ماندو العدل يتحدث عن فاتن أمل حربي
هبة جلال
حالة من الجدل أثارها مُسلسل “فاتن أمل حربي” مُنذ عرض حلقاته الأولى، فالبعض يرى أنه يضرب ثوابت الدين ويسيء للشيوخ ويشكك في أمور الفقه خاصة وأنه يتناول قانون الأحوال الشخصية والتشريعات الفقهية.
“إعلام دوت كوم” حاور المُخرج ماندو العدل حول فكرة العمل وشخصياته، وهل اتخاذ العمل خطا دينيا ساهم في الهجوم عليه؟ وسبب طرح العمل من منظور واحد وفكرة تعاونه مع الكاتب إبراهيم عيسى، وفيما يلي أبرز التصريحات:
1-فكرة مسلسل “فاتن أمل حربي” في الأساس فكرتي فشاهدت نماذج كثيرة لسيدات لديهن مشاكل مع قانون الأحوال الشخصية خلال السنوات الأخيرة وعرضت على الكاتب إبراهيم عيسى الفكرة لعمل فيلم سينمائي وقد تم تأجيلها لفترة وعندما تعاقدت مع العدل جروب على عمل درامي من بطولة نيللي كريم أخبرته وقمنا بعمل المسلسل.
2-العمل كان اسمه المؤقت في البداية “أحوال شخصية” وكنا نريد تسميته “فاتن لا تزال تبحث عن حل ” لأن الفنانة فاتن حمامة قدمت فيلما سينمائيا بعنوان”أريد حلا” إلى أن توصلنا للاسم النهائي” فاتن أمل حربي” ودلالة اسم “فاتن” يرمز للفنانة فاتن حمامة ولديها أمل ستُحارب من أجل تحقيقه .
3-الفنانة نيللي كريم والفنان شريف سلامة كانا أول الترشيحات لأبطال العمل فاتن أمل حربي.
4-عندما جاء دور “سيف الدندراوي” لم أر سوي الفنان شريف سلامة ولديّ مُشكلة في البدائل فكُنت أريد شريف سلامة لأننى أعلم جيدا بأن لديه هذه الجزئية وأعرف كيف سأخرجها منه لأنه ممثل موهوب فقد عمل معي من قبل في مُسلسل”الخروج” وأتابعه مُنذ أن كان في مسلسل”حضرة المتهم أبي”.
5-استخدمنا “الفلاش باك” لفصل الماضي عن الحاضر فالمُسلسل يبدأ بمشهد الطلاق والجمهور لا يعلم قصة الأبطال فكنا نبحث عن طريقة نحكي بها علاقة “فاتن وسيف” دون تغيير في البناء الأساسي للقصة .
6-مشهد الطلاق اتفقت عليه مع مؤلف العمل وحاولنا تقديمه بطريقة غير معتادة خاصة طقوس الطلاق والتي أصبحت مختلفةعن السابق فهناك سيدات أصبحن تحتفلن بالطلاق وكذلك بعض الرجال أصدقائهم يهنئونهم على الطلاق وكنا نريد جذب الجمهور للعمل خاصة وأنه بدأ بهذا المشهد .
7-“الفلاش باك” لم يسلط الضوء على المشاكل بينهما فقط ولكنه أظهر الجانب الإيجابي خلال فترة الخطوبة فظهر فيه اللحظات السعيدة أثناء فترة الخطوبة والطبيعي أن أظهر المشاكل مبررا للرحلة وسبب إصرارها على تغيير القانون وإنفصالها عن زوجها فالمهم هو رؤية المأساة للبطلة .
8-نموذج المحامي الذي قدمه الفنان محمد ثروت من خلال شخصية “شكيب الإسكندراني” من نسيج المجتمع وموجود وبكثرة ويهتم شكيب باللّيكات والشير فهو مثال للمحامي غير الناجح الذي يسعى دائما في الحصول على ما يُريده باستخدام حيل كثيرة لجلب الأموال.
9-شخصية “شكيب الإسكندراني مكتوبة بشكل جيد وأضفت لها أنا وثروت أشياء وتفاصيل كثيرة وطعم مُختلف مثل الإفيه الخاص بالمحكمة الدستورية وأنه يخشى من الوقوف أمامها لأنه محامي صغير ، فمحمد ثروت موهبة كبيرة فهو ممثل شاطر يستطيع تقديم كافة الأدوار وكل تجاربه معي أثبتت ذلك .
