ملف سري
عمر علي
في رمضان الماضي عرض العديد من الأعمال الدرامية التي حظت بنجاح نقدي وجماهيري ملفت للنظر وكان مستواها الفني مرتفعًا إلى حد كبير.
ومن هذه الأعمال مسلسل (ملف سري) للنجم هاني سلامة والمنتجان ريمون مقار ومحمد محمود عبد العزيز اللذان يعودان للمنافسة الرمضانية بعد غياب ثلاثة مواسم منذ أن قدموا مسلسل (رحيم) عام 2018.
وفي هذا المسلسل يعود المنتجان إلى تنفيذ استراتيجية الشركة وهي تقديم المخرجين والكتاب الجدد لسوق الدراما وهو النهج الذي لا يسير عليه منتجين كثيرين فمثلا قدموا المخرج أحمد خالد موسى في مسلسل (بعد البداية) والمخرج بيتر ميمي والكاتب هاني سرحان في مسلسل (الأب الروحي) والمخرج محمد سلامة في مسلسل (رحيم)، وهذا العام يقدمان في (ملف سري) المخرج حسن البلاسي والكاتب محمود حجاج في تجربتهما الدرامية الأولى.
نجح (ملف سري) منذ حلقاته الأولى في الاستحواذ على اهتمام المشاهدين عن طريق الدخول المباشر في الأحداث دون تمهيد أو تطويل ليس له معنى، ونظراً للقضية الهامة التي يناقشها العمل وهي استهداف القضاء المصري أثناء حكم الإخوان عام 2013، فنرى منذ البداية الضغوط الشديدة والتهديدات التي يتعرض القاضي يحيى عز الدين بسبب أنه بصدد الحكم في قضية فساد تخص عائلة المالكي وهي من كبرى عائلات المستثمرين في مصر.
السيناريو الذي كتبه محمود حجاج في أولى تجاربه كان سيناريو متماسك إلى حد كبير ونجح في طرح قضيته بشكل جذاب دراميا دون خطابة أو شعارات فارغة، ورسم الشخصيات وتاريخها كان متميزا إلى حد كبير ونجح في كتابة مواقف وتحولات درامية غير متوقعة لكل الشخصيات جعلت المشاهد يفشل في توقع أي حدث درامي طوال الحلقات وصولا إلى تلك النهاية الغير متوقعة والمنطقية في نفس التوقيت. ويحسب لحجاج أيضاً براعته في كتابة الشخصيات الشريرة بحيث لم يظهر أحدها بشكل نمطي أو تقليدي تحديدا شخصية ليل المصري (محمد محمود عبد العزيز) أو يوسف المالكي (ماجد المصري).
على مستوى الإخراج فقد قدم حسن البلاسي نفسه أفضل بداية ممكن أن يظهر بها مخرج في عمله الأول، فكان أمامه تحديات كبيرة على جميع المستويات أولهم هو مدى جودة وصعوبة النص الدرامي الموجود بين يديه، ثانيهم وجود مجموعة كبيرة من النجوم الكبار والممثلون المشهود لهم بالكفاءة والموهبة التي ظهرت في أعمالهم السابقة وكان عليه أن يظهرهم جميعاً بشكل مختلف عما ظهروا عليه من قبل، والحقيقة أن البلاسي نجح في هذه التحديات بجدارة يحسد عليها.
فظهر منذ الحلقات الأولى تمكنه الواضح من إدارة كافة عناصر العمل باقتدار شديد بداية من النص ثم الممثلون الذين ظهروا جميعاً في أفضل صورهم نتيجة توجيهاته، وظهروا بشكل لم يظهروا به من قبل مثل محمد محمود عبد العزيز ونضال الشافعي وماجد المصري وعائشة بن أحمد ومحسن محيي الدين وكارولين عزمي ومهند حسني، كما نجح البلاسي في ضبط إيقاع الحلقات بحيث لا يتسرب الملل للمشاهد مطلقاً وقدم عملا وضعه في مصاف المخرجين الموجودين حالياً.
هنا يجب أن يذكر منتجان العمل محمد محمود عبد العزيز وريمون مقار كشركاء أساسيين في نجاح العمل ويجب تحيتهم على النهج الذي يسيرون عليه منذ أن قاموا بتأسيس شركتهم وبدأوا الإنتاج بمسلسل (باب الخلق) عام 2012، وهو إصرارهم على تقديم كتاب ومخرجين جدد في كثير من أعمالهم وإعادة اكتشاف لنجوم كبار وخلق نجوم صف أول مثلما فعلوا مع النجمين طارق لطفي وياسر جلال الذين كانت انطلاقتهما نحو البطولة المطلقة في عملين من إنتاج الشركة هما (بعد البداية) و(ظل الرئيس).
في النهاية فنحن أمام عمل ناجح ومختلف بكل المقاييس حجز لنفسه مكاناً بارزاً في موسم ضخم يصعب المنافسة فيه ولكن الإتقان وحده كفيل أن يضعك في المقدمة.