مازالت حلقة يوم السبت الماضي من برنامج “من الأخر” مع تامر أمين تثير السخرية علي مواقع التواصل الإجتماعي لما جاء فيها من تصريحات حول وجود مجلس خفي يدير العالم و يهدف إلي حبك مؤامرات ضد مصر.
تامر أمين قام بإستضافة الخبير الإستراتيجي اللواء حسام سويلم و دكتور أمجد إسماعيل للحديث عن حروب الجيل الخامس – لا الرابع- و هو مصطلح لا وجود له سوي في برنامج تامر أمين.
المقصود بحروب الجيل الخامس في تلك الحلقة هو إستخدام تقنيات سرية لإحداث تغييرات مناخية و جيولوجيه تتسبب في إحداث كوارث طبيعية مثل البراكين و الزلازل و الأمطار السامة في المناطق المستهدفة.
و بحسب ما قال الخبير الإستراتيجي حسام سويلم، يتم إستخدام برنامجين عسكريين في تلك الحرب السرية، برنامج “هارب” الأمريكى و برنامج “نقار الخشب” الروسي.
ضيف تامر أمين أوضح أكثر من مرة أن مصدر المعلومات التي سيعرضها هو الإنترنت و أن المشاهدين يستطيعوا التأكد من كل ما يقوله بالبحث.
وفيما يلى إستعراض لبعض ما جاء من معلومات علي لسان ضيوف حلقة تامر أمين، و نتيجة البحث عنه علي الإنترنت للتأكد من مدى صحته.
ذكر ضيف تامر أمين أن ديك تشيني حين كان وزير دفاع في حكومة جورج بوش الأب قام بإفتتاح صندوق باندورا ، ليعقب تامر أمين مترجمًا “صندوق الطماطم؟” ، فيجيبه سويلم بالتأييد، و ذكر سويلم وجود 6 أسلحة بالصندوق ، من ضمنها أسلحة حرب النجوم، حرب الهارب، الكيميتريل، اسلحة النبض الكهرومغناطيسية، و ذكر سويلم أن ذلك الكلام منشور في الإنترنت.
و لكن مصطلح “صندوق باندورا” بالتأكيد ليس “صندوق للطماطم”، بل هو تعبير مجازى يقصد به وصف قيام الشخص بفتح باب يجلب الشرور ، و يعود ذلك المصطلح إلي أسطورة إغريقية قديمة، عن امراة تدعى باندورا منحها زيوس صندوق يحتوى علي جميع الشرور البشرية و أمرها بعدم فتحه، إلا أن باندورا فتحت الصندوق فخرجت كل الشرور، و أسرعت باندورا بإغلاق الصندوق فتبقي بداخله الأمل فقط،أى انه مصطلح يُقصد به أن ديك تشيني قام بالإعلان عن أسلحة فتاكة تجلب الشرور، و ليس اسم لصندوق الاسلحة السرية الأمريكية.
أما اسلحة حرب النجوم، حرب الهارب ، الكيميتريل و أسلحة النبض الكهرومغناطيسية فكلها تدور حول نفس الأمر، فبرنامج هارب العسكري الأمريكي يهتم بإمكانية تطوير وتعزيز تكنولوجيا المجال الأيوني للكرة الأرضية لأغراض الاتصالات اللاسلكية والمراقبة ، و هو برنامج تم بتمويل مشترك بين القوات الجوية الأمريكية و البحرية الأمريكية و جامعة الأسكا، و توجد محطة أبحاثه الرئيسية بمنطقة عسكرية بالقرب من ولاية ألاسكا الأمريكية.
و يواجه هارب (برنامج الشفق النشط عالي التردد – High Frequency Active Auroral Research Program) إتهامات بكونه خلف عدة كوارث طبيعية حدثت حول العالم مثل الفيضانات و الزلازل و البراكين.
اما الكيميتريل أو “الأثر الكيميائي”، فهي نظرية مؤامرة تقول أنه يوجد سلاح كيميائي يتم إطلاقه من الطائرات شبيه بالعادم الذي تتركه الطائرات خلفها، و يتكون من غاز كيميائي ينتشر في السماء و يتسبب في أمطار سامة تؤدي إلي نشر الأمراض و تصحر الأراضي، و بدأت تلك الشكوك في عام 1995 و مازالت مستمرة حتى الأن، و قام سلاح الطيران الأمريكي بإصدار بيانات لإنكارها، إلا أن الجدل حول وجودها من عدمه قد لا ينتهي قبل عشرات السنوات.