10-لم أر أية مُغامرة فى اختيار الفنان محمد شرنوبي لتجسيد دور شيخ أزهري فهو ممثل موهوب وقدم من قبل أعمال كثيرة وهو نجم محبوب ويتمتع بقاعدة جماهيرية عريضة وقدم الدور بامتياز.
11-ما الذي يمنع وجود علاقة عاطفية بين الشيخ يحيى وفاتن فالشيخ الأزهري إنسان من حقه أن يُحب ويتحب فالحُب ليس خطأ أو حرام فلا يوجد حرمانية في تقديم نموذجا لشيخ أزهري يُحب ولست أول من قدم الشيخ الأزهري بهذا الشكل .
12-هناك تربص بكاتب العمل إبراهيم عيسى خاصة حينما يُقدم شخصية دينية نظراً للعداء الظاهر مع السلفيين فأي شئ سيقدمه لن تنال إعجابهم بل سيقف ضدها الكثير ولكننى لا أري اي شئ غير مقنع في شخصية “الشيخ يحيى”.
13-تشبيه “الشيخ يحيى” بـ الشيخ أرنوب أو الشيخ الحبوب دليل نجاح للشرنوبي في دوره فمن الطبيعي أن التيارات المتشددة التى تريد تصدير صورة غير صحيحة للدين والتعامل مع شيخ أزهري على أنه مقدس لا يُمكن لأحد أن يُسلم عليه والمسلسل قد أظهر خلاف ما يعتقدون ونظراً لعدم قدرتهم للهجوم على إبراهيم عيسي فإنهالوا على محمد الشرنوبي بوابل من الهجوم والذي قاده بعض التيارات المتشددة وهو يعني أن هذا الرجل مؤثر وإلا لم هاجموه بهذه الضراوة .
14- طلبة الأزهر لا تدرس كل الآراء بل يدرسون بعض الآراء و الشيخ يحيى هو شيخ أزهري صغير السن فلم يتجاوز الـ30 عام ومن الطبيعي أن هناك ما يُسمي بالنقل والعقل فالنقل هو معرفة الكلام وقائله وبناء عليه عندما يُسأل الشيخ يقول أن الفقيه قال كذا بينما العقل يقتضي معرفة كل الآراء وبناء رأي من خلال هذه المعرفة، ففاتن ذهبت للشيخ يحيى وسألته “هل ربنا قال هذا ” فرد عليها قائلاً “ده اللي حافظينه” ثم قال لها سأقرأ وأعود إليك فما الخطأ في ذلك فقد ذهبت من قبل بشكل شخصي لدار الإفتاء وسألت رجل دين عن فتوى محددة فأجابني وطلب مني الذهاب إليه مرة أخري كي يُؤكد على الموضوع ويشرح لي كافة جوانبه
15- مشهد فاتن والشيخ يحيى الذي قالت له “هو ربنا قال كده” ستقف الدراما أمامه لأنه يسلط الضوء على هل الدين الذي يُصدر لنا هو دين ربنا الحقيقي أم اجتهدات للفقهاء لتفسير هذا الدين فالذي يأتى في المرتبة الأولى هو كلام الله سبحانه وتعالى وبعد ذلك معرفة كلام الفقهاء جميعا ثم لي مطلق الحُرية فى أخذ ما أريده من كلامهم فالرسول قال “استفت قلبك”،فلا أعلم سبب إصرار هذه التيارات المتشددة على تصدير صوت ومنهج ديني واحد ومنعنا حتى بالتعبير عن رأينا فلم نقل لهم يأخذوا به ومن هذا المُنطلق جاء الهجوم على هذا المشهد .
16- فاتن ليست مفسرة كي تفتح المصحف بنفسها وتعرف هل الله سبحانه وتعالى قال ذلك أم لا وهذا المشهد دليل على أننا لم نقل أن الشيوخ غير مهمين ولا يجب الذهاب إليهم ولكننا نقول أن هناك خطاب ديني واحد يُصدر لنا منذ سنوات طويلة وهو خطاب متشدد ومقصر في حق المرأة والدين الإسلامي دين رحمة ورحابة والله سبحانه وتعالى كرم المرأة تكريماً عظيماً ولا يصح أننا كبشر نفعل ذلك في المرأة باسم الدين خاصة وأن الله لم يقل لنا ذلك .
