تجربة حقيقية.. البحث في عوالم إعلانات البحث عن عمل أونلاين
رباب طلعت
“شغل أونلاين”، “شغل للبنات والستات”، “عايزة تكسبي فلوس كتير من غير مجهود”، “مش محتاجين مؤهل وهنعلمك كل حاجة”، “عايزة تشتغلي.. التفاصيل إنبوكس”.. الكثير من العبارات الجاذبة للفتيات والسيدات الباحثات عن عمل من المنزل، وليس النساء فقط، بل الرجال أيضًا مؤخرًا بحثًا عن فرص لزيادة الدخل، أو عمل مؤقت لحين العثور على آخر يتناسب مع مؤهلاته، وأكثرهم قد تعرض للنصب مرة على الأقل، خاصة ممن لا يمتلكون مقومات حقيقية للربح من الإنترنت.
“إعلام دوت كوم” خاض تجربة حقيقية، للبحث عن عمل على الإنترنت، عن طريق التقدم لعشرات من الوظائف المعلن عنها في عدد كبير من المجموعات على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، بالإضافة إلى التحدث مع عدد من الباحثات والباحثين من العمل لنقل تجاربهم، وأيضًا من خلال استبيان عشوائي تم نشره على تلك المجموعات وقد شارك فيه عدد محدود منهم حيث امتنع الكثيرون عن الإجابة عليه واكتفوا بسرد تجربتهم بشكل شخصي، دون الإشارة إلى أسمائهم الحقيقية، وفيما يلي أبرز نتائج التجربة.
الخطوة الأولى لأي باحث عن العمل “أونلاين” هو الانضمام لجروبات تقدم تلك الخدمة، وللفتيات والسيدات الحظ الأوفر حيث إن لديهم النصيب الأكبر من الإعلانات بل والمجموعات نفسها التي يضم اسمها عادة عبارات (للبنات والستات أو شغل بنات بس وخلافه)، وبجانب المجموعات الشهيرة للبحث عن عمل حقيقي، هناك العشرات لا تقدم فرص حقيقية، بل هي إعلانات للنصب.
وأولى علامات النصب تظهر في المنشورات حيث يحمل أغلبها كلمات تدل على الربح السريع والسهل والعمل الفوري دون أية شروط أو مؤهلات، بل أن بعضها يؤكد على إن مقدم فرصة العمل سيوفر للموظف فرصة التدريب، ومرتب كبير! كما في الأمثلة التالية:
في نهاية أغلب تلك الإعلانات إما يتم التنويه عن التواصل على الخاص لمعرفة التفاصيل، أو كإجابة على سؤال المعلقين على المنشور يتم الرد بـ”إنبوكس” وعند تصفح رسائل “الأخرى” نجد الإجابات شبه المكررة بل وفي بعض الحالات يتم إرسال نفس الفيديو أو التسجيل الصوتي الذي يحوي شرحًا لوظيفة الأحلام التي لا تتطلب مجهود ولا وقت ولا حتى أدوات أو خبرات للعمل، من أكثر من شخص.
وينقسم مقدمو الوظائف إلى نوعين في الرد، الأول يكون ملمًا جدًا بالوظيفة ولديه قدرة هائلة على الإقناع، والآخرين “حافظين مش فاهمين”، ولمن عاصروا موضة التسويق الشبكي التي كانت منتشرة في بداية الألفينات بين طلاب الجامعات، سيجدون وجه الشبه كبير جدًا بينهم وبين أولئك المروجين لها فالنوع الأول كانوا “الحيتان” الذين استطاعوا تكوين شجرة كبيرة نجحوا من خلالها جني أرباحًا طائلة بالفعل، والآخرين “اللي صحابهم كسبوا بجد”، ولكنهم هم أنفسهم أنفقوا على ذلك الأمر أكثر ما ربحوا منه، وتلك الإجابة تحديدًا “صحبتي كسبت بجد” أخبرتني بها إحدى المروجات لأحد الوظائف لتشجعني على التجربة.
ماذا يحدث في الإنبوكس؟ السؤال الذي كان يسيطر على فضولي قبل خوض التجربة، وبعدها زاد الفضول أضعاف! ففي تجربة عشوائية لمعرفة التفاصيل “إنبوكس” لإعلانات كانت تتضمن “شغل مربح وفوري وبدون شروط”، أو “للبنات بس” كانت المفاجأة!
في بداية الأمر كانت الإجابات متوقعة وتقليدية “ماي واي”، “اوريفلام”، شركات سياحية، كول سنتر، سوشيال ميديا (إرسال رسائل على الواتساب ونشر بوستات على مواقع التواصل الاجتماعي)، التسويق الشبكي (شراء المنتج والترويج لها في محيط الأسرة) إلى ذلك من الوظائف المعتادة التي تحتاج إلى عدد كبير من الفتيات تحديدًا، بدون مؤهلات أو خبرة وغيرها من الأمور لاعتمادهم على (القص واللزق) فقط، ولكن بعد ذلك بدأت التجربة تكشف عن أمور خطيرة وراء بعض الإعلانات.
