في واقع الأمر إن تصرف المهندس إبراهيم محلب، رئيس الحكومة، وانسحابه من المؤتمر الصحفي مع نظيره التونسي الحبيب الصيد، عقب سؤال وجهه إليه صحفي تونسي معروف بانتمائه للإخوان، هو تصرف يعبر عن قمة الفشل لرئيس الحكومة المصرية وعدم سرعة البديهة أو القدرة على المواجهة والتعامل مع المواقف الطارئة.
ذلك أن الصحفي التونسي وجه له سؤالا “عن قضية الفساد الخاصة بوزير الزراعة صلاح هلال الذي تم القبض عليه مؤخرا عقب إقالته من منصبه وقال لمحلب وانت أيضا متهم في قضية فساد تخص إهدار المال العام فيما يعرف بقضية القصور الرئاسية…”
وقبل أن يكمل الصحفي سؤاله انسحب محلب حتى دون أن ينبه نظيره التونسي الذي تفاجأ بترك محلب للمنصة ومغلادرة قاعة المؤتمر.
ولك تعلم أن موجه السؤال هو الصحفي التونسي قداد الماجري، الذي يقدم برنامج “نقطة ساخنة” في قناة الزيتونة التونسية الخاصة، والتي أطلقت في 2012، وتعتبر مقربة من حزب النهضة التونسي الموالي لجماعة الإخوان، وفي شهر إبريل الماضي، ظهر الماجري، مرتدياً بدلة برتقالية اللون، خلال برنامجه بالقناة، تضامناً مع الرئيس المعزول “محمد مرسي”، وعدداً من قيادات جماعة الإخوان، الذين حصلوا علي أحكام بالسجن والإعدام وقتها، وذلك حسب المعلومات الموثقة بالفيديو التي نشرها موقع إعلام دوت أورج حول هذا الصحفي.
ومن واقع هذه المعلومات الموثقة تعرف فورا أن هدف الصحفي هو إحراج رئيس الحكومة المصرية وإظهاره في موقف من “على رأسه بطحة”.
وقد مكنه محلب بسوء تصرفه من هذا الغرض، حيث لم يترك الصحفي حتى يكمل سؤاله ثم ينتظر تصرف رئيس الوزراء التونسي أولا قبل أن يبادر هو بالانسحاب المخجل والفاضح الذي لجأ إليه بينما ظل رئيس الحكومة التونسية في مكانه متعجبا من تصرف محلب، خاصة أن الصحفي التونسي المغرض كان يوجه سؤاله بقمة الهدوء، وهو ما كان يستوجب على محلب أن يواجهه ولا يمكنه من غرضه، خاصة أن قضية القصور الرئاسية التي اتكأ عليها هذا الصحفي في مخططه هي قضية صدرت فيها أحكام قضائية باتة ولم يدان فيها محلب أو يرد اسمه في التحقيقات ومن ثم كان عليه أن يواجه الصحفي بذلك، خاصة أن التحقيقات في القضية تمت وانتهت قبل أن يتولى محلب رئاسة الحكومة ما يعني أنه لم يكن لديه نفوذ فضلا عن أن التحقيقات تمت عقب ثورة يناير مباشرة.
أما التصرف الذي لجأ إليه محلب فهو يدل على فشل ذريع ويعني أنه يواجه الإخوان بالانسحاب، فكيف له أن يقتحم الملفات الخطيرة التي تعاني منها الدولة المصرية؟
ويحضرني موقف مماثل للرئيس عبد الفتاح السيسي حينما زار ألمانيا في شهر يونيو الماضي وخلال المؤتمر المشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمقر المستشارية الألمانية حاولت صحفية إخوانية أن توقع السيسي في نفس المخطط الذي فعله الصحفي التونس مع محلب، ولكن السيسي حافظ على هدوئه وأعتقد أنه لو كانت الصحفية الإخوانية أكملت سؤالها فكان السيسي سيجيب عليها إجابة تفشل مخططها لإحراجه، ولكن السيسي ظل على هدوئه فكان التصرف اللائق من المستشارة الإلمانية وهي التي رفضت أسلوب الصحفية وتخطيها النظام وأنهت ميركل المؤتمر وطالبت السيسي بالمغادرة معها، ومن ثم فشل مخطط هذه الصحفية وظهرت أمام العالم أنها تتخطى النظام ولا تلتزم بالمهنية والقواعد.
أما ما فعله محلب فظهر معه أن رئيس حكومة مصر يهرب من المواجهة بينما الصحفي ظل على هدوئه وفي مكانه وسلطت عليه الأضواء عقب مغادرة محلب، فكان المشهد أن محلب فتح لهذا الصحفي شباكه على مصراعيها ليسجل فيها هدفا إخوانيا بكل سهولة.