رباب طلعت
في أحدث أفلامه “واحد تاني” يقدم الفنان أحمد حلمي شخصيتين هما “مصطفى” الموظف الروتيني الطيب الملتزم بالقواعد والقوانين، و”إكس” المغامر الذي يملؤه الشغف الذي قتله الأول في حياته وأعاده الثاني عن طريقة “لبوسة” زرعها الطبيب (سيد رجب) فيه ليصبح شخصًا نجاحًا كما أخبره أحمد مالك شقيق حبيبته القديمة (روبي).
تعدد الشخصيات.. 5 تجارب سابقة
وتلك ليست المرة الأولى التي يقدم فيها “حلمي” أكثر من شخصية مما يضعه في اختبار صعب، ويحمله مسؤولية إنجاح العمل بشكل كامل، فهو البطل وظله، أو ظليه، ففي “كده رضا” قدم الثلاثي رضا (سمسم والبرنس وبيبو)، وهو أحد أنجح أفلامه، حيث استطاع تقديم الشخصيات الثلاثة وكإنه 3 ممثلين وليس ممثلًا واحدًا وصنع كوميديا كانت الأنجح في عام 2007، وربحت ما يزيد عن 20 مليون جنيهًا هي إيرادات عرضها.
ويتفوق على ذلك الرقم فيلم “إكس لارج” الذي حقق ما يزيد عن 30 مليون جنيهًا في 2011، والذي قدم فيه شخصية (مجدي /عادل) الأول الذي يعاني من زيادة كبيرة في الوزن، وكان يخاف أن يفصح لحب طفولته (دنيا سمير غانم) بأنه هو مجدي، فلجأ لحيلة أنه عادل، ولكن هنا لم يكن هناك اختلافًا في الشخصية لأن كلاهما واحد، الفارق الوحيد هو ادعائه بأن مجدي “مقطع السمكة وديلها”. عكس عادل قريبه، وذلك أقرب لما قدمه في “ظرف طارق” حيث انتحل شخصية “عمر” زميل نور في المدرسة للتقرب منها، وبعدها تكتشف أنه “طارق” وليس “عمر”.
تعدد الشخصية هنا كان أيضًا بارزًا في تقديم كاركتر “مجدي” نفسه قبل أن يفقد وزنه كان شخصًا مرحًا محبوبًا الجميع أصدقائه ويتحدث معهم بعفوية وبساطة شديدة، عكس مجدي بعد فقدان الوزن الذي بات طبعه هادئًا أكثر، وينظر إلى نفسه ونجاحاته رغباته ليس كما السابق كان يهمش نفسه مقابل اهتمامه بأصدقائه ومشاكلهم.
تعدد الشخصيات أيضًا كان في آخر أعمال حلمي قبل “واحد تاني” فيلم “خيال مآتة”، حيث جسد أيضًا ثلاث شخصيات الابن والأب والجد، في ثلاثة أزمان مختلفة، وكذلك “صنع في مصر”، الذي قدم فيه شخصية “علاء الفارسي”، والدبدوب الذي تحول إليه.
عدوى الناظر
يجدر الإشارة هنا إلى أن بدايات حلمي الحقيقية والالتفات له كان في فيلم “الناظر”، حيث قدم شخصية “عاطف” الأشهر على السوشيال ميديا، والحية إلى اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، بل هي أكثر شخصياته استمرارًا، وقد كان العمل أيضًا من مدرسة تعدد الشخصيات التي يتبعها حلمي، حيث قدم الفنان الراحل علاء ولي الدين دور “عاشور”، وابنه “صلاح الدين”، وزوجته جواهر، ليقدم “ولي الدين” أحد أهم أفلامه من خلال الشخصيات الثلاثة.
خرج “حلمي” من رحم تعددية شخصيات “الناظر”، ومعه أيضًا على نفس السياق كان محمد سعد الذي قدم شخصية “اللمبي” التي بدأت بمشاهد قصيرة في “الناظر” إلى أن تحولت لسلسلة أفلام هي الأنجح في تاريخ محمد سعد الذي أصابته عدوى تعدد الشخصيات هو الآخر في أعماله (اللي بالي بالك، عوكل، كتكوت، كركر، تك تك بوم، فيفيا أطاطا، تحت الترابيزة).
تعدد الشخصيات.. هل ينجح دائمًا؟
اتجاه “حلمي” و”سعد” لتعدد شخصياتهما في أعمالها، يقودنا لسؤال هام، هل كان ذلك تأثرًا بـ”الناظر” الذي ساهم في تشكيل نجومية كل منهما؟ أم التمس كل منهما نجاحه بتكرار التجربة؟ أم أنه تحديًا حاولا اجتيازه؟ وهل تنجح التجربة دائمًا؟
تعدد الشخصيات نجح مع الثنائي بالفعل في بعض الأعمال حالمها حال الكثيرين من الفنانين، وأقرب مثال هو أحمد مكي هو الآخر من هواة تعدد الشخصيات، ففي “لا تراجع ولا استسلام” قدم (أدهم، وحزلئوم) وفي “سيما علي بابا” قدم (حزلئوم أيضًا، وحبش، وبرابر)، وأكبر نجاحاته كان مسلسل “الكبير أوي” بأجزائه الستة والتي قدم فيها (الكبير، وجوني، وحزلئوم) والذي حافظ على نجاحه، بل زاد نجاحه في موسم رمضان 2022.
وتقديم الفنان في عمل واحد شخصيتين أو أكثر إن دل على شيء فهو يدل على قدرات الفنان الحقيقية في التمثيل، ولكن الأمر لا يفلح دائمًا، فـ”حلمي” و”سعد”، و”مكي” وغيرهم على الرغم من النجاح اللافت لبعض الأعمال التي قدموا فيها تعدد في الشخصيات، إلا أنها لم تنقذهم من التراجع في أعمال أخرى، خاصة أن ذلك الأمر يحمل الفنان المسؤولية الأكبر بل الكاملة لإنجاح العمل، حيث في الأغلب ومع تعدد الشخصيات تكون شخصيات البطل مستحوذة على كل الاهتمام في الكتابة مما يضعف الشخصيات الثانوية من حوله، على عكس التي يقدم فيها دورًا واحدًا مثل “عسل أسود” كأقرب مثال.
وفي “واحد تاني” لم يفشل أحمد حلمي في تقديم ثنائيته، حيث كانت أفضل بكثير من “خيال مآتة”، وقد كان التنقل بينهما هو أفضل ما قدمه الفيلم، فبكلمات وتعبيرات وحركات بسيطة ينتقل حلمي من “مصطفى” إلى “إكس”، ويمكنك ببساطة التعرف على من هو في ذلك المشهد من نبرة صوته وطريقة كلامه بدون الحاجة للنظر إلى شعره العلامة المميزة للتفرقة بينهما.