17- العمل لم يشكك في أمور الفقه ففي الحلقة التالية لمشهد “هو ربنا قال كده” الشيخ يحيى قال لها هُناك فقهاء كثيرين ومنهم ابن حزم يرون أن الحضانة لا تسقط عن الطفل،فلم نتحدث عن الفقه بشكل عام ولكننا نلقي الضوء على الآراء الفقهية الضعيفة التى تسببت في تصدير صورة غير صحيحة للدين الإسلامي .
18- هجوم السلفيين علي العمل أمر طبيعي ولكن العمل لم يضرب بثوابت الدين ولكن المتشددين يعتقدون أن الآراء الفقهية المتشددة ثوابت الدين ومسلسل”فاتن أمل حربي” لم يخرج ليقول لجمهوره لا تصلي أو لا تحج أو لا تصوم فكلمة ثوابت الدين كلمة مطاطية ومشكلتهم مع العمل سببها ليس هدم ثوابت الدين ولكن سببها أنه يهدم أفكارهم ومنهجهم الذي يريدون تصديره لللعالم العربي وللأمة الإسلامية وأن هذا هو الدين الإسلامي ولكن الدين الإسلامى أرحم وأرحب من أن يُعامل المرأة بهذه الطريقة فهناك سورة في القران الكريم اسمها النساء فالله سبحانه وتعالى والدين الإسلامي كرم المرأة وبعض الشيوخ والمشرعين يصدروا فتاوى وقوانين تُهينها .
19- العمل اتخذ خطا دينيا وتطرقنا بشكل حاد في مسلسل”فاتن أمل حربي” لتجديد الخطاب الديني لأن قانون الأحوال الشخصية تسبب في أذى لملايين السيدات في مصر والوطن العربي وهذا القانون مستمد من تشريعات دينية أصدرها بعض الفقهاء فهل هذه التشريعات سليمة بنسبة مئة في المئة ولا يمكن النظر إليها وتعديلها فهي في النهاية أمر بشري يأخذ منه ويُرد فمن هنا جاء المُبرر الدرامي للتركيز على الخط الديني حتى نعرف لماذا يأخذ الأزهر الشريف والمسئولين صوت واحد فقط للفقهاء المتشددين الذين يقولون آرائهم على حساب المرأة .
20- العمل صادم لأنه يُعرف الجمهور أن هناك أحاديث راسخة في أذهان الكثيرين ويعتقدون أنها أحاديث صحيحة عن الرسول وهى غير صحيحة ومن هنا جاءت الصدمة فهذا شئ إيجابي بالنسبة لي لأننى أقول لهم إن الفقهاء ليسوا آلهة لكنهم شيوخ أجلاء قرأوا القرآن والسنة وكونوا منهما رأيهم وأنا غير ملزم بآرائه مئة في المئة لأنه في النهاية بشر،وهو مما تسبب بشكل كبير في الهجوم على “فاتن أمل حربي” لأنه خرج وبشكل صريح يقول ذلك وهذا أمر لم يفعله أحد من قبل فطبيعي أن تهاجم التيرات المتشددة العمل والغير متشدد يحدث له نوع من الصدمة لأنه اعتاد على الخطاب الديني الذي يُصدر له طوال عمره .
21- محاربة السلفيين لي يسعدنى كثيرا لأننى استطعت أن أصل للجمهور وأعرفهم أن ما يُصدر لهم ليس له علاقة بالصورة الحقيقية للدين الإسلامي وأن الذي يُصدر لهم ما هو إلا بيزنس اسمه مشروع الخطاب المتشدد وفخور بأننى أصحح الصورة وسأقابل الله عز وجل بهذا العمل .
22- نماذج الشيوخ التى قدمت في المسلسل نماذج واقعية ومتواجدة في كل مكان بالقنوات والإنترنت وفي المجتمع ولكننا لم نقصد شيخ بعينه وكون الجمهور رأي أن أحد منهم شبيه لشيخ بالحقيقة فهذا يثبت صحة كلامي .
