وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة للشعب المصري بمناسبة الاحتفال بالذكرى التاسعة لثورة 30 يونيو.
وقال الرئيس خلال كلمته: “في حياة الأمم والشعوب أيام ليست كغيرها من الأيام يكاد الزمن عندها يتوقف ويتباطؤ دوران عجلة التاريخ احتراما لإرادة الأمة عندما تريد الحياة والشعب عندما يرفض العبث بمقدراته ومستقبله.
بحكم تاريخها المديد مرت على أمتنا العريقة أيام مثل تلك من بينها بل ومن أمجدها يوم الثلاثين من يونيو 2013 الذي سيبقى خالدا في وجداننا جيلا بعد جيل”.
أضاف: “إن ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة لحظة فارقة في تاريخ هذا الوطن الغالي .. لحظة اختار فيها المصريون المستقبل الذي يرتضونه لأبنائهم وأحفادهم اختاروا فيها الدولة المدنية الحديثة بهويتها المصرية الوطنية المتسامحة والمنفتحة على العالم.. لحظة أعلن فيها المصريون للعالم أجمع أن هدوئهم لم يكن إلا قوة وصبرهم لم يكن إلا صلابة وتسامحهم لم يكن إلا حكمة متصالحة مع الزمن.
في ثورة الثلاثين من يونيو كان صوت مصر هادرا ومسموعا يقول إنها أكبر من أن تختطف وأعظم من أن يتصور أحد أن بمقدوره خداع شعبها العريق وعلى مدار أيام هذه الثورة الخالدة كتب المصريون لأنفسهم على اتساع مدن مصر وقراها دستورا مباشرا نابعا من ضميرهم الشعبي عنوانه أن مصر للمصريين ومصيرها لا يقرره سوى أبنائها المخلصين”.
تابع: “شعب مصر العظيم إن روح ثورة الثلاثين من يونيو بما تمثله من تحدي وقدرة على قهر المستحيل ذاته ما زالت هي نبراس عملنا حتى اليوم، شعاع النور الذي يقودنا ويلهمنا في التصدي للتحديات الراهنة بعد أن نجحنا بفضل الله وإرادة الشعب في اجتياز تحديات توهم المتربصون بل وتمنوا أن تكسرنا وتقضي علينا وبئس ما تمنوه.
واجهنا موجات عاتية من الإرهاب الأسود تحالف ملعون بين قوى شر ودمار أرادت وما زالت تريد النيل من وطننا، تلك الموجات التي تحطمت على صخور إرادة المصريين الصلبة وكما فشل الأشرار من قبل سيفشلون مجددا بإذن الله وبتماسكنا ووحدتنا، وواجهنا وضعا اقتصاديا غير مسبوق فاستعنا عليه من بعد الله بصمود أسطوري لشعب عظيم كما علم الإنسانية يوما الحضارة والمدنية يضرب المثل الآن في إدراك قيمة الوطن والحفاظ عليه وتحمل المشاق في سبيل ذلك ولم نكتف بمواجهة تلك التحديات والتعلل بها لتأجيل معركة التنمية والتقدم بل مضينا في المسارين معا البقاء والبناء، بقاء الدولة وترسيخ أركانها وبناء المستقبل فانطلقت سواعد أبنائنا وبناتنا في كل شبر من أرض مصر تعمر وتشيد وتقيم بإذن الله للمجد قواعد جديدة، ولأن هذا المجهود الهائل الذي بذلته مصر خلال السنوات الماضية لا يمكن أن يضيع هدرا فقد أصبح سندنا الآن في مواجهة إثنتين من أصعب الأزمات العالمية وأكثرها قسوة على جميع دول العالم وهما جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية فلا يخفى عليكم حجم الأذى الذي أصاب دولا أكبر اقتصادا وأكثر تقدما بسبب الجائحة وما نتج عنها من تعطل لسلاسل الإمداد العالمية وكذلك الحرب وما ارتبط بها من أزمة غير مسبوقة في الغذاء سواء توافرا أو أسعارا”.
استكمل: “وأقول لكم بكل صدق إنه لولا البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي الذي تم تنفيذه بنجاح ودقة منذ عام 2016 وشهد بذلك القاصي والداني ولولا ما تحقق في السنوات الماضية من جهود تنموية تسابق الزمن لكانت مواجهة تداعيات الأوضاع الدولية الحالية أمرا في غاية الصعوبة.
شعب مصر العظيم، إن وطنكم يسير على الطريق الصحيح بإرادة وطنية صلبة لا تبتغي إلا الصالح العام ولا تضع نصب عينها إلا تطلعاتكم نحو الحياة الكريمة والمستقبل الآمن المزدهر”.
واصل: “وكما عبرت مصر الصعاب على امتداد تاريخها العريق فإن ثقتي كاملة بأنها ستعبر الأزمات الدولية الراهنة بانعكاساتها المحلية وستواصل بلا توقف مسيرتها نحو بناء الدولة المتقدمة والوطن الآمن والمجتمع المستقر النابض بالحياة وهي الآمال الكبرى التي يتطلع إليها المصريون وأتطلع إليها معهم وسيكون التوفيق بإذن الله حليفنا.
شعب مصر الأبي الكريم في الختام، لا يسعنا بينما نتحدث اليوم إلا أن نذكر العظماء من أبطالنا الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن يمنحونا هذه النعمة الغالية، نعمة الوطن التي نحمد الله عليها ليل نهار نتذكر شهدائنا الأبرار من أبناء الشعب في القوات المسلحة والشرطة ونقول لأسرهم وذويهم إن أبنائكم أحياء عند ربهم يرزقون وأحياء في قلوبنا وفي وجدان هذا الوطن الأصيل الذي أبدا لا ينسى فضلهم.
أشكركم وكل عام وأنتم بخير.. ومصر في سلام وأمان وتقدم، وبكم جميعا تحيا مصر”.