب في أن الشركات التي يقودها مؤسس تميل إلى التفوق في الأداء”.
على الجانب الآخر، ظهرت وجهة نظر أخرى محايدة تمامًا، تقول إنه من المحتمل ألا يتغير تويتر كثيرًا في الواقع، وهو اتجاه جاء في مضمونه “إن كل شخص متحمس لـ إيلون ماسك لشراء تويتر سيصاب بخيبة أمل، وكل من يشعر بالفزع سيجد أنه لن يتغير شيء، والمستقبل سيكون غير واضح من حيث التنازلات وخيبات الأمل بشأن قرارات المنصة، كما هو الحال دائمًا”.