النشر الإلكتروني.. هل يهدد مبيعات الكتاب في مصر؟
سالي فراج
يتجه الكثير من القراء في الآونة الأخيرة إلى القراءة الإلكترونية، وخاصة مع ظهور العديد من المنصات الإلكترونية التي توفر مجموعة كبيرة من الكتب باشتراك شهري شبه رمزي مقارنة بأسعار الكتب الأصلية.
رغم ذلك تستمر دور النشر في إصدار الطبعات الورقية التي يميزها الآخرون من القراء ويرون أن من طقوس القراءة الصحيحة وجود الكتاب الورقي، ورائحة الحبر بصحبتهم.
تواصل إعلام دوت كوم مع العديد من الناشرين، ومسئولي المبيعات، وأصحاب المنصات الإلكترونية، لمعرفة هل سيهدد النشر الإلكتروني مبيعات الكتاب في مصر؟ وما هي احتياجات الجمهور بفئاته العمرية المختلفة، وخطط دور النشر لمواجهة ومواكبة التكنولوجيا، وجاءت تصريحاتهم كالتالي:
صرحت إيمان حيلوز مؤسسة تطبيق “أبجد” الإلكتروني أن المجتمع الغربي يسبق العربي في وجود النشر الإلكتروني منذ ما يقرب من 10 سنوات ومع ذلك لن تتأثر مبيعات الكتب هناك، مؤكدة على أن الكتاب الإلكتروني والصوتي يكونا داعمان أساسيان للكتاب الورقي.
كما أنها ترى أن جمهور منصة “أبجد” يتراوح ما بين 18 : 35 عامًا لأنهم فئات عمرية كثيرة الإقبال على الإلكتروني، لافتة إلى أن الإقبال على منصة “أبجد” أكثر من رائع وفي تزايد ومتنوع من العالم العربي، أما عن استراتيجية “أبجد” للمستقبل فهو الحصول على حقوق نشر إلكتروني لأكبر عدد من دور النشر المهمة.
قال الناشر شريف بكر مدير دار العربي للنشر والتوزيع، إنه في الماضي كان يتم توفير الكتاب الإلكتروني بطريقة غير متطورة، ويبتعد عنه القراء، حتى ظهرت مؤخرا تطبيقات إلكترونية تستطيع توفيره بطريقة شرعية وسليمة ومريحة للقارئ أثناء القراءة، مما أدى إلى إقبال الكثير من القراء عليه.
اتجهت دار “العربي” للنشر الإلكتروني مع منصة “أبجد”، ويعملون في الفترة الحالية على تحليل نسبة إقبال القراء عليه هل هم قراء جدد أم هم نفس القراء الذين يقرأون ورقي؟ كما أنه يرى أن النشر الإلكتروني يعمل على قراء أصغر سنًا، في أنحاء مختلفة من العالم لم تصل لهم النسخ الورقية، مؤكدًا على أن الكتاب الورقي لن يندثر مع الوقت ولكنه سيتطور في المستقبل، مشيرًا إلى أن الناشر يركز على المحتوى وليس طريقة عرضه، مضيفًا أن “العربي” نشرت بعضًا من كتبها على منصة صوتية ولكنها كانت تجربة غير ناجحة فالمنصة لم تهتم بكتبها.
في نفس السياق يرى أحمد رشاد الرئيس التنفيذي لمكتبات، والدار المصرية اللبنانية، أن الناشر يكون ناشر محتوى أيًا كانت وسيلته سواء إلكترونية أو ورقية أو صوتية، لافتًا إلى أن الكتاب الإلكتروني يُساعد في حل مشكلة كبيرة مثل التوزيع.
أضاف “رشاد” أن الكتاب الإلكتروني يُساهم في بيع الكتاب الورقي، مؤكدًا على أن الدار المصرية اللبنانية تُركز على وجود محتواها بكل الطرق والوسائل سواء كانت ورقية أو ديچيتال.
قال أحمد رويحل مدير الشراكات وتطوير الأعمال بشركة “storytel” للكتب الصوتية إن المحتوى هو الذي يُورث في النهاية، والنشر الإلكتروني بشقيه هو وسيط للإبداع والمعرفة، ويزيد من انتشار العمل الإبداعي، أما عن الفئة العمرية المهتمة بالكتب الديجيتال بشقيها الإلكتروني والصوتي فقال إنها تتراوح ما بين 17 : 40 عامًا، مؤكدًا على أن الكتاب الصوتي له سمات معينة بمعنى ألا يصح أن يتم تحويل كتاب أكاديمي لكتاب صوتي، وألا يكون به صورًا ومعادلات رياضية.
أشار إلى أنه يوجد على منصة “ستوري تيل” 250 ألف كتاب إلكتروني مقروء باللغة الإنجليزية بجانب 171 ألف كتاب صوتي إنجليزي و7200 كتابًا عربيًا وتسعى المنصة لإطلاق كتب عربية مقروءة ولكن تاريخ الإطلاق لم يحدد بعد.
أردف: “نحن مستمرون في استراتيجية نشر كتب صوتية لم تنشر ورقيا من قبل وبعدها تقوم دور النشر بالتواصل معنا لتحويله لورقي وهذا أكبر دليل على أن الكتاب الصوتي يكّمل الورقي ولا يلغيه، أما بالنسبة لأسعار اشتراك المنصة فإن المنصة بها ما يقارب من 450 ألف عنوان، يعتبر رقمًا ضخما في الكتب لذلك الاشتراك ليس كبيرًا، ورغم ذلك نسعى دائمًا لتوفير تخفيضات للقراء مع الجروبات الثقافية على “فيسبوك” مثل (مكتبة وهبان)”.
