وليد رشاد يكتب: أحلى حاجة في مصر.. هي الفساد !!!!
اكيد صدم حضرتك العنوان !! انا كمان استغربت اول مرة سمعت فيها الجملة ديه من احد الاعلاميين الكبار فى احد البرامج التلفزيونية الشهيرة، لكن لما ركزت مع المذيع فهمت المقصود من كلامه، وهو ان من ضمن مميزات مصر بالنسبة لبعض الفئات هى وجود الفساد، لان الفساد هو احد العناصر الاساسية التى يعتمد عليها نمط حياتهم، والفساد المقصود هنا معنى عام يشمل الفساد السياسى المتمثل فى استغلال النفوذ، الفساد المالى المتمثل فى سرقات البنوك ونهب المال العام، الفساد الادارى المتمثل فى الرشوة والمحسوبية.
بعض انماط البشر فى مصر لا يستطيعون استكمال حياتهم بدون واسطة من فلان او دفع رشوة لعلان او استغلال لنفوذ ترتان، هولاء لا يتحملون الطوابير فيتحسسون الوسايط لانجاز مصالحهم او دفع الرشاوى مقابل تخليص امورهم، هولاء لا يتحملون بقاء بضائعهم فى الجمارك او يقبلون دفع الضرائب كباقى خلق الله وغيرها وغيرها … هولاء يحيطون انفسهم بحشود من الخدم والمساعدين والسائقين لكى ينجزوا بدلاً منهم (وباجور زهيدة) الاعمال الدنيا من وجهة نظرهم ولا يقبلون ان ينفذوا هم او ابناؤهم اواقاربهم تلك الاعمال.
ولا زلت اذكر كلمات شخص قريب جداً منى (عندما كانت تغمرنى نشوة الفرحة الساذجة بنجاح ثورة يناير) ووجدته يؤكد ان الثورة لن تنجح وفقاً لمعاييره الا عندما يقرر “مبارك” وابناؤه الرحيل من مصر او الهروب كما فعل “زين العابدين بن على” فى تونس، واكد انه طالما قرروا التوجه فى البداية لشرم الشيخ فانه لا ثورة نجحت ولا اى كلام وان المسألة عبارة عن وقت طال ام قصر ينتظرونه حتى يعودوا لسابق فسادهم وجبروتهم !!!!
وبعيداً عن اسرة “مبارك” ثار لدى تساؤل قوى وهو لماذا لم يهرب الغالبية العظمى من رجال مبارك ورجال الاعمال الفاسدين من مصر بعد الثورة رغم ان ثرواتهم يمكن ان تكفل لهم حياة كريمة فى الخارج ؟!
وكانت الاجابة للاسف ان هولاء الشرذمة من رجال الاعمال واولادهم واحفادهم لن يجدوا نفس بيئة الفساد التى تعودوا ان يعيشوا فيها الا فى مصر، فلا يوجد مكان فى العالم يكفل لهم تلك الحياة الاسطورية الباذخة الا مصر، لأن العالم الغربى لا توجد فيه اصلاً تلك الحياة المرفهة المنعمة الا فيما ندر، لان الطبيعى هناك ان كل شخص يفعل اموره بنفسه واذا فكر احدهم فى استئجار عمالة كسائق او خادمة او خلافه ربما كلفته تلك العمالة راتبه الشخصى.
والاهم ان مصر مهما بلغ غلاء الاسعار بها فانها لا تزال تعتبر رخيصة فى السلع والخدمات ولكن الفارق لدى هولاء الكبار هو فائض السيولة لديهم والذى يسمح لهم فقط (وليس لفقراء ومتوسطى الحال بطبيعة الحال) بشراء اى وكل شئ وربما البشر الفقراء انفسهم اذا ارادوا شرائهم لاى سبب !! ناهيك عن انه فى الخارج لا شخص فوق القانون حتى ولو كان رئيس الجمهورية وجيلنا لا زال يتذكر فضيحة “مونيكا لوينسكى” والرئيس الامريكى الاسبق “بيل كيلنتون” تلك الفضيحة التى اتهم فيها “كلينتون” باقامة علاقة (غير كاملة) مع المتدربة “مونيكا”، ويا ريت نركز اوى فى قصة علاقة غير كاملة، وكانت الكارثة الكبرى حينما كذب “كلينتون” وانكر العلاقة، طبعاً لكم ان تتخيلوا كم العلاقات الكاملة وتحرشات المسئولين الصغار فى مصر (وليس الرؤساء) مع اى موظفة تعمل معهم (وليست متدربة) وكم الكذب والتفنن فى انكار تلك العلاقات.
ومن هنا يدرك كبار الفاسدين ان مصر مرتعاً للفساد وهى ربما من البلدان القليلة التى يمكن ان ترتكب فيها اى نوع من الجرائم وتفلت من العقاب بل وممكن ان يتم تكريمك ويعود لك اعتبارك، وحتى لو افترضنا ان المعجزة حدثت وتم عقابك على ارتكاب اى فعل شائن (لسوء حظك المفرط) فانه من السهل عليك جداً ان تشترى او تجبر اخر على الاعتراف بارتكابه الجريمة بدلاً منك، ولا احد ينسى الشاب الغلبان الذى راح ضحية قضية مقتل ابنة فنانة شهيرة وصديقتها، ودار حول قصته مسلسل “ابن حلال” والذى عرض فى رمضان قبل الماضى بطولة “محمد رمضان”.
اما من يتحدثون عن الزحام والتراب والاكل الملوث والارف فى مصر والعيشة النضيفة خارج مصر، هولاء واهمون لانك يمكن ان تجعل بثروتك الطائلة من مصر صوبة اومحمية تعيش فيها انت واولادك داخل مناخ صحى وتأكل طعام اورجانيك وتعيش فى عالم افتراضى من سيارات فارهة وخدم ولا تحتك بالبيئة المتدنية الا فى اضيق الحدود !! واللى مستغرب من الكلام ده ممكن يسأل من عاش فى معسكرات الشركات الدولية الكبرى فى الدول الافريقية الفقيرة، وستكون الاجابة ان هذه المعسكرات تنقل لابناء الجاليات الاجنبية نفس نمط الحياة المتميز فى بلادهم ولكن داخل المعسكرات فقط، مما يجعل اسر العاملين فى تلك الشركات لا يرغبون فى مغادرة تلك البلدان البائسة رغم انهم لو خرجوا خطوات خارج المعسكرات لشعروا بالضياع والرعب !! عرفتوا ليه احلى حاجة فى مصر الفساد ولكن ده طبعاً بالنسبة للفاسدين وانصارهم وبطانتهم ولا عزاء للفقراء والغلابة !!!!