أثارت قصيدة ليزا التي كتبتها نوال مصطفى في جريدة الأهرام قبل يومين أزمة في أكبر الصحف القومية بسبب اعتراض من العاملين بالصحيفة على بعض الالفاظ التي وردت بالقصة ولم تكن مناسبة لسياسة الاهرام التحريرية.
وعلم إعلام . أورج أن الأزمة لا تزال مستمرة وأن عدد من العاملين بالأهرام يطالبون بوقف كتابتها خاصة وأنها غير معينة على قوة الصحيفة.
فيما حاولنا الاتصال بمدير تحرير الأهرام عزت ابراهيم للتعقيب لكن هاتفه لم يرد على مدار يومين
وفيما يلي النص الكاملة لقصة ليزا
نظر إلى الطبيب نظرة مليئة بالأسى و قال : آسف .لا أعرف كيف أقولها وأنا أعلم مدى تعلقكم بهذا الحلم وانتظاركم لتحقيقه .ليزا لا يمكن أن تتزوج ،ولا أن تنجب !
كانت إبنتى الطفلة الصغيرة المهووسة بحب الكلاب تستمع إلى كلام الطبيب البيطرى وهى غارقة فى البكاء ،غير مصدقة ، مصدومة فعلا .لقد كان الهدف الذى ذهبنا من أجله إلى الطبيب مختلفا تماما ،بصراحة كنا نبحث عن عريس لنزوج «ليزا» بعدما أخجلتنا أمام ضيوفنا جميعا .
كانت تتمسح فى كل ذكر يأتى إلى منزلنا ،لا تفرق بين طفل صغير ، شاب يافع ، أورجل وقور .كانت تشتم رائحة ذكورتهم ، فتتملكها رغبة مجنونة فى ممارسة الجنس .تبدأ فورا بالإلتصاق وحك مؤخرتها بساق هذا الزائر المسكين .ثم تبدأ فى الإتيان بحركات سريعة تؤجج نار جسدها أثناء عملية الاحتكاك .
بالطبع كنا نغرق جميعا فى الضحك لهذا المشهد الجنسى الصارخ الذى تؤديه «ليزا» مع كل عابر سبيل «ذكر» يدخل بيتنا العامر .وتتناثر التعليقات الضاحكة من الجميع .« لا بجد ..ليزا لازم تتجوز» .»إلحقونى ..ليزا بتغتصبنى ». «دى كلبة دى و ألا لبوءة ؟ »
لذلك قررت أن أصطحب «ليزا» إلى عيادة الدكتور خيرى بناء على معلومات مؤكدة من أصدقاء مروا بنفس التجارب من قبل مع أولادهم المهووسين بالكلاب مثل طفلتى .قالوا لى :سوف يزوجها لكلب فى سن الزواج وسوف يبقيها عنده حتى تلد . بعدها سيقسم الجراء المولودة بنسبة ثلث و ثلثين .ثلثين للذكر وثلث للأنثى .يعنى لو جاءوا ثلاثة جراء ،سنأخذ واحدا من أولاد «ليزا » وسيأخذ الدكتور إثنين لإن الذكر من عنده .مجتمع ذكورى صحيح .حتى فى الكلاب !
المهم ..جمعت أنا وطفلتى الجميلة عاشقة الكلاب أو «The dogs lover» كما تحب أن تصف نفسها كل المعلومات عن تزاوج الكلاب حتى نضمن لـ «ليزا» حياة زوجية سعيدة ،وأصبحت «ليزا» وزواجها موضوعا يستحوذ على أهمية خاصة على أجندة اهتماماتنا .بعض المعلومات من كتب متخصصة عن الكلاب وبعضها من الإنترنت .
عرفنا مثلا أن أنثى الكلب يجب ألا تجامع الذكر إلا بعد أن تتم تسعة أشهرمن عمرها ،أى عندما تبلغ .ولكن الأفضل أن ننتظر حتى تكمل عامين من عمرها حتى يكون نموها قد اكتمل وصحتها فى تمامها.عرفنا أيضا أن الوثب يفضل أن يكون فى فصل الشتاء لأن الصحة العامة للكلاب فى هذا الفصل أحسن كثيرا من الفصول الأخرى .
كانت المعلومات التى جمعناها عن زواج الكلاب مسلية ومثيرة وفى بعض الأحيان غريبة وصادمة .فمثلا من علامات البلوغ أن تكون الأنثى فى حالة غير طبيعية ، وتسمى بحالة (جعار).و يلاحظ ميل الأنثى للعب مع الذكور والوثب على من تجده حولها من الكلاب .
كنا نقرأ هذا الكلام ونضحك فقد كنا نراه واقعا أمام أعيننا فى تصرفات «ليزا» وصوت «الجعار أو التجعير» الذى كانت تصم به آذاننا .لذلك حلمنا باليوم الذى تتزوج فيه لتهدأ ونهدأ نحن معها من ذلك الصداع المقيم .
أما طريقة التزاوج فهى كالآتى :يوضع الذكر مع الأنثى فى حظيرة بدأ من اليوم السابع من الحيض، ويتركا حتى يتمكن الذكر من الوثوب على الأنثى ،ثم يتم الفصل بينهما بعد خمس عشرة دقيقة من الوثوب .وتتكرر هذه العملية ثلاث مرات يوما بعد يوم حتى يحدث اللقاح .