الأمر الأول والأقل ضررًا، هو دفع تأمين للعمل قبل استلامه، والأمر يتم تغليفه بستار (شرط جدية)، والصورة المرفقة جزء من رسالة مقدمة الخدمة وأخفينا الجزء الثاني لعدم التشهير بالمتحدثة أو الشركة، وبسؤال إحدى المعلقات بهجوم على ذلك الإعلان أكدت أنها قد تعرضت للنصب من قبل، حيث يقوم المتقدم على الوظيفة بدفع المبلغ، ولا يتم رده ولا يتم تعيينه حيث يكون الرد بعد انتهاء فرصة التدريب أنه ليس مؤهل للتثبيت، بالتالي فإن مقدم الوظيفة يعتمد على جمع أموالًا من التقديم لها، وكذلك تيسير أعماله دون الدفع للمتدربين.
“هندربك تبقي مستشارة تجميل لأسرتك وصحابك”، تلك الجملة كانت تفسيرًا لتجربة سابقة وقعت فيها إحدى المتضررات التي تواصل معها “إعلام دوت كوم” لسؤالها عن تجربتها مع أحد المنتجات المعلن عنها، حيث نصحتها صديقتها التي أخبرتهم بأنها حصلت على تدريبات في مجال علاج البشرة، وأصبحت تصف لهم منتجات من شركة تثق بها، وقد تسبب لها أحد دهانات البشرة بآثار جانبية لجأت بسببها لعلاج طبي، والسؤال كان هل تلك المنتجات مصرح بتداولها بالفعل؟ والإجابة بسؤال طبيبة صيدلانية، أنه لا، ليس أغلبها كذلك، فكثير من تلك المنتجات مثل التي يتم الترويج لها في القنوات المجهولة، وبسؤالها عن الشركة التي تواصلت معها للعمل لديها “أونلاين” قالت إنها لم تسمع عنها قط من قبل، ولا بمنتجاتها، على الرغم من تأكيد المندوبة بأني سأجد عنها معلومات على “جوجل” الذي لم أجد فيه هو أيضًا أية معلومات عنها.
“حلال أم حرام” كان السؤال الأبرز لمعلن عن أحد الوظائف، التي لم تكن وظيفة فعلية، بل هو إعلان لأحد مواقع الرهانات الرياضية، حيث حاول إقناعي بالدخول على الرابط حتى وإن لم أسجل رهاني (الربح بالتحويل)، وعندما أخبرني أن المطلوب مني وضع مبلغ للرهان على المباراة تحت مسمى مخادع “استثمار”، سألته “هو الرهان مش حرام؟” فكانت الإجابة:
الكارثة الكبرى كانت في إعلانين مريبين، كان المعلن رجلًا، ويطلب فتيات أو سيدات أقل من 40 عامًا، ولا يشترط التعليم ولا أي شيء سوى حسن المظهر فقط! وكانت النتيجة الأول في حاجة إلى مقدمات جلسات تدليك للرجال والسيدات، وبعيدًا عن كونه ليس “أونلاين” كما أشار، سألته عن ضمانات عدم تعرض الفتيات لمضايقات من الرجال فكانت الإجابة:
أما الآخر، فكانت أسئلته مريبة، تضمنت أسئلة عن شكل الجسم والوزن وغيره، وعند رفض الإجابة الرد عليه بحدة عن نوعية العمل فكانت الإجابة “بلوك”، وبالتواصل مع أحد المعلقات على “البوست” التي رفضت إرفاق “برينت” من محادثتها معه، وتبلع من العمر 17 عامًا اكتشفنا أنه يستدرج الفتيات لتصوير صور خارجة بمقابل مادي! وحصلت هي الأخرى على بلوك عندما أنهالت عليه بالشتائم!
بعد التعامل المباشر مع الكثير من الإعلانات، حاولنا استطلاع رأي بعض الباحثين عن “عمل عن بعد” وقد كانت النتيجة المتوقعة أن تتفق النتائج بشكل كبير مع التجربة الشخصية، ولكن نظرًا لاختلاف مهم جدًا في مؤهلات المشاركين في الاستبيان عن الآخرين الباحثين عن العمل السريع بدون أدوات أو مهارات تؤهلهم لذلك، حيث كان أغلب المشاركين لديهم بالفعل لديهم مؤهلات تمكنهم من العمل والكسب مع تقليل فرص النصب ومنها (الكتابة والترجمة، التصميم والمونتاج، برامج الأوفيس، أو تقديم الاستشارت)، وهو الأمر الذي يمكننا اعتباره نصيحة للباحثين عن عمل عبر الإنترنت (امتلك أدواتك قبل البحث عن عمل فلا ربح بدون تعب)، كما كانت تجارب الذي تعرضوا للنصب والتي شاركوها في الاستطلاع مشابهة كثيرًا للتجربة، وفيما يلي نبذة عن نتائج الاستطلاع.