23- “فاتن أمل حربي” لم يأخذ موقفا ضد الرجال فأنا رجل ولا أقدم مسلسلا كاملا أقول فيه أن الرجال مجرمين وسفاحين ولكن نموذج “سيف الدندراوي” موجود في الواقع وبكثرة وقانون الأحوال الشخصية يحمي هذا النموذج فمن الطبيعي عندما أقدم مشكلة في قانون الأحوال الشخصية أقدم النموذج الذي لديه مشكلة ولا أريده أن يكون متواجدا في الواقع.
24- مسلسل “فاتن أمل حربي” لم يتم طرحه من منظور واحد فأحداثه ظهرت فيها أسباب ودوافع لتصرفات سيف الدندراوى فتربيته كانت خاطئة فوالدته ربته على أنه يفعل ما يريده فمن الطبيعي أنه عندما يتزوج سيتعامل مع زوجته بهذا الشكل فتربيته بجانب قانون الأحوال الشخصية كانا سبب تصرفاته فقوانين الأحوال الشخصية ناسفة لحقوق المرأة وطبيعي أن أقف في صف الطرف الأضعف المهدور حقه .
25- من حق أى مواطن أن يرفع دعوى قضائية على أى قانون والدستور أباح له ذلك ولكن فكرة أن الدولة تستجيب لذلك أم لا فهذا شئ آخر فرفع “فاتن” دعوى قضائية على قانون الأحوال الشخصية ليس أمر عجيب فهى سيدة وقفت ضد القانون لأنه تسبب في ضرر كبير لها فطبيعي كإنسانة تحت ضغط أن تثور على الظلم فهذا إحساس بشري منطقي وبمثابة صرخة مواطن في وجه القانون الذي تري أنه ظالم ولابد من النظر فيه وهذا المشهد حقق رد فعل كبير كما أنه ليس هناك أي تشابه بينه وبين مشهد هاني رمزي في فيلم “عايز حقي” عندما كان يريد أن يبيع البلد.
26- فكرة أن شخصية إبراهيم عيسى وأفكاره هى الطاغية على العمل أمر طبيعي أن تكون فكر المؤلف هو الطاغي ولماذا نقول ذلك وكأنه يستتر خلف قضايا المرأة فما معنى أن العمل ظاهريا عمل نسائي ولكن شخصية ابراهيم عيسى وأفكاره هي الطاغية .
27- جزء كبير من الهجوم على مُسلسل”فاتن امل حربي” سببه إبراهيم عيسى فهو لو كتب عمل كوميدي ليس فيه أي شئ سيُسب ويشتم أيضا لأنهم يكرهونه والسبب الآخر في الهجوم على العمل أن خطابه جرئ وكاسر لكل التابلوهات التي كانت تقدم الخطاب الديني والأحوال الشخصية من قبل ففكرة الهجوم على العمل من التيارات السلفية أمر طبيعي .
28- مسلسل”فاتن أمل حربي” أجرأ عمل فنى قُدم على مدار آخر 20 سنة فهو تطرق لما لا يستطيع أحد أن يتطرق له وحقق الغرض المطلوب منه فالعمل حقق ردود أفعال عربية وليست محلية فقط فهو “مكسر الدنيا” في تونس ولبنان والسودان ومعظم البلاد العربية فالدراما دورها الاهتمام بالمرأة وقضاياها بشكل أكبر من ذلك.
29- مقارنة العمل بفيلم “أريد حلا” شرف لي المقارنة بأسماء كبيرة مثل الفنانة فاتن حمامة والمُخرج سعيد مرزوق وهذا العمل طُرح منذ أكثر من 50 عاما وساهم في تعديل قانون الطلاق .
30- أتمنى من المسئولين عن قانون الأحوال الشخصية والتغيير أن ينظروا لـ”فاتن أمل حربي” ولمشاكل السيدات اللآتي يشبهونها ويقدموا شئ ليأخذن حقوقهن فدوري انتهى بعرض العمل وإذا استجاب المسئولين للقضية التى يطرحا العمل سأشعر بفخر كبير وإن لم يستجيبوا يكفيني شرف المحاولة والجرأة في الوقوف بوجه قانون الأحوال الشخصية.