ومن الطرائف فى عالم الكلاب أن الأنثى لا تفرق بين الذكور ، وتقبل أى ذكر يحاول الوثب عليها ، لذا يجب التحفظ على الأنثى خلال مدة الحيض ومنعها من الإختلاط بالذكور من غير نوعها إذا كان المطلوب سلالة نقية.
مدة الحمل عند الكلبة تتراوح من تسعة وخمسين إلى ثلاثة وستين يوما . يعنى حوالى شهرين . حملنا كل المعلومات ،وأهلنا أنفسنا لقدوم العضو الجديد فى أسرتنا أو الأعضاء ،فمن يدرى ربما تلد ليزا أكثر من ثلاثة .
دخلنا عيادة الطبيب المشهور بتزويج الكلاب ،رافع راية الحفاظ على السلالات الأصيلة ،صاحب رسالة منع اختلاط الأنساب ،وإفساد نقاء النوع فى عالم الكلاب العجيب .أشار إلينا أن نبتعد قليلا حتى يتمكن من فحصها .لم تمر سوى ثوان حتى رفع رأسه إلينا ،بينما تملأ عينيه نظرة حزن عميقة وقال :آسف ..ليزا مش ممكن تتجوز ! حالتها الصحية لا تسمح بذلك .
سألته طفلتى البالغة من العمر ثمانى سنوات :ليه يا دكتور ،هى ليزا عندها إيه؟ قال الطبيب :الله يسامحهم اللى جوزوا أمها وأبوها .الأب كان «بوكسر»والأم «بوولدوج» .«البوكسر» رجلاه الأماميتان طويلتين أما«البوولدوج» فتكون رجلاه الخلفيتان قصيرتين .والحالة دى ممكن تتعالج من الصغر أى منذ الولادة بإعطاء المولود كالسيوم ويود ونوع من العلاج الطبيعى لتقوية القدمين الخلفيتين .
لكن هذا لم يحدث مع «ليزا» فأصابها لين عظام شديد ،وشيئا فشئ سوف تفقد قدرتها على المشى ،وستظل جالسة مكانها لا تقوى على الحركة ،أى ستصبح قعيدة تحتاج لرعاية خاصة .وسكت قليلا ثم قال :لذلك أرى أن تبحثوا لها عن دار إيواء أو مستشفى تابع لجمعية من جمعيات الرفق بالحيوان لتقضى بقية عمرها بها .
بكيت وبكت إبنتى على مأساة «ليزا».كيف يمكن أن تتحول لحظات الفرح والترقب لحدوث شئ جميل إلى حزن يمزق القلب ،ويفجر مشاعر الأسى وفيضان الدموع ؟جئنا إلى هنا لنزوجها ونفرح بها فإذا بنا نصطدم بحقيقة مرضها أو حالتها النادرة التى تسبب فيها قلة الضمير ،وانعدام الإنسانية عند بنى البشر .
زوجوها بذكر كلب ليس من سلالتها ولا من طينتها ،ولم يكترثوا لحقيقة أن مثل هذا الزواج المختلط لابد أن يستتبعه عناية طبية خاصة جدا لعلاج نتائجه الوخيمة على حياة الوليد المسكين .
نظرت إلى عينى «ليزا» البوكسريتين الجميلتين ،عينا البوكسر- لمن لا يعرفها – هى عينان تملكان قدرة هائلة على التعبير ،وشلالا هادرا من الأحزان . كأنها فهمت كلام الطبيب ،وعرفت حقيقة مرضها وهول مصيرها .فقدت الحيوية والشقاوة اللتين كانتا تميزاها .ووقفت ساكتة ،ذاهلة ،وكأنها تبكى حالها فى صمت .
اصطحبناها إلى البيت وكانت ليلة تحفها الأحزان وتغرقها الدموع .هى كذلك كانت تبكى والله لقد رأيت دموعك يا «ليزا» تتلألأ فى مقلتيك العميقتين .ظلت تتمسح بقدمى صاحبتها وحبيبتها تارة ، ثم تأتى وتجلس تحت قدمى بالضبط ،وتلصق جسدها بساقى وكأنها تبغى الدفء ،وتحلم بالأمان .
لم أشعر فى إلتصاقها بى فى تلك الليلة أى رغبة جنسية ،كان هناك توق للحب المجرد والرغبة فى الإطمئنان .كانت تريد بل تتوسل بنظراتها أن نبقيها بيننا ولا نتخلى عنها .نظراتها تبعث برسائل قوية ، مؤثرة ،تخترق القلب .أرجوكم إبقونى ولا تخذلونى.
فى صباح اليوم التالى إصطحبنا «ليزا» إلى جمعية الرفق بالحيوان .قابلنا المديرة التى شرحت لنا كل شئ و طمأنتنا أن «ليزا» سوف تكون فى أيدى أمينة وأن هذا أفضل لها لو كنا نحبها فلابد أن نبحث عن راحتها .هذا ما حاولت المديرة إقناعنا به .
كانت من أصعب الدقائق التى عشتها .لحظات فراق «ليزا» وسط نشيج بكاء طفلتى ، ونباح ليزا .مشهد غير قابل للنسيان !