في يناير الماضي، سارع المتحدث الرسمي بإسم الحملة الرئاسية للفريق أحمد شفيق، إلى نفي ما نشر حول رفض السيسي لقاء شفيق خلال زيارته إلى الإمارات. وقال بحسم إن الفريق لم يتقدم أصلا بطلب المقابلة، وكأنه يتبرأ من شيء (لا يليق به).
واليوم، فلم يبادر المتحدث أو “فريقه” إلى توضيح دوافع شفيق للقاء رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، وماهية (الأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة) التي ناقشها مع الرجل، وبأي صفة؟
ولأن (من البيانات الصحفية ما فضح!).. اطلعت على بيان صحفي، أرسل عبر الإيميل، صاغه مدير الإعلام والاتصال بمجموعة الحبتور الإماراتية، جاء فيه أن رئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، خلف أحمد الحبتور، استضاف رئيس الوزراء المصري السابق أحمد شفيق في مكتبه بشارع الوصل بدبي.. ذهب شفيق إلى مكتب رجل الأعمال الإماراتي الشهير، وليس العكس.
في البداية، وصف البيان الصحفي شفيق بأنه رئيس الوزراء السابق، قبل أن يرسل مدير الإعلام والاتصال تصحيحا، بوصف شفيق المرشح الرئاسي السابق، الذي خسر بفارق ضئيل أمام محمد مرسي الانتخابات الرئاسية عام 2012، مع الإشارة إلى كونه قيادي بارز في القوات الجوية المصرية سابقا، وتسلّم رئاسة الوزراء لفترة مؤقتة في عهد الرئيس حسني مبارك.. بينما النسخة الإنجليزية من البيان الصحفي وصفت شفيق بأنه الرئيس المصري السابق! ربما كان على سبيل الخطأ في الترجمة.
… لكن اللافت أن البيان الصادر عن مؤسسة إماراتية بالأساس، لم يشر من قريب أو بعيد إلى صفة أخرى لشفيق هي الأولى بالاستخدام في لقاء جرى على أرض الإمارات، وهي كونه مستشارا لرئيس دولة الإمارات.. وهو ما يدفعنا للتساؤل المشروع عن حقيقة وصف شفيق بأنه (مستشار رئيس الإمارات)، وهي الصفة التي يجري الترويج لها صحفيا على مدى الشهور الماضية.
هل نجد إجابة أو توضيحا من جانب المتحدث الإعلامي الذي ينتفض دفاعا عن “فريقه” في “الفاضي والمليان”؟!
بحسب نص البيان، ناقش الحبتور وشفيق (الأوضاع الاقتصادية والسياسية الراهنة في مصر)، وتحدثا حول (هواياتهما) المشتركة، خاصة كرة المضرب!
هكذا وبكل بساطة، توضع هواية كرة المضرب إلى جانب الأوضاع الاقتصادية والسياسية (الراهنة) في مصر في جملة واحدة.
.. وإمعانا في المفارقة، تضمن البيان الصحفي دعوة وجهها رجل الأعمال الإماراتي الحبتور إلى شفيق لحضور بطولة (تحدّي الحبتور لتنس السيدات).. وهو تحدٍ قد يراه شفيق يليق به في هذه المرحلة من العمر، كمرشح رئاسي سابق، لا مرشح لرئاسة نادي الروتاري أو ليونز مصر الجديدة.. وهو أمر طبيعي، طالما رضى الرجل بكل تاريخه العسكري ومكانته السياسية أن (يُستخدم إعلاميا) بدعوى مناقشة قضايا مصر السياسة والاقتصادية مع رجل أعمال لا صفة سياسية له من الأصل (بدأ حياته موظفا في شركة إنشاءات)..
ولا غرابة في أن شفيق (بقميصه الأخضر الفسفوري المعبر – ربما دون قصد – عن حالة من “الأنتخة السياسية” في خريف العمر) جعل من نفسه “قطعة ديكور” لكل من (يدفع أكثر) الحق في أن يلتقط إلى جوارها صورا تذكاريا، حتى وإن كان الحديث حول تنس السيدات أو كرة المضرب!
تأمل الصور جيدا..
هل نعد ذلك المشهد “الفسفوري” دليلا جديدا على أن الفريق شفيق أصبح “تذكارا سياسيا” مناسب جدا للمشاركة في منتديات سيدات المجتمع وزيارة مكاتب رجال الأعمال الكبار أصحاب الفنادق والمجمعات السياحية الكبرى ليلتقط صورا تذكارية، ولا مانع من أن ينزل عليهم – في منتجعاتهم – ضيفا طويل الإقامة، أفضل من أن يعود إلى مصر ويواجه مصيره.
وهل يهدأ أنصاره، والمنتفعون من “سبوباته” الإعلامية والسياسية، وويدركون أن الرجل ارتضى أن تصبح السياسة مجرد مادة لحديث “المسنين” في المكاتب المكيفة، وأن يتلقى دعوة لحضور مباريات تنس السيدات – “وده آخره وتمامه” – بدلا من المساهمة في صراع سياسي مصطنع.
أما من يرى أن الأمر لا مجال فيه للدهشة والتأمل، أسأله أن يقلب الصورة: تخيل أن رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير على سبيل المثال، زار مصر وذهب بملابس “حميمية” إن جاز الوصف، إلى مكتب رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، حوت الإنشاءات والمقاولات، ويصرحا بعد اللقاء، أنهما ما اجتمعا إلا لمناقشة هواياتهما المشتركة، إلى جانب مناقشة الأوضاع السياسية في بريطانيا؟
ما علينا..
على هامش اللقاء، قال خلف أحمد الحبتور: سررت بلقاء السيد شفيق. أتطلع إلى رؤيته في تحدّي الحبتور للتنس الذي يشكّل واحدة من أبرز المحطات الرياضية خلال العام. فهو يجمع لاعبات كرة المضرب من مختلف أنحاء العالم، وقد ساهم في إطلاق المسيرة الإحترافية لعدد كبير من اللاعبات المعروفات”. وأضاف الحبتور أن دبي باتت وجهة أساسية تساهم في تشجيع ودعم عدد كبير من الرياضات، من التنس إلى البولو.
ومن المعروف أن مجموعة الحبتور تضم عدة شركات تتخذ من الإمارات مقراً لها. ومع أنها تشتهر بعملياتها في قطاع الإنشاءات أكثر من غيره، إلا أنها تعرف على مستوى عالمي بأعمالها في قطاعات الفنادق والسيارات والعقارات والتعليم والنشر.