ثاني المواضيع التي طرحها تامر أمين في حلقته هو ما أسماه ضيفه الخبير الإستراتيجي حسام سويلم بمؤامرة Jedi Mind Tricks ، لكنه قام بترجمة كلمة Jedi بطريقة خاطئة إلي كلمة “يهودى”، و تحدث عن مؤامرة “العقل اليهودى الخداع” كما وصفها.
بداية Jedi هو اسم الفرسان في سلسلة أفلام Star Wars – حرب الكواكب- و هي كلمة لا علاقة لها بمعنى اليهودية.
و Jedi Mind Tricks هو اسم لفريق غنائي امريكي يقدم موسيقي الhip hop ، و الصورة التي عرضها سويلم ماهي إلا بوستر دعائي لألبوم غنائي يتعاون فيه فريق Jedi Mind Tricks مع عدة فرق موسيقية أخرى، لإصدار عمل فني مشترك تحت مسمي فريق Army of the Pharaohs ، أما عنوان الالبوم فهو “The Unholy Terror ” .
لكن سويلم كان لديه وصف أخر لبوستر الألبوم و جعله “العقل اليهودي الخداع يقدم الجيش الفرعوني الإرهابي الغير مقدس”، و أن تلك رسالة تحذير منهم لأنصارهم لكي يأخذوا حذرهم من الجيش المصري في أحداث 25 يناير.
ثم بدأ ضيف تامر أمين في عرض الصور التي تثبت وجود مؤامرة ضد مصر علي يد “العقل اليهودى الخداع”.
و كانت اول صورة تحتوى علي نص لإحدى التدوينات بعنوان “تدمير مصر”، منقولة من مدونة بعنوان “مفتاح الكون”، التدوينة المنشورة في 20 نوفمبر عام 2010،و تحتوى علي نص غير مفهوم المعنى ، و لا يختلف كثيرًا عن نوعية محتوى المدونة الأقرب للهذيان، و هي واحدة من 27 تدوينة قام صاحب المدونة بنشرهم في نفس اليوم، ضمن 2172 تدوينة تم نشرهم علي المدونة في شهر نوفمبر 2010.
ضيف تامر أمين نسب تدوينة “تدمير مصر” إلي شخص وقع الرسالة تحت اسم “ملك الملوك” و تحدث عن كونه شخص مجهول الهوية، بينما التدوينة موقعة باسم صاحب المدونة “كارلوس ميخيا” الذي يعرف نفسه في مدونته بحامل مفتاح الكون، و يوضح أن
الهدف من المدونة هو إثبات ان الكون ما هو إلا وهم كبير، و يضع ميخيا في مدونته روابط لصفحاته علي فيسبوك و يوتيوب.
التدوينة الثانية التي تم عرضها ، منسوبة لنفس المدون، و ربطها سويلم بإقتحام المتحف المصري يوم 28 يناير 2011، قائلًا انها تمت كتابتها في نفس توقيت إقتحام المتحف.
تلك التدوينة محذوفة من المدونة، لكن محرك بحث جوجل يظهرها ضمن أرشيف مدونة أخري لنفس المدون مكتوبة بتاريخ 13 يناير 2011، و لا يمكن قراءتها نظرًا لأن دخول المدونة مقتصر علي قائمة أشخاص حددهم صاحبها، أى ان محتواها غير متاح للعامة.
ثم تحدث الضيف الأخر الدكتور أمجد مصطفي إسماعيل، عن تجارب “هارب” التى يجريها الجيش الأمريكى، و ذكر عدة معلومات فيزيائية إختتمها قائلًا أن عند إصطناع كارثة طبيعية بواسطة برنامج هارب، ستقوم أشعة الميكرويف بتسخين الأرض، فتقوم الأرض بالرقص علي أنغام الهارب، لذلك اسموا البرنامج بـ “هارب”.
