بلا شك، فإن مسلسل “جزيرة غمام” من أفضل الأعمال التى عُرضت في العشر سنوات الأخيرة، لم نر منذ فترة طويلة، عمل متكامل بهذا الشكل، لدرجة-ونادرًا ما يحدث- أن النقاد لم يختلفو على جودته، وكان فى مقدمة إختياراتهم للأفضل، سواء في الكتابة أو التمثيل أو الموسيقى، كذلك في الإخراج والتصوير والديكور.. إلخ.
فـهنيئًا لكل أفراد العمل على مشاركتهم فيه، وهنيئًا للمشاهدين على متابعة عمل بهذه الجودة والحرفية.
ولـــكن.. تبقى هناك تساؤلات لم نجد لها إجابة، وأمور لم يتطرق الكاتب لتوضيحها، كذلك كانت الحلقة الأخيرة على غير المتوقع وكانت الأضعف كتابة من بين تسع وعشرين حلقة.
–لماذا كانت نجاة يسري المستمر في ضلاله؟
– لماذا لم نر بوادر للزوبعة، ونر نصائح لعرفات، ليظهر من خلالها الرافض والمؤمن، المقتنع، والمكذب!
–لماذا كان العجمي أول الخارجين هو وابنه من الكهف بعد النجاة؟ أليس من الأفضل أن يكون عرفات والأطفال أولهم؟ رمزاً للخير والأيام القادمة الخالية من الفساد والشر؟
–لماذا كان موت خلدون بهذه السهولة رغم أنه شيطان؟ كانت موتته كموتة أي إنسان عادى، لماذا لم تحرق العايقة به البيت مثلًا وخاصة أن عرفات حذره من وجوده فى البيت وأنه سيكون خراب عليه؟
–شيخ القرية وهو الرجل النقي التقي، يدون أخطاء أهلها لسبب مجهول موضوع غير مقنع على الإطلاق، فكيف لرجل دين أن يفعلها ويتركها خلفه ليستخدمها من لا ضمير ولا إيمان له؟ وخاصة أنه يعلم أنه ليس مخلد وممكن أن يتوفى في أى لحظة وتقع في يد غيره!
–القصة كلها كانت تُحكى أمام السادات أثناء زيارته للجزيرة، لذلك أليس من المفترض أن تختتم الحلقة الأخيرة في وجوده مع استكمال الحكاية؟
–الحلقة الأخيرة شاهدنا عرفات يحب العايقة حب جسدي وليس حب صوفي كما ظهر لنا طوال الحلقات، فلماذا لم يستمر الحب الصوفي أو يظهر الحب الجسدي من البداية؟
–قتيلة القرية “سندس” لو تم حذف قصتها من السياق لن يكون هناك تأثير فلماذا تم حشرها؟ ولماذا كانت وفاة قتلتها بحوادث غريبة في اللحظة التي سيتم محاكتهم فيها، ولماذ كان الحكم والعقاب إلهيًا ولم يكن دنيويًا؟
–محارب، لماذ اختفى فى نهاية الأحداث، هل حدث له استفاقة؟ لماذا لم ينكشف أمره وكذبه لأهل الجزيرة؟ محارب دوره كبير لذلك كان لابد أن يعلم المشاهد ماذا كانت نهايته.
–قصة استيلاء خلدون على القريه بتهديد كشفه لفضائح أهلها، لم تكن مقنعة.. ولماذا لو كان قتله بهذه السهولة، لم يقتله العجمي وهو صاحب السلطة والقوة، لماذا لم نر له أي مقاومة؟ بالعكس تركه يبتزه بشكل مهين وهذا لاينطبق على شخصية العجمى القوية.
–تقسيم البلد نصفين، نحن أمام قوتين، عجمي لديه القوة المسلحة، وتنظيم محارب ومجموعته المتشددة وأموال بطلان لشراء مرتزقة بالإضافة لطرح البحر خلدون.. ورغم ذلك لم نر أي مقاومة أو صراع!
–قصة طوفان نوح، شاهدنا نجاة أغلب أهل الجزيرة.. أليس من الضروري، طالما اتخذ الكاتب من القصة الأصلية طريق للرواية، أن يتبع النهاية الأصلية، ويتم القضاء على كل الفاسدين فيها ليكون هناك مجتمع خال من الشر؟ “مجتمع على نضافة زي مابيقولوا”
–آخر التساؤلات..خلدون فى المشهد الأخير، رغم الطوفان، عاد إلى القرية، في دلالة على خلوده، لكن ما الداعى لعودة الغجرية معه، وهي شخص عادى وليست شيطان مخلد؟
هذه تساؤلات مشروعة لا تقلل من روعة وجودة وتفرد العمل، على العكس، لأن العمل مبدع تعمقت فيه وربما لم أكن أنا وغيري على حق في بعض التساؤلات لكن لم نمنع أنفسنا من التطرق إليها.