أشار محمد خيري مسئول العلاقات العامة بمكتبة البلد، إلى أن وجود الكتاب الإلكتروني يقلل من مبيعات الكتاب الورقي ولكنه لن يهدد الكتاب الورقي بالإزالة لأن الكتاب كشيء مادي مرتبط بوجدان الجمهور بدءًا من الكتاب المقدس، كما أنه يرى أن نسبة الإقبال من قبل الأجيال الصغيرة تكون على الكتب الأجنبية أكثر من العربية.
تابع أن الأجيال الصغيرة باتت تريد أعمال أجنبية مترجمة جديدة غير كلاسيكيات “ديستوفيسكي” وغيره من الأدباء، مشيرًا إلى أن دور النشر بها حركة الترجمة تكون بطيئة، وتميل للأسهل، وعليها دور كبير في توفير كتب جديدة للنشئ.
من جانبه صرح أيمن حويرة المدير التنفيذي لدار “كتوبيا”، أن مبيعات الكتب الورقية في مصر تأثرت بالفعل لأسباب متعددة أهمها تغير سلوك القراء بعد الكورونا. وتوقف المعارض وإغلاق المكتبات لفترة طويلة جعل القراء يتوجهون للشراء “أونلاين” إلى جانب القراءة إلكترونيا والكتب الصوتية، تواكب ذلك مع انخفاض القوة الشرائية وزيادة أسعار الورق. كل هذا أدى إلى انخفاض في مبيعات الكتب الورقية لكن نسبة الانخفاض غير واضحة لعدم وجود أرقام كافية عن المبيعات في مصر.
تابع :”بدأنا في (كتوبيا) منذ عامين في التحول الرقمي بإنتاج وتحويل كتبنا إلى كتب صوتية ورقمية ونشرها على المنصات المختلفة، كذلك قمنا بإطلاق متجر كتوبيا والذي يضم أكثر من 90 دار نشر وأكثر من 25 ألف عنوان، وفي رأيي هي ليست معركة أو حرب بالأساس. والكتاب في حد ذاته سواء كان ورقيًا أو إلكترونيًا أو صوتيًا ليس غاية وإنما وسيلة للمعرفة”.
أضاف “حويرة” أن منصة “أبجد” استطاعت في فترة زمنية بسيطة أن تثبت جدارتها وتوفر تجربة فريدة للقراء بتوفير أكثر من 15 ألف كتاب مقابل اشتراك شهري زهيد لتصبح بديلًا شرعيًا للكتب الإلكترونية المقرصنة، وتشجيعها يصب في مصلحة الناشرين جميعًا ويقضي على القرصنة، ونتيجة نشر “كتوبيا” للجزء الخامس من “لاشين” إلكتروني فقط كانت مبهرة فخلال أسبوعين فقط تم تحميل الكتاب أكثر من 900 مرة، وكُتبت أول مراجعة عنه بعد ساعتين.
كما قال إسلام حسني مدير شركة “هنداوي” للطباعة والتوزيع إنه مازال هناك شريحة كبيرة تحب الكتب الورقية وتميل لها، ولكن هناك تحديات كبيرة تقابل الكتاب الورقي وهو ارتفاع تكلفة الكتاب الورقي وارتفاع أسعار الورق حوالي 52%، فبالتالي الشريحة التي تقرأ ورقي في المستقبل ستتجه إلى الإلكتروني أو ستقل الكمية الشرائية للكتاب الورقي، موضحًا أن الحل دائمًا هو أن يقرأ الجمهور أيًا كانت الصيغة وذلك سيؤدي في النهاية إلى انتشار الكتب بين الفئات المختلفة، ومستقبل الكتاب الورقي سيتوقف على سعره.
أردف أنه عندما استطاعت منصة “هنداوي” الإلكترونية توفير كتب نجيب محفوظ مجانًا فذلك أضاف كثيرا للمؤسسة والإقبال زاد على المنصة لأنها إلكترونية مجانية شرعية، مؤكدًا على أن منصة “هنداوي” غير هادفة للربح وهدفها هو الحفاظ على الكتب القديمة والمهمة وتوفير الكتاب مجانًا للقارئ بطريقة شرعية.
أكد أحمد عيد مدير متجر أسفار للكتب، أن وجود النشر الورقي والإلكتروني يُثري من العملية القرائية، كما أن جمهور القراء في مصر كثير ومختلف ومازال هناك إقبال كبير على الكتب الورقية، مشيرًا إلى أن الكتب الإلكترونية لم تنتشر في مصر بشكل كبير، والدليل على وجود إقبال كبير على الكتب الورقية هو الإقبال الكبير على المعارض.
تابع أن هناك حركة ركود في البيع والشراء في العالم لأسباب اقتصادية ليس لها علاقة بالكتاب الورقي فقط، لافتا إلى أن متجر “أسفار” لا يرى أن الكتاب الإلكتروني منافس للورقي ويسعى المتجر إلى إتاحة نسخة إلكترونية من الكتب عليه قريبا.