و أعلن ضيف تامر أمين صراحة ان مصدر معلوماته هو مواقع التواصل الإجتماعى، أى ان الدكتور امجد إسماعيل قام بأبحاثه عن برنامج هارب علي موقع فيسبوك، و ربما ذلك يفسر سبب إعتقاده أن كلمة “هارب” هي الة موسيقية و ليست إختصار لاسم المشروع.
و نسب إسماعيل استاذ الفلسفة الفنية، الذي وصفته بعض وسائل الإعلام بالخبير في العلوم الفيزيائية ، جميع الكوارث التي حدثت في عهد مبارك من سرطنة للأغذية و زلازل و هبوط أرضي في الطرق و إنهيار الكباري إلى برنامج “هارب”.
و الجدير بالذكر أن الدكتور أمجد مصطفي إسماعيل سبق له إعلان أن أمريكا ستقوم بإصابة مصر بزلزال كبير يوم 13 نوفمبر 2014 بإستخدام سلاح هارب، و ذلك بعد رؤيته لغاز الكيميتريل في السماء، و هو ما لم يحدث.
ثم اختتم تامر امين حلقته بمداخلة هاتفية مع ثالث خبراءه الذي وصفه بـ “الدكتور احمد فتوح الباحث في شئون الإقتصاد و التمويل”.
و خلال تلك المداخلة قام فتوح بإستعراض عدة معلومات مجهولة المصدر أرفقها بأرقام و تواريخ و تفاصيل متداخلة، ليقر في خلاصة نظريته أن أمريكا قررت إنشاء الإحتياطى الفيدرالي عام 1965 للقيام بأعمال مشبوهة تابعة لجهاز الإستخبارات الأمريكية.
و ربما فات عليه إيضاح كيفية حدوث ذلك بالرغم من وجود نظام الإحتياطى الفيدرالي الأمريكى منذ عام 1913.
فتوح قام ايضًا بالحديث عن صراع خفي بين قوتان عظمتان، الأولي تسعي لتدمير العالم و الثانية تسعي للقضاء علي المخطط الشرير، و أن المجموعة “الطيبة” تسمي بالفئران الرمادية و أمتلكت 90% من البنوك المشتركة في المؤامرة الشريرة، و أن تلك المجموعة رفضت ما حدث لمصر في ثورة يناير 2011، لأنها لا تعترف بأى عاصمة في العالم سوي مصر، و أنهم يسعوا للقضاء علي المخطط الماسوني للسيطرة على العالم.
و هو ما لم يعقب عليه أى من تامر أمين أو ضيفاه، بالرغم من أنه ينفي تمامًا كل ما جاء طوال الحلقة من وجود قوي عظمي خفية، تتمثل في مجلس إدارة العالم، تسعي لتدمير مصر.
ما حدث في حلقة برنامج “من الأخر” هو أن تامر أمين سمح لضيوفه لمدة ساعة و ربع أن يقوموا بعرض معلومات من الإنترنت أغلبها يعتمد علي محتوى منشور في مدونات و صفحات فيسبوك كأنها معلومات وثيقة، هو ما لا يمكن لوم ضيوف البرنامج عليه، لأن بحسب مقدمة تامر أمين للفقرة، هو من طلب من ضيفه الخبير الإستراتيجي حسام سويلم الحضور للحديث عن حروب الجيل الخامس بعدما أخبره عنها في حلقة سابقة من البرنامج.
و بالتالي كل ما جاء في الحلقة كان يعرفه تامر أمين و فريق المعدين و تم تنسيقه قبل الحلقة، و تم مراجعة محتوى المادة التي سيعرضها الضيوف جيدًا قبل ظهورها علي الشاشة أثناء الشرح، و لا يُعفي تامر أمين من مسئوليته الكاملة عن الحلقة التي حاول التبرؤ مما جاء فيها بعد تعرضه لموجة من السخرية علي مواقع التواصل الإجتماعى، معلنًا عدم إقتناعه بما قيل عن وجود لمجلس إدارة العالم، و أن كل ما ورد في البرنامج هو أراء ضيوفه التي يعرضها التي لا يجب أن يكون مؤيد لها، لكن يبدو أن تامر أمين عليه إعادة مشاهدة الحلقة مرة أخري ليتابع مدى تأييده و إنفعاله مع كل معلومة قالها ضيوفه.